قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن التقارب الحاصل بين القاهرة وقطاع غزة من شأنها التخفيف من حِدة أزمة الطاقة التي يُعاني منها القطاع، وهو ما يرفع بدوره التهديدات بالنسبة لإسرائيل بشكل واضح. وكان وفد قيادي من حماس برئاسة عضو المكتب السياسي روحي مشتهى، توجّه في زيارة إلى القاهرة، مطلع الشهر الجاري، لاستكمال ومتابعة التفاهمات التي جرت بين الحركة ومصر خلال زيارة قام بها وفد للحركة الشهر الماضي. وشرعت وزارة الداخلية في قطاع غزة بإنشاء منطقة عازلة تندرج ضمن إجراءات ضبط الحدود الجنوبية مع مصر. ومن المُقرّر أن يزور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن) القاهرة، الأحد، لعقد اجتماع طارئ مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، فيما يبدو على أنها آخر محاولات أبومازن لإعاقة اتفاق بين مصر وحماس، يُفتح بموجبه معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة أمام الموالين للقيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان، وترفع مصر من إمداداتها من الكهرباء لغزة. وبحسب تقرير نشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني، اليوم السبت، يحاول الجانب المصري الذي فاجأ نظيره الإسرائيلي بإصراره على تحقيق تقدّم في المبادرة مع حماس، تحقيق عدة أهداف في آن واحد، أبرزها: "توثيق العلاقات مع حماس، الحدّ من الوجود القطري في غزة، ومعاقبة عباس- الذي رفض الاستدعاءات المصرية للمصالحة مع دحلان- في نهاية العام الماضي، والدفع بدحلان في موقع يُمكّنه من خلافة عباس مُستقبلًا - كقائد قادر على السيطرة على كل من غزة والضفة الغربية في وقت واحد". وأضافت الصحيفة أن "المُصالحة المحدودة بين حماس ودحلان إلى جانب تخفيف الحصار المفروض على غزة بات مُمكنًا الآن"، مُرجّحة صعوبة تحقيق أهداف مصر التي وصفتها بأنها "أكثر طموحًا وتعقيدًا". وبالرغم من عدم تجاوز حماس لاستفزازات دحلان، الذي قمع الحركة بيد من حديد في أواخر التسعينات، تؤكّد "هآرتس" حاجة الحركة إليه وإلى مصر لمُعالجة أزمتيّ الكهرباء والمياه في قطاع غزة، الأمر الذي يُفسّر استعداد الحركة لقبول أشياء قابلتها بالرفض في الماضي. وتُشير "هآرتس" إلى تزايد اعتماد حماس على مصر بسبب قطر، الداعم المالي الرئيسي لها، بعد قطع عدة دول عربية وإسلامية العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها، 5 يونيو الفائت، بقيادة السعودية. وفي الوقت ذاته، تُدرك إسرائيل الحاجة إلى ضرورة تخفيف الأزمات الضاغطة في غزة، لا سيما أزمة الكهرباء، التي أجبرت حماس على دفع 8 ملايين شيكل (2.3 مليون دولار) لأول مرة لإدارة محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع، بحسب ما أعلنه رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي لأعضاء الكنيست، الأربعاء. وأوضحت "هآرتس" أن أزمات القطاع لا تُقدّم لحماس أية خيارات سوى التحرّك وفق "الإجراءات المصرية"، التي توقّعت الصحيفة عدم تدخّل إسرائيل فيها، خاصة وأنها تعرف أن الأمر سيستغرق ما لا يقل عن ثلاث سنوات قبل أن يبدأ مشروع البنية التحتية الجديدة في غزة بإظهار نتائج إيجابية. ومع ذلك، هناك تهديدان تنطوي عليهما تلك الإجراءات. أولًا يُنظر إلى دحلان على أنه الأكثر فسادًا بين جميع المسؤولين الفلسطينيين في الوقت المُرجّح أن يعود مُجددًا لينخرط في هيكل السلطة في غزة، بما يُثير احتمالية وقوع أزمة داخلية في القطاع. وثانيًا، فإن فتح معبر رفح برعاية مصر يرفع مخاطر تهريب الأسلحة والمتفجرات عبر المعبر. وفي تحليل سابق، نشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني 17 يونيو الفائت، قالت إن "إسرائيل ترغب في حل أزمة الكهرباء في غزة ليس لأسباب إنسانية، بل خوفًا من اندلاع أعمال عنف بالقطاع، في الوقت الذي تنظر فيه مصر إلى اعتبارات أخرى؛ فالقاهرة -حسب هآرتس- تسعى لتحييد قطر وتركيا في غزة بجانب إبعاد حماس عن إيران. وسوف يكون عليها إعطاء شيء ما في المقابل، ولو على حساب إسرائيل، مثل فتح معبر رفح والذي قد يقلل من تأثير الحصار الإسرائيلي على القطاع".