محمد جمال - محمد مهدي: بكاء وصراخ لا ينقطع، من ''ياسين'' الرضيع الذي لم يتعد عمره الشهرين، كأنه يسجل اعتراضه أمام القدر، على ذكرى قاسية ستصاحبه طوال عمره كوصمة عار، وجرح غائر بداخل قلبه الذي تلقى طعنات الغدر والقسوة بدلًا من سهام الحب والتدليل والرعاية، من أقرب الناس إليه، بعد أن أقدمت والدته، هكذا تقول الأوراق الرسمية، على تركه تحت عجلات إحدى السيارات، بشارع التسعين بالقاهرةالجديدة، يواجه الموت بقلب لما يُدنّس بعد، وعقل لا يعي تلك الجريمة النكراء في حقه وحق الإنسانية، وسؤال سقط في بئر الحيرة الذي لا نهاية له، ليمنح له القدر قُبلة الحياة على يد حارس عقار انتشله من تحت عجلات السيارة قبل ان يتحرك بها صاحبها '' هكذا انتقمت أم من زوجها، الذي رفض أن يطلقها، بأن تلقي ابنهما تحت عجلات إحدي السيارات، ليُقتل دهسا، بدون أن ينهش القلق قلبها، أو تتباطأ قدميها في مغادرة المكان، تاركة ابنها فريسة للموت .. أسرار وخفايا، تُكشف ل''مصراوي''، ورحلة خوضناها بداخل ''نفس'' الأم، عندما التقينا بها بعد القبض عليها، داخل محبسها بقسم حدائق القبة بالقاهرة، بعد عرضها على النيابة العامة التى أمرت بحبسها 4أيام على ذمة التحقيقات، لمعرفة ما الذي قد يدفع امرأة لارتكاب تلك الجريمة في حق ابنها ''الرضيع'' بدون أن يطرف لها جفن، وإليك تفاصيل الحوار. بملامح صارمة هادئة، ونظرات ثابتة متربصة، وصوت واثق لا يضطرب، يشي أن صاحبته تجلس في جلسة سمر تبغضها مع إحدي الصديقات، لا من ''متهمة'' بقتل نجلها، تجلس داخل محبسها، روت لنا بكلمات مقتضبة، تفاصيل جريمة يجلس أمامها ''الشيطان'' مندهشا، حيث قالت، أنا ''هبة الله. ع'' من عائلة بسيطة من حدائق القبة، تخرجت في معهد التمريض، منذ أكثر من 9 سنوات، وعملت ببعض المستشفيات الحكومية، وحتى عرفت على زوجي عن طريق عملي، ونشأت بيننا علاقة عاطفية انتهت بالزواج، انجبت بنتًا تبلغ من العمر 4أعوام، وولد يدعى ياسين يبلغ من العمر شهرين. وأضافت المتهمة، كنت أعيش بشقة الزوجية بجوار والدة زوجي بشارع القاهرةالجديدة، وكنا دائمي الشجار، بسبب تدخلها في حياتنا الزوجية، وتحرض نجلها علي، لذلك أخذ زوجى يعاملنى معاملة سيئة، ويقوم بإهانتي أمام أبنتي، وبعد ولادتي ل ''ياسين''، أصيب زوجي في حادث وأصبح كفيفا، وجلس في البيت، عاطلا،بسبب عدم قدرته على الخروج للعمل، فطلبت منه الطلاق لكنه رفض، وقامت والدته بتحريضه ضدي. وتابعت (هبة الله. ع) في اعترافاتها قائلة: ''الفقر والشيطان دفعانى لأتخلص من فلذة كبدي فكل الأبواب كانت مقفولة فى وجهى، فحماتى طردتنى ورفضت تعطينى نقود وأهلى كانوا لايرغبون في أن أعيش معهم فى المنزل، هربا من تحمل مصاريف ولدى''. واستطردت دون أن يتغير صوتها، قائلة، ''يوم الحادث توجهت إليه وأسرته وبرفقتي رضيعي ''ياسين '' وطلبت منه أن يطلقني لأنني لن أستطع العيش معه، لكنه رفض، فتوجهت لأمه وتركت لها رضيعي، فقامت باعطائه لي مرة آخرى وأغلقت باب شقتها في وجهي. تابعت دون أن تسقط منها دمعة واحدة قائلة ''نزلت من الشقة والنار تشتعل بداخلي، ولم أتمالك أعصابي، فقمت بوضع رضيعي أسفل سيارة ملاكي بشارع التسعين للتخلص منه ،وتركته يستغيث ويصرخ، وأخبرت أسرتي أن ابنى توفى وقمت بدفنه بمقابر الصدقة، وفوجئت بالعثور عليه وقيام الشرطة بالقبض علي. واختتمت حديثها وعيناها مغرورقة بالدموع '' قلبى كان بيتقطع عشان رميت ياسين فى قلب الضلمة بالليل وكان بيعيط ويصرخ ودموعه لم تنقطع وكمان كان عنده نزلة برد شعبية شديدة، وجوزى من سنين، وهو نائم فى البيت، ومش شغال وتعبان صحيا، وأنا زهقت لأن أنا إللى شغالة وبأصرف على الأولاد ومع ذلك كان يعاملنى وحش، وكان يتهمنى فى سلوكى وعلاقاتى''. وعلم ''مصراوي'' أن ''أسامة.أ.ا'' حارس عقار عثر على الرضيع ملفوفا بقطعة من القماش، أسفل عجلات إحدى السيارات المتوقفة أمام العقار الذي يحرسه، وأنه أنقذه قبل أن يخرج سائق السيارة ويدهسه، وتم تسليمه لجمعية رسالة لرعاية الأيتام. بداية الواقعة المثيرة ببلاغ تلقاه المقدم شريف فيصل رئيس مباحث قسم حدائق القبة، من ''عواطف السيد حسين''53 سنة'' مقيمة بالمحلية الثلثة بعماره 24 بالتجمع الثالث بالقاهرةالجديدة، تتهم فيه زوجة ابنها هبة الله عبدالله عامر ''27 سنة'' ممرضة بمركز طبى بالتجمع الخامس بقتل حفيدها ''ابن المتهمة'' وذلك بسبب خلافات حدثت بين المتهمة وزوجها''ابن المبلغة''. تم إخطار اللواء جمال عبد العال مدير الادارة العامة لمباحث القاهرة، وتم تشكيل فريق بحث بقيادة العميد عصام سعد مدير المباحث الجنائية والعميد ناصر حسن رئيس مباحث قطاع شمال القاهرة، وتم عمل التحريات وجمع المعلومات وتوصل فريق البحث للمشكو فى حقها حيث تبين أنها تقيم بشارع ابراهيم شحاته من شارع النفراوى بمنطقة حدائق القبة، فتم استدعائها وبسؤالها عن رضيعها ياسين محمد هانى البلغ من العمر ''شهرين'' قالت انه توفى وقامت بدفنه بمقابر الصدقة وبتضييق الخناق عليها اعترفت بالقائه أسفل احدى السيارات بالقاهرةالجديدة. انتقل المقدم شريف فيصل رئيس مباحث حدائق القبة ومعاونه النقيب وسام السحار إلى شارع التسعين بالقاهرةالجديدة وتم العثور على الرضيع ملفوفا بقطعة من القماش برفقة حارس عقار يدعى أسامه أحمد ابو زيد، والذى أقر بانه عثر عليه أسفل عجلات احدى السيارات المتوقفة أمام رقم 347 التى يقوم بحراستها وأنه أنقذه من الموت قبل أن يخرج سائق السيارة بها وتدهس الرضيع. أكدت تحريات العقيد محمد الألفى مفتش مباحث فرقة الزيتون، بعد عرض الرضيع على الطب الشرعى، إصابته بالتهاب رئوى وتم تسليمه لجمعية رسالة لرعاية الايتام.