كشفت وثيقة إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، والتي تم نشرها مؤخرًا، عن الاتفاق على إلغاء الحد الأقصى للتحويل للخارج والبالغ 100 ألف دولار سنويًا، وحد 50 ألف جنيه شهريًا للشركات العاملة في استيراد السلع غير الأساسية مع نهاية يونيو المقبل. وتعاني الأسواق حاليًا من ارتفاع كبير في أسعار السلع المستوردة وإحجام العديد من المستوردين عن استيراد السلع خاصة غير الأساسية بسبب حالة الركود بعد ارتفاع الأسعار مما أدى لنقص في بعضها، فهل إلغاء هذه الحدود الباب سيكون إيذاءً بانفراجة لأزمة نقص بعض السلع وارتفاع الأسعار، أم قد تؤدي لعودة السوق السوداء وارتفاع الدولار وبالتالي ارتفاع الأسعار بقوة؟ من جانبه، رحب حمدي النجار رئيس الشعبة العامة للمستوردين، بإعلان برنامج الحكومة للإصلاح اتفاقها مع صندوق النقد الدولي على إلغاء الحدود القصوى للتحويل للخارج، ولإيداع العملات الأجنبية بالبنوك، ولكن الترحيب خالطه التحفظ. وقال النجار لمصراوي، إنه في حال عودة توفر الموارد الدولارية مع تنفيذ هذه الإجراءات بنهاية يونيو ستكون خطوة في الاتجاه الصحيح ومؤشرًا على أن الاقتصاد يتعافى وبالتالي سيتزامن مع ذلك حدوث ارتفاع في سعر الجنيه أمام الدولار، وهو ما سينتج عنه توافر كل السلع التي تشهد نقصًا منها في الفترة الأخيرة، بالإضافة لتراجع الأسعار. ولكن النجار أبدى تشككًا في تحقق ذلك خلال شهر يونيو، مرجعًا ذلك إلى أن الفترة غير كافية لعودة مصادر العملات الأجنبية من استثمار أجنبي وسياحة وتحويلات وغيرها لطبيعتها أزمة العملة في مصر وبالتالي إذا تم تنفيذ هذه الإجراءات في هذه الحالة فسينتج عنها مشكلة. وأوضح أن هذه المشكلة تتمثل في حدوث ضغط على العملات بالأسواق بسبب الطلب عليها نتيجة عمليات الإيداع التي تتم لصالح عمليات الاستيراد أو تحويلات الأرباح أو غيرها وهو ما سيعود بالسوق السوداء بقوة ويرفع من أسعار الدولار إلى مستويات جديدة أمام الجنيه. من ناحيته، أوضح فتحي الطحاوي عضو شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، أن إلغاء سقف الإيداع بالعملات الأجنبية والتحويلات للخارج ليس كافيًا لحل أزمة نقص أي سلع مستوردة في الأسواق أو ارتفاع أسعارها، لأن ذلك يعود إلى عدة عوائق من جهات مختلفة. ولفت الطحاوي لمصراوي، إلى أن هذه العوائق تشمل أيضًا توقف تسجيل المصانع التي تصدر إلى مصر بحسب قرار لوزير الصناعة رغم تقدم العديد من المصانع الموافقة للشروط المطلوبة ومنهم من تقدم بالطلب على التسجيل منذ 10 و11 شهرًا ولم يتم تسجيلها حتى الآن. ونوه بأنه بالتالي مع انخفاض عدد المصانع المسجلة فالمعروض من المنتجات يقل وبالتالي ترتفع أسعارها على المستورد وبالتعبية على المستهلك، حيث لم يتم تسجيل سوى ما بين 7 إلى 10 بالمئة من ضمن المصانع المتقدمة منذ صدور القرار وذلك دون أسباب واضحة للتوقف. ونبه الطحاوي إلى أن العائق الثاني الصادر عن وزارة التجارة والصناعة اشتراط إصدار شهادة للفحص المسبق في البلد المصدر رغم أنه يتم فحصها مرة أخرى في مصر، وهو ما يزيد من تكاليف الاستيراد وبالتالي زيادة أسعار المنتجات المستوردة. وأوضح أن ما هناك عوائق تخص وزارة المالية ومنها تثبيت سعر الدولار الجمركي على مستوى مرتفع حتى نهاية شهر فبراير وهو 18.5 جنيهًا وبالتالي يتم تقييم السلع بأسعار مرتفعة وزيادة الرسوم الجمركية المحصلة عليها وهو ما يرفع من سعر المنتج، كما أن الأسعار الاسترشادية الخاصة بالجمارك تقيم بعض السلع بأزيد من سعرها في بلدها بنسبة 30 بالمئة، وبالتالي رفع تكلفتها وأسعارها. وذكر الطحاوي أن ذلك يأتي بالإضافة إلى قرارات البنك المركزي السابقة من اشتراط مخاطبة بنك لبنك في حالات مستندات التحصيل وهو ما ترفع من تكلفة الاستيراد بسبب العمولة، وعدم توفير البنوك العملة اللازمة لعمليات الاستيراد، بالإضافة إلى وضع حدود للتحويلات وإيداع العملات الأجنبية وهو الإجراء الوحيد الذي تم الإعلان أنه سيتم إلغاءه حتى الآن. وقال إن المطلوب بجانب إلغاء سقف الإيداع والتحويل لعودة السوق إلى طبيعته، أن يتم تدبير العملة اللازمة لعمليات الاستيراد، وفتح الباب أمام تسجيل المصانع، وإلغاء شهادة الفحص المسبق والاكتفاء بتسجيل المصنع المصدر وفحص الشحنات في مصر، بالإضافة إلى مراجعة الأسعار الاسترشادية التي يتم تقييم الرسائل المستوردة على أساسها. وأثار القرار الذي فرضه هشام رامز المحافظ السابق للبنك المركزي المصري، في فبراير 2015 بفرض حد أقصى على الإيداع بالدولار ب 50 ألف دولار شهريًا حفيظة المستوردين، حيث تسبب القرار في الشهور الأخيرة لرامز في البنك بأزمة تكدس السلع في الموانئ بسبب عدم سداد قيمتها للمصدرين بالخارج، وعدم توافر السلع بالشكل الكافي بالأسواق. ولكن طارق عامر المحافظ الحالي قام بتخفيف هذه القيود عبر زيادة سقف الإيداع من أجل استيراد السلع والمنتجات الأساسية إلى 250 ألف دولار، ثم قام بإلغاء هذه الحدود على شركات هذه السلع والمنتجات، والأشخاص الطبيعيين في مارس الماضي، ليبقيها فقط على مستوردي السلع غير الأساسية. وتشهد الفترة الحالية ارتفاعًا في تكلفة الاستيراد بعد تحرير سعر صرف الجنيه والزيادة الكبيرة في سعر الدولار أمام الجنيه، بالإضافة إلى بعض الإجراءات الحكومية القديمة والحديثة التي تستهدف ترشيد الاستيراد، والمساهمة في حل أزمة العملة ومن ضمنها استمرار هذا القرار.