الدين لم يعد مصدرًا لطاقة روحانية نعيش عليها فحسب، أو منظومة قيم واعتقادات فقط، فقد صار الدين ركيزة لكثير من الأمور في حياتنا اليومية مشكلاتها، كما برزت كل العقد المركبة للمجتمع المصري بعد الثورة، كان من بينها مشكلتي التطرف الديني والفتنة الطائفية، وبالتالي ركزت عليهما دراما رمضان بشكل واضح. ومن الأعمال التي ضمنت هذه المشكلة وشفرتها شيفرة من السهل جدًا فكها، كان مسلسل ''أخت تريز'' لحنان ترك، والذي أشار إلى المشكلة من خلال أختين يتربيان على يد أسرتين بسبب موت أبويهما فتتربى واحدة لدى أسرة مسيحية وتصبح راهبة والأخرى تربيها أسرة مسلمة فتنشأ مسلمة. والهدف هنا كما هو مقروء أن المسلم لم يختر دينه والمسيحي أيضًا لم يفعل، فليس لأحدهما فضل على الآخر، وينشأ توازن المسلسل من حرص صناعه على عدم قصر فكرة التطرف على إحدى الأختين، فخديجة مسلمة معتدلة لكنها مُحاطة بكثير من المتطرفين، إما متطرف دينيًا، أو متطرف في الجهة الأخرى أي منفلت الخلق. أما تريز، فهي راهبة متعصبة تشعر بالظلم والقهر للأقلية المسيحية في مصر، وتدافع عن حقوقها بشكل فظ، لكن في الوقت نفسه كل من حولها يحاولون إثناؤها عن هذه التصرفات سواء كانوا باباوات أو راهبات مثلها. ويأتي مسلسل الخواجة عبد القادر، الذي يؤدي يحيى الفخراني دور البطولة فيه، الذي قدم نفس الفكرة في قالب يُظهر كل أنواع التدين من الإيمان المعتدل إلى التصوف وحتى التطرف، لكنه هنا يبرز التصوف في صورة روحانية جذابة من خلال الخواجة هربرت الذي ينجذب للإسلام من حبه لسماع أصوات الذكر في حضرة أحد شيوخ الصوفية، الذي يساعده في الدخول للإسلام، فيأخذ هربرت اسمه، ويصبح الخواجة عبد القادر. كذلك، جاء مسلسل باب الخلق لمحمود عبد العزيز، الذي يتناول فكرة التطرف الإرهابي من خلال تجربة يسردها محفوظ بطل المسلسل على مدار الحلقات، اهتدى بعدها للحياة المعتدلة، ورغم أنه عرف وعاشر الإرهابيين بأشخاصهم، إلا أنه يحزن لما يراه من خلافات طائفية،و يحاول رأبها في منطقته ''باب الخلق''. أما أحمد السقا في خطوط حمراء، فيتناول التطرف بشكل مختلف، فهو يتناول التطرف والاعتدال في أسلوب الحياة نفسه بعيدًا عن الدين، فالضابط حسام بطل المسلسل بالرغم من أنه على حق ويحارب الشر. وعندما يفقد زوجته سلمى في محاولة لاغتياله، يفقد عقله ويقرر الانتقام لها، فيصير غير حرفي في عمله، وتسيطر عليه مشاعر الثأر، وبذلك يصبح متطرفا، والطرف الآخر هو دياب تاجر المخدرات الذي يبحث هو الآخر عن ثأر أبيه الذي قتله حسام وهو متهم بالتهريب، فيقرر دياب أيضًا أن ينتقم له، وبذلك يكون الصراع بين أقصى طرفي الخيط، الذي يمسك به محمد، أخو حسام والذي يمثل الضابط المعتدل العقلاني. ليست هذه فقط المسلسلات التي تعاملت مع فكرة التطرف والإيمان القويم والتدين، بل إنه يكاد لا يخلو مسلسل من هذه الفكرة، التي تعتبر تيمة هذه العام، لكن هذا كان عرضا للمسلسلات التي اتخذتها عامودًا أساسيًا لقصتها، في وقت نحتاج فيه للأفكار المخلصة أكثر بكثير من الأفكار التجارية.