عقب إعلان القوات المسلحة المصرية اجتياح خط بارليف وعبورها للقناة في 6 أكتوبر 1973 اندلعت الفرحة في شوارع مدينة السويس، خرج الجميع للاحتفال، وانتظر المًهجَرين من أبناء المدينة قرار الدولة بإعادتهم مرة آخرى، لكن وقعت "الثغرة" واضطرت المدينة الباسلة إلى مواجهة قوات العدو الإسرائيلي وحصاره الذي دام لنحو 100 يوم –من 22 أكتوبر 1973 حتى 29 يناير 1974- التي شهدت العديد من الأحداث البطولية. حسين العشي، أحد أبناء السويس، عايش لحظات الصمود والمقاومة، وعقب انتهاء الحصار قرر أن يُسطر تاريخ الملحمة قبل أن تتحول إلى ذكريات مُعرضة للاندثار مع الوقت "اعتمدت على تسجيل الأحداث على الشهادات الواقعية للأبطال اللي عاشوا التجربة الصعبة". التقى "العشي" بمئات الشخصيات التي لعبت دوريا محوريا خلال صد محاولة الجيش الإسرائيلي احتلال المدينة، ليفسد نجاح القوات المسلحة بعد تلقينهم درسا عسكريا قاسيا، فضلا عن استناده إلى تصريحات صحفية لأطراف المعركة من المسؤولين وشهادات كبار القادة. يُمسك "العشي" بكتابه "خفايا حصار السويس.. 100 يوم مجهولة في حرب أكتوبر 1973" يشير إليه بفَخر "دا أول تسجيل لمرحلة خطيرة في حرب أكتوبر، صمود السوايسة نقطة تحول كبيرة في الحرب"، الكتاب ظل قابعا في أدراج المسؤولين-لأسباب أمنية- لمدة 17 عاما حتى نُشرت الطبعة الأولى في عام 1990. ظل أبناء السويس يتابعون أخبار الحرب، يتلقون من حين لآخر بعض هجمات العدو، لكن الأخبار القادمة من الجبهة كانت تؤكد لهم النَصر، حتى فوجئوا يوم 17 أكتوبر بقصف مركز على ترعة الإسماعيلية يغذي المدينة بالمياة-بحسب العشي- فبدأت الاجتماعات والتجهيزات للتعامل مع هجوم بري محتمل من الإسرائيليين. توغلت قوات العدو الإسرائيلي- المتسللة إلى غرب القناة عبر المنطقة التي تقع شمال البحيرات المًرة- نحو مدينة السويس بعد اشتباكات مع المدفعية المصرية، وبدى واضحا أنها تستهدف المدينة "المحافظ بدوي الخولي اجتمع بالمسؤولين وتم رفع درجة استعداد قوات حماية الشعب والدفاع المدني إلى الدرجة القصوى".