أحداث عِدة شهدتها الأزمة القطرية، على مدى الأيام والأسابيع القليلة الماضية، بعد أكثر من 100 يوم من المقاطعة التي أعلنتها المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر ضد قطر، في 5 يونيو الفائت، على خلفية اتهامات للأخيرة بدعم وتمويل الإرهاب والتدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأربع، وهو ما تواصل الدوحة نفيه بشدة. برزت أحدث تطورات الأزمة مؤخرًا في مُبادرة أمير قطر للجلوس على طاولة الحوار في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي، وما تبعها من إعلان المملكة تعطيل الحوار مع الدوحة بعد اتهامها وكالة الأنباء القطرية بتحريف مضمون الاتصال، مرورًا بمُلاسنات ممثل قطر وممثلي الدول الأربع في اجتماع وزراء الخارجية العرب، إلى جانب جولة تميم الأوروبية وما رافقها من احتجاجات، وصولًا إلى دعوات "آل ثاني" لاجتماع عاجل لإنقاذ قطر، فيما وصفته صحف الخليج "انتفاضة ضد تنظيم الحمدين". وفي يلي نستعرض أبرز المحطات التي تجلّت فيها تطورات الأزمة، على مدى الأيام الماضية، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من المقاطعة: اتصال هاتفي أجرى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اتصالًا هاتفيًا مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، 9 سبتمبر، أبدى فيه الأول رغبته في الجلوس على طاولة الحوار ومناقشة مطالب الدول الأربع بما يضمن مصالح الجميع، ورحّب الأخير بهذه الرغبة. وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنه سيتم إعلان التفاصيل لاحقًا بعد أن تنتهي المملكة من التفاهم مع الإمارات والبحرين ومصر. إلا أن الخارجية السعودية عادت وأعلنت تعطيل أي حوار مع قطر حتى يصدر منها تصريح واضح عن موقفها بشكل علني، بعد أن اتهمت وكالة الأنباء القطرية (قنا)، وبعد وقت قصير من الاتصال، بتحريّف مضمون وسياق الاتصال. وقالت (قنا) إنه جاء بناء على تنسيق من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما دفع مصدر مسؤول في الخارجية السعودية يقول إن "ما تم نشره في وكالة الأنباء القطرية هو استمرار لتحريف السلطة القطرية للحقائق، ويدل بشكل واضح أن السلطة القطرية لم تستوعب بعد أن المملكة العربية السعودية ليس لديها أي استعداد للتسامح مع تحوير السلطة القطرية للاتفاقات والحقائق". جولة تميم وفي 14 سبتمبر، بدأ أمير قطر أولى جولاته الخارجية إلى أوروبا منذ اندلاع الأزمة، شملت تركيا وألمانيا وباريس. وأكّد خلال الجولة استعداد الدوحة للجلوس إلى طاولة الحوار لحلّ الأزمة الخليجية، مُشددًا على ضرورة التركيز على "جذور الإرهاب وأسبابه". وصاحبتها عاصفة من الاحتجاجات ضربت عواصم أوروبية تنديدًا بالجولة، من بينها العاصمة الألمانية برلين التي شهدت تظاهرات لعدد كبير من الجاليات العربية والمنظمات الحقوقية الدولية المناهضة للإرهاب، إلى جانب الوقفات الاحتجاجية في ساحة "تروكاديرو" القريبة من برج إيفل، اعتراضًا على على زيارة تميم بن حمد لباريس، وسط مُطالبات بضرورة توقيف حاكم قطر. كما نظّم عدد من المواطنين وقفة احتجاجية في مدينة جنيف السويسرية، تنديدًا بالدعم والتمويل القطري للإرهاب، وذلك على هامش انعقاد الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حسبما ذكرت شبكة "سكاي نيوز" الإخبارية. ووصفت صحف الخليج جولة تميم بأنها "باهتة"، وعدّتها بمثابة "استجداء تعاطف دولي"، مُرجّحة أن تبوء محاولاته لإقناع الدول الغربية التوسّط لإنهاء الأزمة بالفشل. مُشادة كلامية وقبل يومين من جولة تميم، شهد اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عُقِد في مقر الجامعة العربية لبحث الأزمة، تلاسنًا بين وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية سلطان المريخي، وممثلي الدول المقاطعة، بعد أن وصف الأول إيران بأنها "دولة شريفة" في الوقت الذي شبّه فيه الدول الأربع ب"الكلاب المسعورة"، مواصلًا وصفها ب"دول الحصار"، ما اعتبرته الدول الأربع "مهاترات تخرج عن إطار جدول الأعمال". ووصف وزير الخارجية سامح شكري ما ورد في كلمة الوزير القطري ب"التدني الأخلاقي" الذي لا يليق في التحدث مع دول لها تاريخ في الحضارة الإنسانية، رافضًا بشدة ما ورد على لسان الوزير القطري. واعتبرت الصحف توصيف قطربإيران ب"الدولة الشريفة"، صفاقة بالغة وبجاحة دبلوماسية لا نظير لها. دعوات "آل ثاني" دعا الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني -الذي قبلت المملكة العربية السعودية وساطته لتسهيل دخول الحجاج القطريين- في بيان، الأحد، إلى اجتماع "عقلاء وحكماء أسرته وأعيان الشعب القطري" لمناقشة الأزمة الخليجية، بينما يتواجد أمير قطر في الولاياتالمتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال آل ثاني، أحد أبرز رجال الأسرة الحاكمة في قطر، في بيان نشره على صفحته على موقع التدوينات القصيرة تويتر، إن "الوضع يمضي إلى الأسوأ وأن حد التحريض المباشر على استقرار الخليج العربي والتدخل في شئون الأخرين يدفع إلى "نفق مغامرة" وصلت إليه دول أخرى انتهت إلى الفوضى والخراب." وتابع "نظرًا إلى ما آلت إليه الأوضاع، أدعو الحكماء والعقلاء من أبناء الأسرة الكرام، وأعيان الشعب القطري إلى اجتماع أخوي وعائلي ووطني، نتباحث فيه حول كل ما يخص الأزمة، وما نستطيع عمله لنعيد الأمور إلى نصابها ولتقوية اللُحمة الخليجية". واستجابة لدعوة الشيخ عبدالله، وجّه الشيخ سلطان بن سحيم آل ثانى -الابن الثامن للشيخ سحيم بن حمد آل ثاني أول وزير خارجية قطري- خطابًا مُصورًا إلى القطريين، الإثنين، دعا فيه كافة الوجهاء وأعضاء العائلة الحاكمة للاجتماع لطرد من وصفهم بالخائنين وتحصين قطر من الحاقدين والدخلاء. كما لاقى بيان الشيخ عبدالله قبولًا واسعًا لدى المعارضة القطرية، وأكّد الناطق باسم المعارضة القطرية، خالد الهيل، أن الشيخ عبدالله يقود تصحيح المسار في خطوة جبارة، مشددًا على احتياج القطريين إلى من يصحح المسار لا من يؤزّمه.