أوضح عُمر عاشور مدير برنامج الدراسات الشرق أوسطية والإسلامية بجامعة إكستر بانجلترا، أن صعود كلًا من رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق، ومرشح حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد مرسي، جاء مخالفًا للتوقعات. وأكد على قدرة الناخبين على تحطيم الخرافة التي تقول بأن التغيير هو ظاهرة ابتكرها سكان الحضر والقاهرة ومواطنو الطبقة المتوسطة، على حد قوله، مدللًا على ذلك بحصول 8 مرشحين ثوريين على أكثر من 16.4 مليون صوت.شفيق ملاذ الأقباط. جاء ذلك خلال مقالته بموقع " بروجيكت سينديكيت " البريطاني، والذي أوضح فيه أن فشل القوى الثورية في التوحد حول مرشح واحد، جاءت لصالح شفيق، الذي كان من غير المتوقع حصوله على 5.9 مليون صوت، إذا افترضنا أن الانتخابات لم تُزور، على حد قوله. وأشار عمر عاشور أن نجاح شفيق في الصعود إلى المركز الثاني، وفقًا لما أوضحته النتائج الأولية، قد فاجىء العديد من القوى الثورية، الذين يعتبرون شفيق قاتلًا مكانه السجن وليس القصر الرئاسي. وأكد عاشور للموقع المذكور أن شفيق كانت له صلة بالعديد من قضايا الفساد والقمع، منها موقعة الجمل التي اندلعت في الثاني من فبراير عام 2011، إضافة إلى تلقيه دعمًا ومساعدات مالية من الحزب الوطني المنحل، والمنافع التجارية التي حصدها من الوضع الراهن، بحسب ما قاله عاشور. الأمر الذي أشار عاشور إلى أنه لم يؤثر على الأصوات التي حصدها شفيق في معاقل الإخوان المسلمين مثل الشرقية التي تفوق فيها أحمد شفيق على منافسه مرسي بأكثر من 90 ألف صوت، وكذلك في الغربية إحدى معاقل جماعة الإخوان المسلمين الأخرى، التي تفوق فيها شفيق على مرسي بما يزيد عن مائتي ألف صوت، بحسب ما أورده في مقاله. وفي هذا الشأن قال عاشور: "قمت بمقارنة النتائج التي حصلت عليها جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية بنتائج التي حصدوها في الانتخابات الرئاسية، ووجدت أن جماعة الإخوان المسلمين قد فقدوا ما يتراوح بين 25% إلى 48% من مؤيديهم في منطقة الدلتا، التي تضم 40% من سكان مصر ". مؤكدًا حصول شفيق على مليوني صوت من أربع محافظات فقط، جميعهم في وسط الدلتا، وهم الشرقية، والغربية، والمنوفية، والدقهلية، قائلًا: " إذا افترضنا أنه لم يتم مخالفة قواعد الانتخابات ". وأوضح أن صعود شفيق يمكن أن يكون مُفسرًا في بعض المناطق، ولكنه مثير للدهشة في مناطق أخرى، وأورد على ذلك مثالًا، أن أكثر من 60% من الأقباط المتواجدين في صعيد مصر أعطوا صوتهم لشفيق، وذلك وفقًا لما صرح به مصدر مقرب للكنيسة الأرثوذكسية، وكذلك أوضح عاشور أن نسبة المصوتين لشفيق في المناطق التي تتمتع بأغلبية سكان أقباط بلغت 95%، معللًا ذلك بأن الأقباط يعتبرون شفيق ملاذهم من الحكم الإسلامي. وأردف عاشور في مقاله أن كثير من موظفي الحكومة وعائلاتهم قد أعطوا صوتهم لشفيق، وأورد لذلك سببين، أولهما: صدور أوامر مباشرة من رؤوسائهم بالتصويت لشفيق، وثانيهما: الخوف من تأثير جماعة الإخوان المسلمين على سياسات الحكومة، مؤكدًا أن عدد موظفي الهيئات الحكومية ممن لهم حق التصويت يبلغ 5.1 مليون. البرادعي رئيسًا للوزراء أوضح عاشور أن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية قد أظهرت قوة الكتلة التصويتية لغير الإسلاميين من الثوار، ورغبة المصريين في عقاب الإسلاميين على أدائهم الضعيف في البرلمان، على حد تعبيره، مؤكدًا أن نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية للإسلاميين كانت ستة من كل 10 أشخاص قد تقلصت في الانتخابات الرئاسية إلى 4 من كل 10 أشخاص. مشيرًا إلى أنه على جماعة الإخوان المسلمين أن تحاول إقناع 10.7 مليون مواطن ممن أدلوا بأصواتهم لأبو الفتوح وصباحي بدعم مرسي في انتخابات الإعادة.
وأكد عاشور على أن جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن تحتاج إلى أن يكون نائب الرئيس من القوى الغير إسلامية، كصباحي، أو أبو الفتوح، وأن يتم تعيين الدكتور محمد البرادعي رئيسًا للوزراء. مؤكدًا على وجوب تقديم جماعة الإخوان المسلمين تنازلات لضمان التمثيل المتوازن بين القوى الإسلامية والغير إسلامية في اللجنة التأسيسية المُشكلة من البرلمان والمنوطة بوضع مسودة الدستور الجديد. المرأة الإخوانية أقوى من المرأة السلفية وأوضح عاشور في مقاله أن مرسي المدعوم من جماعة الإخوان المسلمين تمكن من حصد 6 مليون صوتًا، الأمر الذي أشار عاشور أن يعني أن الحملة الانتخابية لمرسي قد تمكنت من الوصول إلى طبقات المجتمع المصري، بشقيه الحضري والريفي، مؤكدًا أن نساء الإخوان لعبوا دورًا مهمًا في وصول الإخوان لكافة هذه الطبقات. وأورد عاشور على لسان أحد السلفيين الداعمين لأبو الفتوح أن: " نساء الجماعة يتفوقون على نساء الجبهة السلفية في التأثير على المواطنين، فالنساء المنتمون للجماعة لديهم خبرة، ويتمتعون بالجرأة والكاريزما، ومُدربون على الخروج وإقناع المواطنين، بينما النساء المنتميات للجبهة السلفية يتحلون بالحياء والانطوائية، ولا يستطيعون منافسة نساء الجماعة في ذلك ". وفي النهاية، أوضح عاشور: " أيًا كان الذي سيحكم مصر، فإنه سيواجه مصاعب قوية لمواجهة الوضع الراهن، بسبب هيمنة المجلس العسكري ". كذلك، فقد أوضح عاشور أن المجلس العسكري كان قد صرح بأن هناك إعلان دستوري أكثر وضوحًا سيتم إعلانه عقب الانتخابات، وإما أن يحد هذا الإعلان الحد من سلطات الرئيس، أو يُبقي على بعض امتيازات الجيش، وذلك حتى يتم الانتهاء الانتهاء من الدستور الجديد، على حد قوله. وأشار عاشور: " الأمر الوحيد المؤكد أن النقل الديمقراطي للسلطة لن يكون كاملًا بدون انتخاب ممثلين يمارسون سلطات فعلية على الخدمات الأمنية، وعلى القوات المسلحة، وهنا يأتي الاختبار الأقوى، والتحدي الأكبر أمام أي رئيس لا يُمثل العودة للنظام القديم ". اقرأ ايضا : البرادعي: الإعلان الدستوري ناقص.. والكرة في ملعب العسكري والبرلمان