عادت هيلانة إلي مصر عام 1930 ومعها شهادة الطب والتوليد من الكلية الملكية البريطانية والتحقت للعمل بمستشفي كيتشنر بالقاهرة. في ذلك الوقت كانت الطبيبة المقيمة بالمستشفي إنجليزية وبعد أن عادت إلي وطنها شغلت د. هيلانة مكانها بكفاءة. وفي عام 1935 بعد أن انتهت الفترة الإلزامية التي ينبغي أن تقضيها في المستشفي، عرض عليها د. علي بك فؤاد العمل في رعاية الطفولة مع فتح عيادة. وتذكر د. سلمي جلال، أن الدكتور عبد الله الكاتب شجعها وعاونها علي فتح عيادتها في باب اللوق بالقاهرة وفي نفس الوقت كانت تقوم بعمليات الجراحة والتوليد بالمستشفي القبطي بالقاهرة بناء علي طلب من الدكتور نجيب باشا محفوظ (1882 1972) رائد علم أمراض النساء والتوليد بمصر. كان من بين آلاف الأطفال الذين ولدوا علي يديها الأستاذ الدكتور طارق علي حسن نجل صديقتها الرائدة في علم الكيمياء الدكتورة زينب كامل حسن. في كثير من الأحيان كان يتم استدعائها في منتصف الليل لمساعدة سيدة علي وشك الولادة، فكانت تقود سيارتها الخاصة بنفسها في وسط دهشة المارة في الطريق وتذهب لمقر إقامة السيدة للوقوف بجانبها. لذلك كانت تري الطب مهنة صعبة تحتاج إلي تضحيات كثيرة وانه بدون الرغبة الشديدة في دراسة الطب يصُعب الاستمرار فيها. فما أحوجنا في هذه الأيام إلي تلك الروح الإنسانية الصادقة في مهنة الطب. عندما قامت ثورة 1919 شاركت هيلانة وهي أبنه الخامسة عشرة من العمر في المظاهرات التي قادتها بعض الفتيات والسيدات في ذلك الوقت، وبعدها استمرت في المشاركة في الكفاح الوطني للمرأة المصرية ضد الاحتلال الإنجليزي. وكانت تتردد علي منزل الزعيم سعد زغلول الذي عُرف باسم بيت الأمة، حيث كانت تشارك في اجتماعات الحركة النسائية بقيادة السيدة صفية زغلول من أجل مناهضة الاحتلال الأجنبي ومقاطعة البضائع الإنجليزية ثم انضمت إلي جمعية هدي شعراوي. بعد أن تجاوزت السبعين من عمرها رأت انه ليس من الصالح لمرضاها أن تستمر في العمل إذ أن الشيخوخة كانت قد أدركتها فأستقالت من عملها وانضمت إلي الجمعية الخيرية القبطية للعمل الاجتماعي. تلك الجمعية التي اهتمت بإنشاء المستشفي القبطي بالقاهرة كأول مستشفي وطنية في مصر وذلك بغرض توفير مكان لإقامة المرضي المصريين وقد تم افتتحاها عام 1926. وبعد ذلك بعدة سنوات بدأت تظهر مستشفيات وطنية أخري بالقاهرة والإسكندرية مثل مستشفي المواساة بالإسكندرية والمستشفي القبطي بالإسكندرية ومستشفي الجمعية الخيرية الإسلامية بالعجوزة. في فترة عملها بالجمعية الخيرية القبطية اهتمت بترجمة العديد من الكتب للأطفال ومشاهير الرجال. كانت في الفترة الأخيرة من حياتها تعيش في شيخوخة صالحة، بعد أن خدمت الوطن بصفة خاصة والإنسانية بصفة عامة بأمانة كاملة. وفي صباح الخميس 15 أكتوبر 1998 انتقلت بسلام من عالمنا الأرضي إلي عالم الخلود مدينة الأحياء. د. هيلانة سيداروس شخصيه مصرية أضاءت مسرح الأحداث في الثلث الأول من القرن العشرين وأثرت بصدق في مجري الأمور واستطاعت بإرادة حديدية ان تحرك القوي الكامنة لدي الناس وساهمت بوعي وفكر مستنير في إطلاق طاقتهم المبدعة.