اعتبر قضاة وحقوقيون قانون السلطة القضائية الذي يناقشه مجلس الشورى قبل أيام، خطوة نحو استكمال مخطط إخواني لتمكين الجماعة من حكم البلاد وتقويض حقوق الشعب فى مواجهة السلطة الجائرة على حقوقه، بعد فقدان الرئيس المنتخب شرعيته بمخالفته الإعلان الدستورى الذى أقسم اليمين وفقاً له - بحسب قولهم. وقال شريف هلالي، المحامي والمدير التنفيذي للمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الانسان في ندوة لها، أن هناك صراعا في الفترة الأخيرة حول العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية في مصر، ويضرب هذا الصراع مبدأ الفصل بين تلك السلطات الرئيسية، والذي يعتبر مبدأ مستقر في الحياة البرلمانية والديمقراطية في البلدان المختلفة. وأدان هلالي هذه الهجمة ضد المؤسسة القضائية واستهداف القضاء من جانب السلطة التنفيذية وجماعة الإخوان المسلمين، خاصة عقب تولي الدكتور مرسي مقعد الرئاسة سواء بضرب الأحكام القضائية عرض الحائط والصدام المتكرر مع المحكمة الدستورية العليا وإضعاف دورها من خلال الدستور الحالي وعزل 7 من أعضائها؛ وحصارها من جانب اعضاء جماعة الإخوان، ثم إصدار الإعلان الدستوري في نوفمبر الماضي وانتهاء بعزل النائب العام السابق بالمخالفة للقانون ولمبادئ استقلال القضاء. وأضاف أن هذا الاستهداف تصاعد بشكل متزايد حيث يسعى حزبا الحرية والعدالة وحليفه حزب الوسط إلى تعديل قانون السلطة القضائية، سواء بتقليل السن إلى 60 عاما وهو ما سيؤدي عمليا إلى عزل 2500 قاض مما يعتبره أغلب القضاة مذبحة جديدة للقضاء أو بإضعاف دور الجمعيات العمومية للمحاكم، أو بإجبار القضاء على الإشراف على الانتخابات. وأوضح أنه رغم قيام مؤسسة الرئاسة بإصدار تطمينات للقضاء والمجلس الأعلى للقضاء بعدم مناقشة أية تعديلات على قانون السلطة القضائية إلا بعد عرضها على المؤسسات القضائية وانتهاء مؤتمر العدالة الثاني، إلا أن مبادرة مجلس الشورى الذي يقود سلطة التشريع بشكل استثنائي بموجب نص فُصل خصيصا لإعطاء هذا الدور للمجلس المشكل من 7% من المصريين والمعين ثلثه اشعلت الموقف مرة أخرى ومن جانبه قال المستشار هشام اللبان، رئيس محكمة الجيزة الابتدائية خلال ندوة أقامتها المؤسسة في سياق صالونها الثقافي، إن الجماعة أطلقت شعار ''تطهير القضاء'' مضللة المصريين حول حقيقة وواقع منظومته، والتى تعاني أزمات منذ عقود تقترن فيها أسباب تأخر العدالة بأداء الجهاز الإداري، ومستخدمة أدوات غير نزيهة فى تحصين قرارات الرئيس ضد الطعن القضائى عليها، ومستغلة منح الشورى اختصاص تشريعي في غير محله لتمرير قانون جائر على السلطة القضائية، مشيرا إلى أن مشروع القانون المعروض مشروع (لقيط) والأغلبية العظمي للقضاة ترفضه ولن يرَ النور باذن الله والشعب هو مصدر السلطات، وحقيقة ما يجرى هو صراع بين السلطة التنفيذية والمحكمة الدستورية العليا، عارضا لفكرة اعمال السيادة ومدى احقية الدستورية بالنظر فيها. وأضاف اللبان، إن وجود القانون مطلب قديم يرجع إلى وثيقة مؤتمر العدالة الأول المنعقد عام 1986 والتي أصلت لأزمة القضاء المصري وظلت حبيسة الأدراج منذ عهد الرئيس المخلوع مبارك، ليحضر مرسى كأول رئيس منتخب ويتجاهلها، وتبدأ جماعته فى استنساخ قوانين غير شرعية يصيغها غير مؤهلين، فى أعقاب تخلص مرسى من النائب العام واختيار بديل وفقاً لهواه، وحصار أنصاره المحكمة الدستورية التي أصدرت حكمها بحل البرلمان لعدم دستورية قانون انتخابه، متوقعاً عدم صدور القانون بسبب صمود القضاة وفشل تسييس القضاة واتحاد جمعياتهم العمومية بالأقاليم والعاصمة ضد نص يكتب خدمة لحاكم. فيما رأى المستشار محمد عبد الهادى، المتحدث الاعلامى للجنة شباب القضاة والنيابة العامة، القانون ''المشبوه'' فى طريقه للمرور والإقرار كما حدث مع الدستور والاعلانات السلطوية، لافتاً إلى إصرار الإخوان على تسييس القضاء المصرى بوضع ''السلطة القضائية'' فى باب ''نظام الحكم'' فى دستورهم مع السلطتين التنفيذية والتشريعية الممارستين للسياسة، حتى يتمكن الحاكم من مفاصل الدولة كاملة. ورأي عبد الهادي أن، تسييس القضاء مصيبة كبرى، منتقدً عبد الهادي محاولات النظام تصوير القضاة بأنهم يريدون مساندة مبارك وهو خارج السلطة، من المفترض اذا كان القضاة يبحثون عن مصالحهم فليساندوا مرسي . وتابع عبد الهادى، إن لجنة صياغة قانون مجلسى الشعب والشورى لم تتهم بالتسييس حينما ضمت بجاتو وصبحى صالح وصاغت قانوناً حرم المواطنين من الترشح والمنافسة بعيدا عن القوائم، وبعد حكم الدستورية ببطلانه اتهموا المحكمة بأنها مسيسة، حتى إذا ما حضرت محاكمة مبارك وسجنه بسبب ''امتناعه'' عن حماية الثوار والمتظاهرين، عادوا يشوهون القضاء رغم إمكانية قيام المجلس العسكرى وبضغوط القوى السياسية من إنشاء محكمة ثورة خاصة بالقضية. كما أشار عبد الهادي إلى أن القضاة لن يسمحوا بالافتئات على الدستور والسيطرة على السلطة القضائية ومن سيدفع الثمن اذا تمكنت السلطة من ذلك هو الشعب. واستطرد أن فساد البعض داخل منظومة القضاء يواجه فوراً ويؤخذ بالشبهات من الجهات المختصة داخل المؤسسة القضائية مثل التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى، ونادى القضاة هو محام عن القضاة، والرئيس فقد شرعيته باصدار الاعلان الدستوري الذي سعى فيه لتحصين قرارته و بالجور على الإعلان الدستورى المكمل، ومع عزله النائب العام كان رد فعلنا ''قانونياً'' وليس سياسياً حتى نحتفظ للشعب باستقلال قضاءه بعيداً عن أطماع استعمارية للسلطة. وتعهد عبد الهادى برفض كل إغراءات الرئاسة للقضاة بترقيات الشباب ومساواتهم بشكل غير قانونى بقضاة الدستورية، مشيراً إلى وقفتين للقضاة فى 3 و 30 يونيو ضد مقصلة النظام الذى يلاعب القضاة عبر أحزاب ''وسط'' يباشر قادتها نوعا من النفوذ بسبب مصاهرتهم رئيس المكتب الفنى للنائب العام الحالى، لافتاً إلى تحمل القضاة ضرائب سنوية على دخولهم تتراوح بين 12 و 45 % منذ حضور مرسى إلى الحكم. ووصف عصام الاسلامبولى المحامى بالنقض، القضاء بالسلطة الأخيرة التى يمارس من خلالها الشعب سيادته، بعد أن استحوذ الحاكم وجماعته على الحكومة والبرلمان، متهما الإخوان بالكذب على المصريين والخلط بين مفهومي ''هيئة وجهة قضائية'' فى الدستور والقانون، والإبقاء على عدم الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق لدى جهاز النيابة العامة الجامع بين صفتى السلطة القضائية والتنفيذية. واشار الإسلامبولي إلى أن نضال القضاة من أجل الحفاظ على استقلالهم هو نضال من أجل الشعب، مؤكدا أن مصر منذ 12 اغسطس 2012 تعيش في ظل رئيس فاقد لشرعيته، مشيرا إلى أن الإعلانات الدستورية تصدر من سلطة واقعية وليس من سلطة منتخبة. كما أكد أن قانون السلطة القضائية احد القوانين المكملة للدستور ولا يجوز لمجلس الشوري اصدار هذا القانون أو تعديله. الذي يجب ان يتم من خلال مجلس النواب المقبل. وتابع الاسلامبولى، السقوط بين نهجى الشرعية الدستورية والشرعية الثورية أفسد محاكمة ناجزة لمبارك ونظامه ترضى الشعب وتشفى غليل أهالى الشهداء، وكان ينبغى إجراء محاكمات سياسية تبتعد بالقضاء المصرى عن الحرج والإساءة بسبب العوار التشريعى لقوانين عهد مبارك، مشيرا إلى احتياج منظومة العدالة إلى اصلاح وتطوير من خلال اصدار قانون شامل يضم و يصلح أوضاع القضاء ويجمع القوانين الخاصة ب ''السلطة القضائية، مجلس الدولة، المحكمة الدستورية، الادارية العليا، هيئة قضايا الدولة''، بخلاف تعديل قانونى الاجراءات الجنائية والعقوبات والمرافعات، مع وضع باب خاص بكل قضاء فيه، وعدم تولى القضاة مناصب إدارية بعد سن 65 سنة واحتفاظهم بعملهم شرط الرغبة فى البقاء والقدرة على العطاء. واتهم الاسلامبولى مجلس القضاء الأعلى بإهانة شعب مصر والقضاء حينما ذهب 5 مرات إلى رئيس فاقد للشرعية مقابل انتقال الرئيس المخلوع لرئاسة المجلس فى مكان انعقاده بمؤسسة القضاء وليس الرئاسة، ملخصاً إصلاح منظومة القضاء فى ضرورة إنهاء ندب القضاة للعمل لدى السلطة التنفيذية، إلغاء تعيين أبنائهم أو تخصيص نسب لهم، إنهاء مهزلة إبعاد النساء عن العمل بالقضاء رغم وجودهن قاضيات فى 16 دولة عربية، وإلغاء سلطات وزير العدل على الهيئات القضائية لصالح مجلس أعلى للقضاء بهيئاته الثلاث والجمعيات العمومية للمحاكم، وإلغاء سلطة وزيرى العدل والمالية على ميزانية القضاء. كما اقترح الاسلامبولي انشاء شرطة قضائية لضمان تنفيذ الأحكام القضائية . وخضوع السجون لوزارة العدل.