استمعت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار محمد فهيم درويش وعضوية المستشارين كمال الدين همام وايهاب الشناوي، اليوم السبت إلى مرافعة النيابة العامة في قضية قتل متظاهريّ الجيزة الذي يحاكم فيها 17 ضابط وأمين شرطة من أقسام شرطة الجيزة والحوامدية والبدرشين وأبو النمرس، ومتهمين بقتل والشروع في قتل متظاهرين خلال أحداث جمعة الغضب في 28 فبراير من العام الماضي. شهدت بداية الجلسة، في الحادية عشر أحداثًا ساخنة حيث ملأت القاعة أصوات بكاء وصراخ أهالى أسر الشهداء، كما بكى محمد الطماوي ممثل النيابة العامة أثناء مرافعة دفاع المدعين بالحق المدني، حيث اتسع صدر المحكمة لسماعهم جميعًا.
واعترض الدفاع الحاضر عن المتهمين على مرافعة النيابة العامة التى فوجئوا بأن النيابة وجهت إليهم التهمة بالرغم من أنها ليست خصم بالقضية، موضحًا أن النيابة ليس من حقها أن تتعرض لأي اتهام وبهذا النيابة تضلل المحكمة التي رد رئيسها المحكمة، قائلاً: إن ذلك إهانة للنيابة وأنه لا يسمح بتلك التجاوزات داخل الجلسة كما صرخ المتهمين من داخل القفص (النيابة ظلمتنا) بينما طالبت النيابة المحكمة بتشديد العقوبة على المتهمين حتى يكونوا عبرة لغيرهم ويفوقوا من غفوتهم وقدمت التعازى لأهالي للشهداء.
وقدم محمد الطماوي ممثل النيابة العامة خطابًا قال فيه: إن النيابة تدين تلك الجرائم وكافة الأعمال التي قام بها المتهمين كما وجه الشكر لرجال الشرطة الشرفاء، قائلاً: لابد أن يفخروا بأن الثورة قامت يوم عيدهم وطلب من أهالي الشهداء الصبر والسلوان لعل القصاص يريح بالهم.
ووجه خطابه للمتهمين، قائلاً: أفيقوا من غفلتكم ولن يرحمكم الله أولا، والناس الذين ضاعت ابنائهم وازواجهم بوجه حق وطالب من المحكمة توقيع اقصي عقوبة علي المتهمين لانهم ارتكبوا جرائم قتل جماعية، وأزهقوا النفس بما حرم الله، رغم أنه متظاهريين سلميين خرجوا للشوارع والميادين العامة للمطالبة بإصلا أوضاع البلاد الإجتماعية والإقتصادية، ومظاهر الظلم والفساد المتمثلة في الإعتقالات والتعذيب ونهب ثروات البلاد.
وأضاف ممثل النيابة العامة أن الضباط من خريجي كليات وأقسام الشرطة اهملوا قسمهم بحماية أمن الوطن ومواطنيه وتحولوا إلي أداة في يد النظام البائد بغض النظر عن شرعية أغراضه وقاموا بالتعدي علي المتظاهرين بالتعامل العنيف مع المتظاهرين ولو بإطلاق الرصاص، وبدأوا التصدي للمظاهرات بأسلحة نارية معدة مسبقا دون التمييز بين شيخ وطفل، حيث بدءوا في إرتكاب مجزرة شعبية بالقتل والتصفية تجاوزت الميادين لتصل بعض المواطنين داخل منازلهم.
ومن هؤلاء الشهيدة (مهير زكي) التي ماتت داخل منازلها أمام أطفالها الأربعة حيث؛ اختنقت والأطفال من غاز قنبلة مسيلة للدموع ألقاها المتهمين أمام منزلها، فصعدت إلي سطح المنزل مع أولادها تقول لمأمور قسم شرطة بولاق الدكرور: حرام عليكوا كفاية غاز العيال هتموت، وبدأت في الصراخ عندما رأت المتهمين يقتلون شابًا يركب دراجة بخارية علي كوبري ثروت، فقام ظباط القسم بتوجيه السلاح الناري وقتلها بالرصاص أمام أبنائها الأربعة.
كما اعتذر رئيس جهاز الأمن القومي عن حضور الجلسة للإدلاء بالشهادة، كما أشار الخطاب إلي أن الجهاز لم يعد أي تقارير بشأن أحداث الثورة وما تم أمام أقسام الشرطة، وهنا طلب دفاع المتهمين من الاول للسادس استدعاء اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات السابق لسماع أقواله ومعلوماته حول الأحداث، حتي وإن كان جهاز المخابرات لم يعد تقارير بشأن الاحداث أو يدعي أنه مسئول عن المعلومات بشان الأمن الخارجي فقط، وأوضح الدفاع أنه يصر علي سماع شهادة سليمان بسبب تصريحات أدلي بها مؤخرا حول عمليات اقتحام السجون، حيث قال: "إن الجهاز وفر أجهزة خاصة للتعامل مع الاحداث لأنه كان هناك إعتقاد بأنها مدبرة "، وهو ما اعتبره الدفاع دليل علي وجود معلومات لديه وجهاز المخابرات عن الأحداث حتي أن لم تكن لديهم تقارير مكتوبة.
اثبتت المحكمة حضور 5 ضباط من شهود النفي في بداية الجلسة، وبدأت بالإستماع إلي شهادة العقيد أيمن نبيل مفتش فرقة شرطة جنوبالجيزة، وقد نفي الشاهد الإتهامات الموجهة للنقيب محمد العياط بقتل ياسر فتوح العيسوي وإصابة آخرين أمام قسم الشرطة يوم جمعة الغضب أمام قسم شرطة أبو النمرس، موضحًا أن الضابط المتهم كان يعمل معه ذلك اليوم في كمين شرطة علي طريق الصعيد الزراعي، ولم يغادر الكمين منذ الثامنة صباحًا حتي ساعات متأخرة.
وسألت المحكمة الشاهد عن أي مستندات أو أدلة تثبت تواجد المتهم بالكمين ولم يتوجه للقسم ذلك اليوم، فأجاب الشاهد بأنه لا يملك أوراق تثبت ذلك ولكن الضابط توجه للعمل في الكمين بناء علي أمر خدمة يمكن الحصول عليه من مدرية أمن الجيزة.
وأكمل ممثل النيابة مرافعته موضحا أن الضباط المتهمين حاولوا التأثير علي أهالي الشهداء والمصابين ودفعهم للتصالح بحجة ان ذلك اجدي لهم مما دفع بعض المغلوبين علي أمرهم لتغيير أقوالهم، ولكن إن كان ذلك شائعا فيما مضي فإن ذلك تغير بعد الثورة حيث بات المواطن يواجه الظالمين بالندية والتهديد بالتهديد، وإن كان بعض المجني عليهم قد غلبوا علي أمرهم فإنه أولي بالمجتمع أن يقف لجوارهم، ويعيد لهم حقوقهم ويرسخ الأيمان بالعدالة في نفوسهم، بدلا من عون الظالمين علي اسكاتهم، بعد أن قتلوا وأصابوا أقاربهم بوحشية وفي مواضع إصابة قاتلة واستمروا في إطلاق النيران من داخل الأقسام وكأنهم في حرب ضد المدنيين والمطالبين بالحرية.
ووجه ممثل النيابة كلمة للشرفاء من ظباط الشرطة قاءلا لهم أن الثورة قامت في يوم عيدهم بما يكفي ان يكون مذكر لهم علي أداء واجبهم وامانتهم، دون أن يضيرهم ما الحقه بعض الفاسدين بصورة ذلك القطاع لأنه تتم مكاكماتهم الآن، وسأل ممثل النيابة الصبر والسلوان للأرامل والضحايا من جراء ما فعله المتهمون مطالبا المحكمة بالقصاص لهم ونصرت حق الله والمجتمع.
وبالرغم من إبداء الدفاع استعدادهم للترافع في بداية الجلسة إلا انهم طلبوا بعد مرافعة النيابة، صورة من مذكرة النيابة للإطلاع عليها والرد علي ما جاء بها، وبدء دفاع المدعين بالحق المدني ترافعهم منضمين للنيابة العامة في طلبها، وترافع شقيق الشهيدة مهير زكي الذي قال للمحكمة ان شقيقته طلبت منه قبل الحادث بيوم إنهاء إجراءات ميراثها والدفاع عن حق ابنائها، ولم يكن يعلم انه سيترافع للقصاص ممن سفكوا دمائها وشردوا أطفالها.
وهنا سالت الدموع من عين ممثل النيابة العامة شأن الكثيرين ممن حضروا الجلسة وبكوا خلال الموافعة، واكد للمحامي للمحكمة ان شقيقته لم تكن تطالب بإصلاح تردي الاوضاع السياسية والإقتصادية ولكنها طلبت من ضباط قسم بولاق كف أذاهم وقنابل الغاز التي يطلقونها حتي لا يختنق أطفالها، وصرخت حينما رأت الضباط يطلقوا الرصاص علي عمرو محمد حامد، وهنا صرخ والد الشهيد قائلا ابني يا سيادة المستشار كان يسير بدراجته علي كوبري ثروت دون اي ذنب، مضيفا "ابني الوحيد يا سيادة القاضي الذي قتلوه وعمره 23 سنة"، وهنا قال رضا محمد احد المصابين "انا راجل بسيط كنت خارج علشان الرغيف وأكل العيش، ضربوني بالرصاص في عيني ورأيت 6 ضباط يطلقوا النيران علي وعلي الأهالي. اقرأ ايضا : الأمن يحاصر منزل ''منصور'' ومشادات كلامية بين أنصاره وأهالي المنطقة