تصوير – أحمد طرانه: ناشد الدكتور عمر فاروق، سفير مسلمي ميانمار (بورما) في مصر، وعضو مجلس حقوق الإنسان في بلاده، وزارة الخارجية المصرية، التدخل، لحل أزمة مسلمي بورما (وبالأخص الروهينجا)، مشيرًا إلى أن السفارة المصرية في ميانمار حاولت التدخل لكن دون جدوى. مصراوي أجرى حواراً مع سفير مسلمي بورما، قال فيه إن أزمة المسلمين في ميانمار ليست وليدة اليوم، فمنذ سنوات يتعرضون للاضطهاد من الدولة ذات الأغلبية البوذية، خاصة مسلمي الروهينجا الذين يتمركزون بشكل أساسي في إقليم راخين، لكن الأزمة الأخيرة التي وقعت في أغسطس الماضي أثارت القضية على الساحة الدولية بشكل واسع. وأكد عمر فاروق أن ميانمار تتعمد اضطهاد المسلمين، وتجريدهم من حقوقهم كمواطنين، متهمًا إسرائيل بمساعدتها على قتل المسلمين من خلال بيع الأسلحة لها، وتدريب الجيش البورمي.. وإلى نص الحوار: - بداية، من هم الروهينجا؟ الروهينجا هي ثاني أكبر قبيلة مسلمة في ميانمار، ويبلغ عددهم من 2 إلى 3 ملايين فرد بحسب ما يقول زعيم القبيلة. عندما دخل الإسلام، بورما، أصبحت هناك 5 مدن يتحدث أهلها اللغة العربية، أبرزهم إقليم راخين، أو كما كان يُعرف قديما باسم "أراكان"، والذي تسكنه الروهينجا منذ مئات السنين. - قائد جيش بورما يؤكد أن الروهينجا لا جذور لها.. ما تعليقك؟ غير صحيح، فالروهينجا والمسلمون بشكل عام لهم تاريخ في بورما، وبالأخص بإقليم أراكان منذ أن كان (الإقليم) دولة مستقلة قبل عام 1784، حيث كان يعيش به حوالي 60% من البوذيين و40% من مسلمي الروهينجا. وهناك كتب ووثائق كُتبت باللغة البورمية، ثم تُرجم بعضها إلى الإنجليزية، تثبت وجود حكام مسلمين لدولة أراكان ووجود عملة إسلامية منذ عام 1400م. وبعد الاستقلال عن الاحتلال البريطاني عام 1945م، تولى أكثر من وزير مسلم في حكومة ميانمار، كما كان هناك أكثر من دبلوماسي مسلم منهم سفير ميانمار بمصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. - إذًا متى بدأ اضطهاد المسلمين داخل الدولة البورمية؟ قبل عام 1962 كان الجميع يعيشون في سلام، فلا توجد تفرقة في الحقوق والواجبات بين مسلم أو مسيحي أو بوذي، لكن بعد سيطرة المجلس العسكري، والذي يُسمى "مجلس الدولة للسلام والتنمية" على الحكم في ميانمار، أصبح محظورًا على المسلمين دخول الجيش، وتعيينهم كوزراء أو دخولهم في الحياة السياسية بشكل عام. وفي السبعينيات ازدادت القيود على المسلمين، وعلى الروهينجا بشكل خاص، باعتبارها أكبر القبائل، وصلت إلى حد منعهم من الدخول إلى العاصمة البورمية دون تأشيرة، كل هذه كانت عقوبات فرضتها الحكومة على المسلمين .. عقوبات دون سبب. وهذا الاضطهاد دفع الروهينجا للجوء إلى الهجرة بشكل كثيف. - وما الأسباب الحقيقية وراء هذا الاضطهاد؟ أود أن ألفت أن ميانمار لا تضطهد الروهينجا، أو المسلمين فقط، بل كل الأقليات في الدولة تعاني من الاضطهاد. وحكومة ميانمار تعامل الأقلية المسلمة كمواطنين درجة ثانية بل كأجانب، وهي دائما تحاول تصدير فكرة أن المسلمين هم السبب الرئيسي في اندلاع أي أزمة، وهذا بالطبع ليس صحيح. كما أن الحكومة تريد تفتيت القبائل المسلمة إلى قبائل صغيرة، لكي لا يطالبوا بحقوقهم ولا يتدخلوا في الحياة السياسية. ولابد أن تقول إن الصراع في الأساس هو صراع ديني، وإسرائيل لها دور كبير في إشعال فتيله. - كيف تشعل إسرائيل الصراع؟ إسرائيل لها دور كبير فيما يحدث ضد المسلمين، فهي لا تريد أن تكون هناك علاقة مودة بين البوذيين والمسلمين. وهناك تعاون كبير منذ سنوات بين ميانمار وإسرائيل، إذ ترسل ميانمار قوات من جيشها لتدريبهم على يد قادة الجيش الإسرائيلي، كما تعطي تل أبيب، ميانمار، رغم الحظر الدولي، الأسلحة التي يقتلون بها المدنيين المسالمين. - لكن البعض تحدث عن وجود مسلحين بين الروهينجا واتهمهم بالإرهاب.. فهل هذا صحيح؟ البوذيون لديهم أكثر من 10 قبائل مسلحة، يتلقى أفرادها تدريبات في بلاد مجاورة، فلماذا لم يقولوا إنهم إرهابيون! ولماذا لم يتحدث العالم عن جرائم الإرهابيين البوذيين. عندما يحدث أي عمل إرهابي يتهمون المسلمين فقط، وبهذه الحجة سمحوا لأنفسهم بقتل النساء والأطفال.. فأين حقوق الإنسان من هذا الاضطهاد! أؤكد أن مسلمي بورما بعيدون عن السياسة، وهم يحملون السلاح فقط للدفاع عن أنفسهم، لأن الجيش والشرطة يقفون كالمتفرجين أمام الجرائم التي تُرتكب في حقهم. - وما موقف الزعيمة أونج سان سو تشي الحائزة على نوبل في السلام من الأزمة؟ زعيمة ميانمار باعت المسلمين من أجل السلطة؛ فقبل 10 سنوات كانت علاقتها قوية مع المسلمين، حتى أن أستاذها الذي حمسها للدخول في السياسة كان مسلماً، ولكن موقفها تغير بعد ذلك.. أعتقد أنها تحب السلطة، وهي تحاول الخروج من الأزمة عن طريق الكذب، فهي تنكر اضطهاد المسلمين وتنكر كل شيء. - كيف تقيم موقف الأممالمتحدة والمجتمع الدولي من الأزمة؟ الدول الإسلامية تأخرت كثيرًا في دورها، وأنا أناشدهم التحرك السريع لإنقاذ المسلمين ضد الظلم الواقع عليهم. أما الأممالمتحدة فهي حتى الآن تدين ولا تصدر قراراً، لكن هناك أكثر من 50 دولة أعلنت تضامنها مع مسلمي بورما، وهم من يجب عليهم اتخاذ موقف فعلي، والوقوف لفرض عقوبات من جانب الأممالمتحدة على ميانمار جراء اضطهاد المسلمين. - ماذا عن موقف مصر والأزهر الشريف؟ السفارة المصرية في ميانمار حاولت التدخل، لكن الأمر شديد الصعوبة، ولذلك باءت المحاولة بالفشل، لذا أناشد الخارجية المصرية محاولة التدخل لحل الأزمة. أما موقف الأزهر الشريف فقوي جدًا؛ ففي اجتماع مجلس حكماء المسلمين العام الماضي بالإمارات دعا إلى حل أزمة الإبادة الجماعية لمسلمي بورما، ولابد أيضًا أن يتخذ الآن موقفاً فعلياً ضد ما يحدث. لا توجد دولة تحتضن مسلمي العالم مثل مصر، وأنا تعلمت بها الكثير، ورأيت فيها أخلاقاً جيدة وشعباً طيباً، كما أن الأزهر يُعلم 126 دولة.