بعد طول مفاوضات وجدل بين الفرقاء السياسيين في تونس، توافقت أغلبية الأحزاب التونسية على تكليف المهندس مهدي جمعة، وزير الصناعة، برئاسة حكومة تكنوقراط "غير حزبية"، تقود البلاد إلى انتخابات، بدلا من حكومة العريض. إلا أن الاختيار قوبل بانتقادات من قبل بعض القوى لقلة خبرته السياسية. وجمعة غير معروف نسبيا لدى الجمهور التونسي، حيث بدأت خبرته السياسية في مارس 2013 بانضمامه إلى الحكومة الحالية برئاسة علي العريش. وأعلن حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، أحد الرباعي الراعي للحوار، يوم السبت عن اختيار مهدي جمعة(51 سنة)، رئيسا لحكومة تكنوقراط مستقلة لتحل محل الحكومة الحالية التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، فرع الإخوان المسلمين في تونس. وكان جمعة واحدا من ستة أشخاص طرحت الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني أسماءهم في وقت سابق اليوم كمرشحين للمنصب، وفي وقت سابق من السبت، بدأ أعضاء الحوار اجتماعا حاسما لاختيار رئيس جديد للوزراء. وجاء ذلك بعدما رفض مصطفى الفيلالي (92 عاما) تولي المنصب بعدما اتفق المشاركون في الحوار عليه في وقت سابق. ويفترض بالحكومة المرتقبة الجديدة أن تقود البلاد حتى إجراء انتخابات برلمانية عامة. ومن المقرر أن تقدم الحكومة الحالية استقالتها رسميا يوم الأربعاء القادم لتتحول إلى حكومة تصريف أعمال لحين تشكيل الحكومة الجديدة، حسبما هو معلن. وفي تقرير لها عن جمعه، قالت وكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) الرسمية، إن المهندس مهدي جمعة ولد في 21 من أبريل من عام 1962 في مدينة المهدية، الواقعة على الساحل الشرقي التونسي، وحصل على شهادة مهندس أول سنة 1988 من المدرسة الوطنية للمهندسين في تونس العاصمة، وبعدها بعام نال شهادة الدراسات العليا في الميكانيكا والتصميم. وتخصص جمعه في مجال التكوين على تطوير المؤهلات العلمية في الأعمال والتدريب في مخطط الأعمال والاستراتيجية والتسويق، على ما تقول الوكالة. وقد شغل جمعة منذ 1990 مناصب عدة في مجال تخصصه في عدد من الشركات الخاصة؛ حيث عمل مديرا في قسم هاتشينسون، وهو فرع من المجموعة الفرنسية العملاقة توتال، المرتبطة بالصناعات الفضائية. ووفقا لما هو منشور على الوكالة، لم يكن لمهدي جمعة أي نشاط سياسي عام قبل تعيينه وزيرا للصناعة في حكومة علي العريض. لكن، وعلى ما يبدو، تمكن جمعة بعمله أن يقنع مؤيده بأنه قادر أن يقود حكومة تكنوقراط باستقلالية وأهلية تامة، حسب رأي القيادي في حزب التحالف الديمقراطي محمود بارودي. وتميز مهدي جمعة خلال فترة توليه منصب وزير الصناعة بعدم المشاركة في المعارك السياسية التي خاضتها الطبقة السياسية وعلى كل المستويات، حيث لم يدل بأي تعليق أو تصريح سياسي، واكتفى بالحديث عن مجال اختصاصه في تصريحاته العلنية. كما لم ينشط جمعة سياسيا في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وفي ظل حالة الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي تعيشها تونس منذ عدة أشهر، سعى جمعه لدى الشركات وأصحاب القرار الأوروبيين للحصول على استثمارات جديدة من أجل المساعدة على إعادة بناء الاقتصاد التونسي، رغم بقاء نسبة البطالة التي كانت من أسباب ثورة الياسمين في 2011، مرتفعة. وربما تصعب قلة خبرة رئيس الحكومة الجديد في مجال السياسة الأمنية، من مهمته في قيادة الحكومة، خاصة في الوقت الذي يحتدم فيه الصراع السياسي والعسكري مع الجماعة المتشددة خاصة جماعة أنصار الشرعية.