امرأة كسرت حاجز المستحيل..وأصبحت أول طبيبة مصرية

كتبت - شيرين عمر:
الطب مهنة صعبة للغاية، ودراستها شاقة. ولم يكن من السهل على النساء قديماً الالتحاق بجميع المراحل التعليمية، فكان تعليم الفتيات يقتصر حتى السنة الثالثة الابتدائية فقط، وغير مصرح لهن بالتقدم إلى الامتحانات العامة ولا حتى شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، فما بالك بدراستهن للطب؟!
فماذا عن امرأة مصرية درست الطب، بل وشاركت في الكفاح الوطني للمرأة المصرية ضد الاحتلال الإنجليزي؟ هيلانة سيداروس من مواليد طنطا سنة 1904، وهي أول طبيبة مصرية تلتحق بمدرسة لندن الطبية لتدرس الطب مع خمس مصريات أخريات. هيلانة كأي فتاة مصرية في هذا الوقت، لم يكن أمامها خيار إلا أن تتوقف عن التعليم بعد السنة الثالثة الابتدائية، أو تُكمل التعليم لتصبح مدرسة، ولهذا سلكت الطريق الثاني. فالتحقت هيلانة بكلية البنات القبطية وهي في الثامنة، ثم أرسلها والدها للالتحاق بالقسم الداخلي بمدرسة السينية بالقاهرة ثم التحقت بعد ذلك بكلية إعداد المعلمات.
هيلانة تسافر في بعثة إلى إنجلترا
وفى السنة الثانية بالكلية، ترشحت هيلانة لبعثة حكومية للسفر إلى إنجلترا لدراسة الرياضيات، نظراً لتفوقها الشديد بها. ولكن ما لم تعلمه هيلانة أن دراستها في لندن تعادل شهادة إتمام الدراسة الثانوية في مصر، وهذا ما دفعها إلى إرسال خطاب إلى الملحق الثقافي بالسفارة المصرية بلندن تطلب منه الموافقة على العودة إلى مصر لاستكمال دراستها. وحدث ما ارادته هيلانة بل وجاء الملحق الثقافي لمقابلة هيلانة بلندن، ولكن حدث ما لم تتوقعه، فقد عرض عليها دراسة الطب.
ففي ذلك الوقت كانت قد تأسست في مصر جمعية "كيتشنر" "Kitchner" التذكارية بهدف إقامة مستشفى للنساء تتولى إدارتها طبيبات مصريات، ولهذا تم الاتفاق على تدريب فريق من الطالبات المصريات بإنجلترا. التحقت هيلانة بمدرسة لندن الطبية للنساء مع خمس مصريات أخريات في عام 1922.
عملها في مصر، وتركها للطب، وانضمامها للعمل الخيري
اتممت هيلانة دراستها عام 1930 وحازت على شهادة في الطب والتوليد من الكلية الملكية البريطانية، وباشرت بالعمل بمستشفى كيتشنر وفتحت بعدها عيادة في منطقة باب اللوق. وبعد أن تجاوزت سن السبعين، شعرت هيلانة أنه من الأفضل لمصلحة المرضى إلا تعمل وهي على مشارف الشيخوخة، لهذا استقالت من عملها وانضمت إلى الجمعية الخيرية القبطية للعمل الاجتماعي.
الكفاح الوطني ضد الإنجليز
عاشت هيلانة في ظروف صعبة، بسبب الاحتلال الإنجليزي لمصر، وهذا ما دفعها وهي لم تتعدى الخامسة عشرة من عمرها للمشاركة في المظاهرات التي قادتها الفتيات والسيدات، وكانت جزء من الكفاح الوطني ضد الاحتلال الإنجليزي. كما أنها كانت تشارك في اجتماعات الحركة النسائية بقيادة صفية زغلول من أجل مقاومة الاحتلال ومقاطعة البضائع الإنجليزية.
هيلانة مثال أنه لا يوجد ما يسمى بالمستحيل، فكما قال المغنى البريطاني "مايكل نولان": "لا تفكر بالأحلام التي تناسب قدراتك، فكر بالمقلوب؛ فكر بالقدرات التي تناسب أحلامك".