يركز الفنان الفلسطيني محمد عواودة وهو يختار الرمل ليضعه في زجاجة صغيرة لكي يعمل ببراعة في قطعته الفنية التالية. ويستخدم فنان الرمل ألوانا مختلفة من الرمال لتكوين مشاهد ورموز أعماله في داخل زجاجات. لكن عواودة من بين قليل من الفلسطينيين الذين يعيشون في البلدة القديمة بمدينة الخليل في الضفة الغربية ولا يزالون يديرون متاجر ومحلات لتوفير قوتهم وقوت أولادهم. وهجر كثير من السكان وأصحاب المحلات الفلسطينيين البلدة القديمة في الخليل بأسواقها القديمة وأزقتها المغطاة بعد ان انتقل مستوطنون يهود من المتشددين الى جزء كبير من البلدة وكثف الجيش الاسرائيلي دورياته وأقام نقاط تفتيش في أنحاء البلدة. وعواودة من بين أولئك الذين قرروا البقاء وترسيخ وجودهم في البلدة القديمة. ويتمنى عواودة لو تعيد أعماله الناس الى المنطقة حتى لو كان ذلك من أجل مشاهدته وهو يعمل ناهيك عن شراء بعض أعماله الفنية. وقال عواودة لتلفزيون رويترز وهو يعمل "انا أحكي لك من يراني وانا اعمل يندهش للوهلة الاولى ... لان مهنتنا ترتيب الرمل ونطلع منه صور على أشكاله. يعني يمكن اللون الاسود نعمل منه رسمة الجمل ... نختار نضع أبيض ثم أسود ثم نشكل الصورة بالشكل المطلوب مرة ثانية." ويعيش زهاء 800 مستوطن يهودي بين 30 ألف فلسطيني في أنحاء البلدة القديمة التي تخضع للاحتلال والهيمنة الاسرائيلية. ويزعم هؤلاء المستوطنين الذين تحركهم مفاهيم معينة ان لهم حقا توراتيا في الخليل التي تتحول عادة فيها التوترات بين الاسرائيليين والفلسطينيين الى العنف. ويقول كثير من الفلسطينيين في البلدة القديمة بالخليل ان الحياة لا تطاق بين الجنود والمستوطنين الذين بدأوا يفدون الى المدينة بأعداد ملموسة أوائل الثمانينات. وعادة ما يفتش الجنود الاسرائيليون سكان البلدة وأصحاب المحلات التجارية.. وأبسط أمر يستغرق ساعات. وتتفجر أعمال عنف بين المستوطنين والفلسطينيين بشكل متكرر. لكن عواودة (45 عاما) قال ان وجوده في البلدة القديمة أمر هام للغاية. وقال عواودة لتلفزيون رويترز "للاسف أنا اراها شبه النفس الاخير. يعني ميت في النفس الاخير ليس أكثر من هذا. واتمنى انه وجودنا في المنطقة هذه يحاول يحيي الحالة السياحية لهذه البلدة وانه يرجع العالم اللي حاليا طلعوا على مناطق ثانية وعملوا أسواقهم في مناطق ثانية يرجعوا أيضا للسوق القديم الذي كان هنا وللبلدة القديمة." وقسمت الخليل الى مناطق تخضع للهيمنة الفلسطينية واخرى للهيمنة الاسرائيلية بموجب اتفاق وقع عام 1997. وتشمل المناطق التي تخضع للهيمنة الاسرائيلية المستوطنات اليهودية والحرم الابراهيمي الذي شهد مجزرة لاقى فيها 29 مسلما حتفهم وهم يصلون في عام 1994. أما المناطق التي تخضع للسيطرة الفلسطينية في الخليل فتشمل تلك التي يعيش فيها زهاء 170 ألف فلسطيني.