حسمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، اليوم السبت، الجدل الدائر حول الكشف الطبى لمرشحى البرلمان، وعما إذا كانت الدولة تتحمل تكاليف الكشوف والفحوص الطبية اللازمة أم يتحملها المترشح ذاته، وذلك قبل ساعات من فتح بابا الترشح. وقضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا، بإعتبار أن قرار رئيس اللجنة العليا للانتخابات بإلزام طالب الترشيح لمجلس النواب بالتقدم لتوقيع الكشف الطبى عليه بالمستشفيات التى تحددها وزارة الصحة، لبيان مدى تمتعه باللياقة البدنية والذهنية والنفسية بالقدر الذى يكفى لأداء واجبات العضوية، وأنه ليس من متعاطى المخدرات والمسكرات مقابل سداد 4200 جنيها، وألزمت المدعى المصروفات. وقالت المحكمة إن الادعاء بتحمل المرشحين لانتخابات مجلس النواب ثمن تكلفة الكشوف الطبية والفحوص اللازمة تعد تمييزا بين المرشحين على أساس النصاب المالى بإقصاء غير القادر ماديا عن سداد تلك المبالغ عن مباشرة حقه السياسى، فذلك مردود عليه بأنه فى مجال تغليب المصالح فإن المصلحة العليا للوطن تفوق المصالح الخاصة للأفراد. وأكدت على وجوب إجراء الكشف الطبى المذكور على نحو ما كشف عنه حكم محكمة القضاء الإدارى الدائرة الأولى بالقاهرة الصادر بجلسة 20 يناير 2015 حقا وصدقا وعدلا، كان لتحقيق غاية مثلى تمس أجيال الأمة تتعدى فى مغزاها وفحواها مجرد حق شخصى لكل مترشح على حدة، تتمثل فى أنه يتعين ألا يكون المترشح لانتخابات مجلس النواب ممن يتعاطون المخدرات والمسكرات أو مصابا بأحد الأمراض البدنية والذهنية والنفسية بالقدر الذى لا يكفى لأداء واجبات العضوية بما يؤثر على قدرات المشرع فى سن القوانين، لأن البرلمان ليس آلة للتشريع، ولكنه عقل التشريع، سعيا لتحقيق وكفالة الاختيار الأمثل لأعضاء المجلس ووصولا إلى تشكيل مجلس نواب جدير بمصر الحديثة بعد ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيه 2014. وأضافت المحكمة أن وجوب الكشف الطبى المذكور غايته اختيار مجلس نيابى يليق بمصر وتلافيا للشبهات التى حاقت ببعض المجالس النيابية السابقة، مما كان له مردوده السيئ فى التغول على حقوق الأفراد وحرياتهم، فكان حريا بألا يتضمن مجلس النواب القادم من بين أعضائه على سبيل المثال من يتعاطى المخدرات والمسكرات حتى يكون قادرا على الوفاء بالاختصاصات المسندة إليه فى الدستور بموضوعية ونزاهة وشفافية. وذكرت المحكمة بأن الادعاء بأن الكشف الطبى لم ينص عليه القانون فإن الرد عليه أن القاضى الإدارى إعمالا لأحكام الدستور والقانون هو الذى ينشئ القاعدة القانونية العادلة لتحيا فى توازن دقيق بما يملكه من أدواته الفنية الإبداعية المحسوسة والملموسة فى ضوء النصوص الدستورية والقانونية. وبما يحقق التناغم بين هذه النصوص دون تصادم أو تنافر، والحاصل أن سكوت المشرع عن النص على تمتع المترشحين لمجلس النواب باللياقة البدنية والذهنية والنفسية بالقدر الذى يكفى لأداء واجبات العضوية. وأنهم ليسوا من متعاطي المخدرات والمسكرات جاء تأكيدا لاستقراره كأصل من الأصول العامة التي لا تحتاج لنص لتقريرها. وأكدت المحكمة أنه لا عبرة كذلك بما ذكره المدعى من وجوب تحمل الدولة تكاليف الكشف الطبى لمترشحى مجلس النواب، ذلك أن الترشح يعد حقا شخصيا للمترشح فلا يمكن إلزام صاحبه بمباشرته دون أن يكون له الحرية فى إجرائه، ومؤدى ذلك ولازمه أنه لا يجوز تحميل الدولة بمقابل التكلفة الفعلية للكشوف الطبية والفحوص اللازمة لمن يرغب الترشيح وسعت إرادته إليه. واختتمت المحكمة حكمها المهم بأن قرار اللجنة العليا للانتخابات بوجوب إجراء الكشف الطبى المذكور بمقابل سداد التكلفة الفعلية التى تقدرها وزارة الصحة للكشوف الطبية والفحوص اللازمة هو محض عمل تنفيذى لحكم القضاء الإدارى بالقاهرة، ولا يرقى إلى القرارات الإدارية بالمفهوم الفنى الدقيق الذى استقر عليه قضاء مجلس الدولة منذ إنشائه.