ولُدت هيلانة بمدينة طنطا في 13 يناير 1904، في تلك الفترة كان تعليم الفتيات قاصراً حتي السنة الثالثة الابتدائية فقط، غير مصرح لهن بالتقدم إلي الامتحانات العامة ولا حتي شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، كان قيادتهن للسيارات أمر يثير الدهشة والاستغراب وغير مألوف، هذا بالإضافة إلي أن المهنة الوحيدة التي كانت متاحة للمرأة هي مهنة التدريس!! فبالإضافة إلي كل هذه القيود ذ التي كانت هي سمات تلك الفترة ذ فإن هيلانة كانت طفلة ضعيفة البنية فلم تتمكن من الذهاب إلي المدرسة في السن المقررة لذلك التحقت بكلية البنات القبطية وهي في الثامنة من عمرها. في تلك الكلية كانت ناظرة المدرسة والمدرسات جميعهن إنجليزيات باستثناء مدرس اللغة العربية فقد كان شيخاً يرتدي الزي الأزهري. كانت تحلم بأن تكون طبيبة!! لتعالج المرضي وتخفف عنهم آلامهم علي الرغم من أن ظروفها في ذلك الوقت لم تكن تنبئ بذلك. بعد دراستها الابتدائية التحقت بكلية إعداد المعلمات. بعد أن أنهت دراستها بالسنة الثانية بكلية إعداد المعلمات تم ترشيحها علي بعثة حكومية للسفر إلي إنجلترا لدراسة الرياضيات!! وذلك نظراً لتفوقها في هذا العلم. فرحت جدا هيلانة بهذا الترشيح كما أن أسرتها وافقتها علي السفر لما توسمت فيها من نبوغ وعبقرية في التفكير الرياضي. فسافرت إلي لندن 1922 للتخصص في الرياضيات وتُعد هي وزينب كامل حسن من أوائل الدارسات بإنجلترا. بعد فترة من بداية دراستها علمت أن الدراسة ستقتصر علي ما يعادل شهادة إتمام الدراسة الثانوية في مصر وفي نهاية الدراسة ستحصل علي خطاب يحدد تخصصها!! غضبت هيلانة لهذا الأمر وسارعت بإرسال خطاب إلي المستشار الثقافي (أو الملحق الثقافي كما كان يطلق علية في ذلك الوقت) بالسفارة المصرية بلندن تطلب فيه موافقته علي رغبتها في العودة إلي مصر لاستكمال دراستها هناك. وحدث أنه بعد مضي أسبوع من إرسال خطابها هذا حضر السيد المستشار الثقافي إلي المدرسة بلندن التي كانت تدرس بها وطلب مقابلتها وقدم لها عرضاً لدراسة الطب وكان قد تأسست في مصر في ذلك الوقت جمعية كيتشنر التذكارية بهدف إقامة مستشفي للمرضي من النساء فقط وعلي أن تتولي إدارتها طبيبات مصريات فقط ولهذا تقرر تدريب فريق من الطالبات المصريات بإنجلترا وقد اخُتيرت هيلانة واحدة من أعضاء هذا الفريق. وافقت هيلانة علي هذا الترشيح الجديد كما وافقت أسرتها أيضاً. وبعد أن اجتازت هيلانة الامتحان النهائي للمرحلة الثانوية بإنجلترا التحقت بمدرسة لندن الطبية للنساء مع خمس مصريات أخريات ذ كان ذلك عام 1922. كان تقدمها لدراسة الطب في إنجلترا سبب دهشة الأساتذة الإنجليز. ولأنهم أشفقوا عليها من مشقة دراسة الطب عرضوا عليها أن تتخصص في مجال التعليم في رياض الأطفال!! لكنها رفضت بإصرار وقبلت التحدي بدراسة الطب. كانت الاسابيع الأولي من دراستها في الطب، شاقة للغاية إذ كانت مادة التشريح تسبب لها آلاماً وضيقاً. لكن بعد فترة تقبلت نوعية الدراسة في الطب واجتازت فترة الدراسة بنجاح وتفوق وفي عام 1929 أصبحت طبيبة مؤهلة لممارسة مهنة الطب وهي تبلغ من العمر 25 عاماً.