يصل رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله الاثنين إلى قطاع غزة، في أول زيارة منذ أكثر من عامين ونصف لبحث المصالحة الفلسطينية وفي مسعى لوأد الانقسام الفلسطيني المستمر منذ أكثر من عقد. ومن المتوقع أن يصل الحمد الله برفقة عشرات الوزراء والمسؤولين إلى قطاع غزة ظهر الاثنين، في أول خطوة هامة في اتجاه تسلم الحكومة مسؤوليات من حركة حماس التي تسيطر على القطاع. وسيلتقي الحمد الله بعد ظهر الاثنين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ورئيسها في قطاع غزة يحيى السنوار. وسيترأس اجتماع الحكومة الأسبوعي الثلاثاء في غزة. وتم نشر مئات من قوات الأمن التابعة لحركة حماس في شوارع مدينة غزة وقرب الفندق الذي سينزل به الحمد الله، بحسب مراسل لفرانس برس. وفشلت جهود وساطة عديدة، خصوصا عربية، في تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني. ولكن جهودا مصرية أثمرت أخيرا قبولا من الحركتين بمحاولة إنجاح المصالحة هذه المرة. وسيطرت حماس على قطاع غزة منتصف العام 2007 بعد أن طردت عناصر فتح الموالين للرئيس الفلسطيني محمود عباس إثر اشتباكات دامية. وتفرض إسرائيل منذ عشر سنوات حصارا جويا وبريا وبحريا على القطاع الذي يبلغ عدد سكانه نحو مليوني شخص. وشهد قطاع غزة المحاصر ثلاث حروب مدمرة بين العامين 2008 و2014 بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية. ويعتمد أكثر من ثلثي سكان القطاع الفقير على المساعدات الإنسانية. حماس أكثر براجمتية ويأتي ذلك بعدما أعلنت حركة حماس موافقتها في 17 سبتمبر على حل "اللجنة الإدارية" التي كانت تقوم مقام الحكومة في قطاع غزة، داعية حكومة الحمد الله الى الحضور وتسلم مهامها في غزة. كما دعت الى إجراء انتخابات. ويرحب أبو موسى حمدونة (42 عاما) بزيارة الحكومة إلى القطاع حيث يقيم، داعيا إياها إلى "إلى النظر إلى شريحة الشباب وأزمة الكهرباء وحل أزمة غزة" من أجل تحسين ظروف الحياة فيها. وتبقى قضايا عدة شائكة يتعين بحثها بين الطرفين، بينها استعداد حماس لمشاركة السلطة في القطاع، وتسليم أمن القطاع إلى السلطة الفلسطينية. وحصلت القطيعة بعد ان فازت حماس في انتخابات 2006 التشريعية، ورفض المجتمع الدولي قبول حكومة حماس وطالب الحركة أولا بنبذ العنف والاعتراف بإسرائيل واحترام الاتفاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ووقعت حركتا فتح وحماس اتفاق مصالحة وطنية في أبريل 2014، تلاه تشكيل حكومة وفاق وطني. إلا أن الحركتين أخفقتا في تسوية خلافاتهما، ولم تنضم حماس عمليا الى الحكومة. واتخذت السلطة الفلسطينية سلسلة قرارات خلال الاشهر الأخيرة للضغط على حركة حماس، بينها وقف التحويلات المالية الى القطاع، وخفض رواتب موظفي السلطة هناك، والتوقف عن دفع فاتورة الكهرباء التي تزود بها إسرائيل القطاع، بالإضافة إلى تحديد عدد التصاريح الطبية التي تسمح لسكان غزة بتلقي العلاج خارج القطاع المحاصر. ويرأس محمود عباس السلطة الفلسطينية منذ العام 2005. وكان يفترض أن تنتهي ولايته بعد أربع سنوات، لكن لم تجر انتخابات رئاسية منذ ذلك الوقت. وتغلق السلطات المصرية معبر رفح، المنفذ الوحيد لسكان القطاع على الخارج، وتفتحه استثنائيا للحالات الإنسانية في فترات متباعدة. ويرى خبراء أن خطر انفجار داخلي بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية في غزة، مع العزلة المتزايدة وضغط من بعض مسؤوليها، دفع حركة حماس إلى أن تكون أكثر براجماتية والقبول بالمصالحة مع حركة فتح. "مجرد تمويه" وأعرب مسؤولون من حركتي فتح وحماس عن ثقتهما بفرص نجاح هذه الجولة من المصالحة، بسبب التدخل المصري المباشر. ووصل وفد مصري رفيع المستوى الأحد إلى غزة للإشراف على تسلم الحكومة لمهامها ومحادثات المصالحة. ويرى محللون أن قبول حماس حل لجنتها الإدارية جاء كمناورة تكتيكية للخروج من أزمتها، مشككين في تخلي حماس عن سيطرتها عن الأمن. ومن القضايا الشائكة المعلقة أيضا مصير عشرات آلاف الموظفين الذين وظفتهم حماس في غزة في عام 2007. بالإضافة إلى شكوك حول قبول محمود عباس بضلوع غريمه اللدود ومنافسه في حركة فتح محمد دحلان بأي دور في غزة. علما بأن حماس تقوم منذ أشهر باتصالات مع دحلان. والزيارة التي تقوم بها الحكومة الفلسطينية إلى غزة مجرد بروتوكول. وسيتم بحث باقي تفاصيل المصالحة في القاهرة في الأيام المقبلة. ويبقى القبول الدولي بالمصالحة مسألة هامة، إذ يعد الانقسام الفلسطيني أحد أهم العوائق التي تقف أمام التوصل إلى حل للنزاع مع إسرائيل. وتعترف السلطة الفلسطينية بإسرائيل، بينما يبدو الأمر غير وارد بالنسبة لحركة حماس الإسلامية، على الرغم من نشرها في بداية هذا العام ميثاقا جديدا أكثر براجماتية. ويبقى السؤال إن كانت حماس مستعدة للاعتراف باسرائيل والتخلي عن "الكفاح المسلح". وحول هذا، علق وزير البناء الإسرائيلي يواف غالانت "إن كان الرد ايجابيا، يمكننا الحديث عن الكثير من الأمور. وإذا كان سلبيا، فيعني أن لا شيء تغير وهذا ليس سوى مجرد تمويه".