26 طفلًا في قبضة المرض النادر.. والمنصورة الأعلى نسبة ب13 حالة الدقهلية – مي الكناني: لم تشفع صرخاتهم وأوجاعهم في إيجاد حل لمرض أبنائهم النادر، سنوات سواد قضوها بين وقفات احتجاجية ومحاكم، على أمل الحصول على موافقة حكومية للعلاج على نفقة الدولة. بعض الأهالي حصل بالفعل على موافقة للعلاج على نفقة الدولة، إلا أن الأمر، لم يختلف كثيرًا عن غيرهم، فما زالوا تحت رحمة "وجود ميزانية"، الميزانية التي لا تنقذ أحدًا. بطون منتفخة، وأكباد تتألم على فراش الموت، وآباء يعتصرهم الألم على فلذات أكبادهم، وهم عاجزون عن دفع الضر عنهم، لينهشهم مرضي "الجوشر" و MPSالنوع السادس النادرين، وهما من أمراض التمثيل الغذائي. ويعد الجوشر وmps من الأمراض التي تنتقل بالوراثة إلى الطفل، ويحمل اسم مكتشفه الطبيب الفرنسي Philippe Gaucher الذي قدمه للعالم عام 1882 للمرة الأولى، وتختلف أعراض المرضين ومضاعفتهما حسب عمر الطفل والنوع المصاب به. ضحايا الجوشر و"mps" ويبلغ عدد المصابي بمرض الجوشر 26 مصابًا على مستوى الجمهورية، بينهم 13 بالدقهلية وتقلص عددهم إلى 8 بعد وفاة 5 منهم، في غضون العامين الماضيين. فيما بلغ عدد مرضى "MPS" الأشد ألمًا 9 حالات داخل المحافظة، فتك بحالة واحدة. أعراض المرض يعتبر الجوشر من الأمراض الوراثية، يظهر إثر تراكم مادة تابعة لإنزيم مفقود في الكبد، ما يؤدي إلى تضخم وانتفاخ البطن، ويُحدث تشنجات وضعف في الحركة والنمو العقلي، كما يسبب ضمورًا في المخ وتضخم الطحال، حسب الدكتور محمد سرحان، أختصاصي أمراض الأطفال. ومن أعراض المرض أيضًا حدوث ضعف في إنتاج خلايا الدم، ونزيف حاد، وأنيميا، والتهابات رئوية. أما بالنسبة لمرضMPS، فأعراضه لا تختلف كثيرًا بل تزيد في تضخم الكبد وارتجاع في صمامات القلب، وضعف السمع والبصر، وعتامة القرنية، وانحناء بالعمود الفقري، وعدم القدرة على الحركة. أزمة علاج وحيد محمد أبو العلا، من مدينة أجا، أب لطفلتين فقد إحداهن بسبب مرض "الجوشر"، عامين ونصف العام قضاهم بين المستشفيات والأطباء بحثًا عن علاج ل"مريم" دون جدوى، ليفقدها ويستمر في معاناته في علاج ابنته الثانية بسملة، 3 سنوات، التي تعاني نفس المرض. يقول الأب إن الحالة الواحدة تحتاج إلى 4 حقن شهريًا تكلفة الواحدة 10 آلاف جنيه، الأمر الذي يعد مستحيلًا على أسرة محدودة الدخل، ما دفعه للمطالبة بحق نجلته في العلاج، ورفع دعوى قضائية حصل فيها على حكم بالعلاج على نفقة الدولة، وحتى الآن لم ينفذ، رغم الوعود المستمرة باقتراب حل الأزمة. أما إبراهيم مستجير، أب لثلاث بنات مصابات بمرض "MPS"، فلا يختلف عن زميله في المعاناة، هاجر 11 عامًا، وسارة 6 أعوام، وأمل عامين وشهر، يعاني الأمرين من أجل الحصول على علاج لبناته. يقول إن جرعة العلاج تختلف حسب وزن الطفلة، فكل 5 كيلو جرامات تحتاج حقنة 5 مل تكلفتها 15 ألف جنيه و500 جنيه، مشيرًا إلى أن نجلته الكبرى يبلغ وزنها 16 كيلوجرامًا، والوسطى 15 كيلوجرامًا، والصغرى 9 كيلوجرامات، فكيف يتحمل تكاليف علاجهن؟ ويضيف أنه حصل أيضًا على حكم قضائي في 18 نوفمبر 2013 لصرف علاج نجلتيه الكبرى والوسطى، لكنه لم يستطع علاجهن حتى الآن والسبب "مفيش فلوس في الوزارة". 231 مليون جنيه من الصحة وخلال تصريحات صحفية في سبتمبر الماضي، أعلن الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة السابق، إنه خصص 231 مليون جنيه لعلاج الأمراض الوراثية التي تتسبب في نقص تكوين الإنزيمات بالجسم. وفي نوفمبر الماضي، أعلنت وزارة الصحة، موافقة المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، على شراء عقار "النجلازيم" اللازم لعلاج الأطفال الذين يعانون من مرض التصلب المتعدد "MPS" الوراثي، وذلك لمدة ثلاثة أشهر بقيمة إجمالية بلغت 16 مليون ونصف المليون جنيه. وردًا على ذلك، يقول الدكتور سعد مكي، وكيل وزارة الصحة بالدقهلية، إنه التقى بأهالي المصابين بالمحافظة، وأوضح لهم موقف الوزارة من العلاج، وأنه يتكلف 5 ملايين جنيه سنويًا، مشيرًا إلى أنه لا يعلم موقف الميزانية التي أعلن عنها سابقًا. وقفات احتجاجية ونظم أهالي الأطفال وقفات احتجاجية أمام ديوان عام محافظة الدقهلية، ورئاسة الوزراء، للمطالبة بحق ذويهم في العلاج على نفقة الدولة خاصة مع حصولهم على أحكام قضائية لم تنفذ حتى الآن، ما يهدد حياتهم في أي وقت. يقول الدكتور مرهف الموجي، مدير عام فرع التأمين الصحي بالدقهلية، إن الوزارة لم تحصل حتى الآن على موافقة مجلس الوزراء لاستيراد الدواء وعلاج الأطفال مجانًا. ويضيف أن الأمر يفوق قدرة الوزارة والقطاع، ويلزم الموافقة المباشرة من رئيس الوزراء، وأن تكلفة علاج الجوشر ل8 أطفال فقط تصل إلى 100 مليون جنيه سنويًا، في حين أن اشتراكات الأطفال في التأمين الصحي على مستوى مصر تبلغ 200 مليون جنيه فقط لجميع المرضى. ويوضح الموجي أن الدواء المعالج للمرض بحثي غير معتاد وغير مسجل بالوزارة، ولم تثبت نتائجه بعد، كما أنه غير شاف وفعاليته غير مضمونة، متابعًا أن العلاج يستورد من الخارج من خلال مناقصة، لا بد أن توافق عليها الصحة أولًا. الأمراض الوراثية تقول الدكتورة سهير يحيى، أستاذ الوراثة بمستشفى أطفال المنصورة، إن زواج الأقارب واحد من أسباب الأمراض ذات الصفات الوراثية المتنحية، منها أنيميا البحر الأبيض المتوسط، وضمور العضلات، والتمثيل الغذائي. وتضيف أن نتائج الزواج من الأقارب، يحمل أحدهما جين متنحي "صفة وراثية توجد عند عدد قليل من البشر" يكون أحد أسباب المرض بنسبة تصل إلى 25% من أبناء الأسرة الواحدة، لكنها ليست نسبة ثابتة، فمن الممكن أن يصاب الأبناء جميعًا. وتوضح أن الأمراض الوراثية لا تسبب الوفاة إجمالًا، لكن قد يدفع الإهمال وتأخر التشخيص إلى الوفاة، لافتة إلى أنه لا يشترط أن تظهر أعراض المرض الوراثي في المولود، لكن يمكن أن تظهر بعد مرور 10 سنوات. العلاج على نفقة الدولة وقبل ستة أشهر من الآن أعلنت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، دعمها لحقوق مرضى "الجوشر"، وتقديم الدعم القانوني، والحراك السلمي لهم. يقول وليد نصر، عضو المفوضية بالدقهلية، إنهم ساهموا في تنظيم وقفة احتجاجية في يونيو الماضي أمام ديوان عام المحافظة، لإيصال معاناة الأطفال للمسؤولين، فضلًا عن رفع قضايا لبعض الأسر حصلوا خلالها على أحكام قضائية بأحقية العلاج على نفقة الدولة. ويوضح أن المفوضية مستمرة في دعم حقوق تلك الأسر لصرف العلاج إعمالًا بأحكام القانون والدستور. طرق الوقاية يقول الدكتور محمد سرحان، اختصاصي أمراض الأطفال، إنه في حال ظهور حالة مصابة ب"الجوشر" في العائلة، يجب إجراء فحوصات للتعرف على نسبة القرابة بين الزوجين، والتأكد ما إذا كان هناك بويضة تحمل المرض، وفي هذه الحالة تجرى عملية جراحية لإزالتها قبل الحمل، أما إذا كانت طبيعية، فيمكن إجراء حمل مجهري لضمان ولادة طفل سوي بنسبة 100%. كما يوجد فحص للطفل فور ولادته للتأكد من إصابته، وذلك عن طريق إجراء تحليل للإنزيم المفقود، وعند اكتشاف الإصابة، يتم حقنه بمادة مضاعفة بصورة سريعة لضمان عدم تأثر المخ، ويستطيع بعدها أن يكمل حياته بشكل عادي.