وصف الشيخ عبد الله بدر، الذي يظهر عبر فضائيات اسلامية محافظة معارضي الرئيس الاسلامي محمد مرسي المعتصمين في ميدان التحرير بوسط القاهرة بأنهم ''جرابيع'' تعبيرا عن التحقير والحط من شأنهم. وفي المقابل يصف معارضو مرسي اتباع جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها بأنهم ''خرفان'' في سخرية من طاعتهم لأوامر قادة الجماعة دون تفكير او مناقشة كأنهم قطيع من الخراف. وذهبت الدعاية السوداء الى اكثر من ذلك في المعركة المحتدمة بين المؤيدين والمعارضين لمسودة الدستور المصري الجديد الذي يبدأ التصويت عليه يوم السبت وسط حالة انقسام في المجتمع لم يسبق لها مثيل. وقتل نحو عشرة اشخاص واصيب المئات في اشتباكات في وقت سابق هذا الشهر بين المؤيدين والمعارضين عند قصر الاتحادية الرئاسي. وقال خبراء ان سيطرة ''الدعاية السوداء'' والاستقطاب على اداء الفريقين تهدد ''بتعميق الانقسام'' الذي اعقب اعلانا دستوريا اصدره مرسي الشهر الماضي ومنحه سلطات مطلقة وحصن قراراته وكذا الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور من احكام القضاء. وقال محمد ابو الفضل الكاتب بصحيفة الاهرام ''كل طرف يتعمد الاساءة للطرف الاخر ولمواقفه .. خطورة هذه المسألة انها تعمق الانقسام داخل المجتمع.'' واضاف ''كل طرف يحاول استغلال عدم دراية قطاع كبير من المصريين بمشروع الدستور.'' واختتمت جمعية تأسيسية يهيمن عليها الاسلاميون صياغة مشروع في جلسة امتدت حتى فجر آخر ايام نوفمبر تشرين الثاني الماضي وسلمته الى مرسي في اليوم التالي قبل يوم من جلسة مقررة للمحكمة الدستورية للنظر في دعاوى تطالب بحل الجمعية. وحاصر مؤيدون لمرسي مقر المحكمة الدستورية في اليوم المقرر للجلسة مما دفع هيئة المحكمة الى اعلان تعليق جلساتها لأجل غير مسمى. وكان اعضاء ينتمون للتيار المدني انسحبوا من الجمعية التأسيسية وانتقد معارضون ما وصفوه بالهرولة لانهاء مسودة الدستور. ويبدأ ملايين الناخبين المصريين الإدلاء بأصواتهم يوم السبت في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد بعد نحو عامين من انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس حسني مبارك. وترفض القوى الليبرالية والمدنية مسودة الدستور قائلة إنها لا تعبر عن جميع اطياف الشعب المصري وبها الكثير من السلبيات فيما يتعلق بالحقوق والحريات بينما يقول التيار الإسلامي إن الموافقة على الدستور الجديد ستحقق الاستقرار في البلاد وستكون إيذانا ببدء بناء مؤسسات الدولة. وقال الخبير الاعلامي ياسر عبد العزيز ''الدعاية المواكبة للاستفتاء نوع من الدعاية السوداء التي وصلت لاقصى درجاتها.'' واوضح ان الطرفين يلجآن الى ''تشويه الحقائق عن الوثيقة وادعاء ان بها ما ليس بها او نفي ما بها من حقائق اساسية. هذه الدعاية السوداء تشوه وعي المواطنين البسطاء بالدستور.'' ونجحت المعارضة في منافسة جماعة الاخوان المسلمين ومؤيديها في حشد مئات الالوف من الناس في مظاهرات بالميادين والشوارع منذ اصدر مرسي المنتمي للجماعة اعلانا دستوريا منح به لنفسه سلطات كاسحة في 22 نوفمبر تشرين الثاني. ويبدو ان المعارضين استمدوا ثقة من قدرتهم على الحشد فنزلوا الى الشوارع في قرى وبلدات كان الاخوان وحلفاؤهم السلفيون يحظون بشعبية فيها إلى حد ما بفضل نشاطهم الخيري والاجتماعي. واثارت مسيرة لعشرات الاشخاص وهم يهتفون ''الدستور باطل'' دهشة واهتمام سكان مدينة قها الصغيرة على بعد كيلومترات قليلة إلى الشمال من العاصمة المصرية القاهرة. فسكان البلدة لم يتعودوا على رؤية مسيرات ينظمها النشطاء المعارضون المنتمون للتيار الليبرالي او المدني لكنهم يعرفون جيدا المسيرات والمؤتمرات الحاشدة التي تنظمها جماعة الاخوان المسلمين. والى جانب الهتافات التي كانت تندد بمسودة الدستور وبالاخوان المسلمين ومرسي في المسيرة التي جابت شوارع قها يوم الثلاثاء الماضي كان الشبان المشاركون فيها يوزعون منشورات تحث الناس على التصويت بالرفض في الاستفتاء. وقال رامي عامر وهو ناشط سياسي بالمدينة وعضو في حزب الدستور الليبرالي المعارض لمسودة الدستور لرويترز ''لأول مرة في قها نشعر أن الناس متجاوبة ومتعاطفة معنا'' واشار إلى انهم يخططون لتنظيم مسيرة ثانية مماثلة. ولم تشهد البلدة دعاية بنفس القوة من الاسلاميين لتأييد الدستور. وقال وحيد عامر عضو حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للاخوان لرويترز وهو احد اقارب الناشط رامي ''نعتمد بدلا من ذلك على حث الناس على قراءة الدستور ونحن نثق في انهم سيجدون فيه نقاطا ايجابية واشياء تتعلق بحياتهم اليومية. كما نعتمد على رصيدنا في الشارع.'' وسينظم الاستفتاء على مرحلتين تجري الأولى يوم السبت وتشمل عشر محافظات منها القاهرة والاسكندرية واسيوط وسوهاج. وستجري المرحلة الثانية يوم السبت التالي الموافق 22 ديسمبر كانون الاول في 17 محافظة منها الجيزة والبحر الاحمر وقنا والقليوبية التي تتبعها قها. ويبدو الانقسام اكثر حدة في العاصمة حيث تستعر الحرب بين الطرفين وتنتشر اللافتات والملصقات المؤيدة والمعارضة لمسودة الدستور في الشوارع. وانتقلت الدعاية الى شاشات الفضائيات اذ تذاع اعلانات مدفوعة الاجر تنتجها احزاب معارضة تحت شعار ''لا لدستور يقسمنا'' فيما تذيع قناة مصر 25 التابعة للاخوان اعلانات تؤيد الدستور ويحث دعاة ورجال دين سلفيون يظهرون في قنوات دينية على التصويت بنعم ''لنصرة الشريعة الاسلامية''. وقال ياسر عبد العزيز ''تيار الاسلام السياسي بدأ اللعبة المتكررة والتي يربط بها استحقاق سياسي بالدين او الشريعة. الاخوان والسلفيون لديهم عصا سحرية وهي منابر المساجد وهذه المنابر تعمل بكامل طاقتها في صلاة الجمعة (اليوم).'' ويتداول نشطاء على الانترنت صورا للافتات في شوارع مناطق مختلفة بمصر كتب عليها ''نعم للدستور من اجل الشريعة'' وبعضها يحمل شعار الاخوان. اما الصحفي محمد ابو الفضل فيرى ان القوى المؤيدة للاستفتاء هي الاكثر قربا للشارع لكن اهتمام التيار الاسلامي بالحشد للتجمعات المؤيدة للرئيس فاته ''نسبيا'' الحشد لتأييد الدستور. وقال ''المعارضة تداركت اخطاء الماضي من خلال الاتصال بالجماهير عن طريق الدعاية او التواصل المباشر.. المعارضة قد تنجح هذه المرة في اقناع قطاع كبير من الناخبين برفض الدستور لكن هذا يتوقف على نزاهة العملية الانتخابية.'' وايا كانت النتيجة بالرفض او القبول سيبقى لم الشمل مهمة ثقيلة بعد الاستفتاء. وفي قرية السمارة بمحافظة الدقهلية التي تصوت في المرحلة الثانية للاستفتاء قالت الجدة سعاد ''ما لنا ومال الدستور.. بلدنا عمرها ما انقسمت كده.'' للتعرف على لجنتك الانتخابية ..اضغط هنا عبر الموبايل ..اضغط هنا