كركوك (العراق) (رويترز) - انتقل أبو محمود وهو عربي الى مدينة كركوك العراقية النفطية قبل أربع سنوات هربا من تصاعد العنف في محافظة ديالى المجاورة. ويقول ان الاكراد أمروه حديثا بالخروج من المدينة. وقال أبو محمود الذي طلب الاكتفاء بكنيته وعدم نشر اسمه الحقيقي "كانوا مسلحين يرتدون الزي المدني ويستقلون سيارتين جاؤا ليلا وقالوا أمامك ثمانية وأربعين ساعة لتغادر كركوك والا فلن تلوم الا نفسك." وعادت المعارك والتوترات بين العرب والاكراد للظهور في كركوك الغنية بالنفط مع تأجيل الحكومة المركزية العراقية لاحصاء لعدد السكان في البلاد كان من المفترض أن يساعد في حل نزاعات طويلة الامد في مناطق مضطربة من شمال العراق. ويعتبر المسؤولون بالجيش الامريكي التوترات بين العرب والاكراد مصدر صراع مستقبلي محتمل في العراق الذي مازال يعاني من جراح عميقة خلفها صراع طائفي أطلقه الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003. وتقول بعض الاسر العربية انها تتلقى أوامر بالمغادرة قبل الاحصاء الذي سيكون أول احصاء كامل لعدد سكان العراق في أكثر من 20 عاما. وتلقى المسؤولية في التهديدات بصورة مبهمة على جماعات كردية مسلحة. والاحصاء حاسم لمستقبل الاراضي المتنازع عليها في العراق التي تريد بغداد الابقاء عليها ويريد الاكراد ضمها الى جيبهم الشمالي المتمتع بالحكم الذاتي. ومحور الصراع هو كركوك المضطربة التي تضم مزيجا سكانيا من العرب والاكراد والتركمان وغيرهم. ويقول مسؤولون أمريكيون ان أراضي المحافظة ربما تضم نسبة أربعة بالمئة من احتياطيات النفط العالمية. وقال راكان العبيدي نائب محافظ كركوك وهو عربي "هناك عشرات الشكاوى التي وصلتنا من قبل مواطنين عرب قالوا ان هناك مسلحين يرتدون الزي المدني ويستقلون عددا من السيارات داهموا منازلهم وطالبوهم بالرحيل عن المدينة خلال 48 ساعة او يتعرضون الى أمور لا ترضيهم." وأضاف "هناك مناطق عربية كاملة ألقيت بها منشورات موقعة باسم الشباب الثائر تطالب العرب بالرحيل عن كركوك." وقال سكان محليون انهم لم يسمعوا قط عن جماعة باسم الشباب الثائر أو جماعة أخرى تلقي المنشورات الموقعة باسم أبناء كركوك الاصليين. ومن المتوقع أن يحدد الاحصاء ما اذا كان الاكراد هم العرق السائد في ما قد يعزز مطالبهم بكركوك وثرواتها النفطية. لكن بغداد أرجأت الاسبوع الماضي الاحصاء الذي كان مقررا يوم 24 أكتوبر تشرين الاول حتى يوم الخامس من ديسمبر كانون الاول. وقالت الحكومة انها ترغب في اعطاء محافظتي كركوك ونينوى فرصة لتسوية الخلافات. وكان من المفترض اجراء استفتاء على وضع كركوك في موعد غايته ديسمبر 2007 لكنه أرجيء بعد أن اتهم العرب والتركمان الاكراد بالتدفق على المدينة مع أقاربهم. وكان الاكراد قد اتهموا الرئيس الراحل صدام حسين كذلك "بتعريب" المنطقة بتشجيع العرب على الانتقال لكركوك في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. وجاء تجدد التوترات في شمال العراق وسط حالة من عدم التيقن السياس بعد انتخابات مارس اذار الماضي التي لم تسفر عن فائز واضح. والتأخر في تشكيل حكومة جديدة جعل من الاكراد ورقة الترجيح اذ يضغط مشرعوهم على رئيس الوزراء نوري المالكي لتلبية مطالبهم مقابل مساندتهم له. ويقول بعض عرب كركوك أن التهديدات تأتي من جانب قوات الامن الكردية.. من الجيش (البشمركة) او الشرطة (الاسايش). وقال العبيدي "حسب ما قال الاشخاص الذين تعرضوا للتهديد فان الجهات التي نفذت هذه الامور هي قوات الاسايش الكردية." لكن العقيد سالار خالد المسؤول بقوات الامن الكردية نفى هذه الاتهامات قائلا انها لا اساس لها من الصحة. وقال "الاسايش مهمتها حماية الامن في كركوك. مهمتنا هي ملاحقة الارهابيين والجماعات المسلحة التي تزعزع الامن في كركوك. اننا لا نجبر الناس على مغادرة كركوك." ونفى ريبوار الطالباني نائب رئيس مجلس محافظة كركوك وهو كردي كذلك تورط قوات الامن. وقال الطالباني "الكل متفق على ان الذي حصل من تلقي العوائل العربية في كركوك تهديدات تطالبهم بالرحيل عن كركوك هي أياد خفية تحاول اثارة الفتن والمشاكل داخل المدينة بين مختلف القوميات." وأضاف "تأجيل الاحصاء ليس من مصلحة الجميع. كل العراقيين سوف يتضررون من تأجيل الاحصاء .. لان الاحصاء سيؤدي الى توفير قاعدة بيانات مهمة جدا للجميع وانهاء المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المحافظة." وأصدر الحزبان الكرديان الرئيسيان الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني بيانا مشتركا الاسبوع الماضي ينتقد بغداد لتجاهلها حل الصراعات في كركوك. وقالوا ان التأجيل المتكرر للاحصاء "يفتح الطريق أمام أعداء العراق للتغلغل ضد العراق الفيدرالي الديمقراطي". وقال ريبوار الطالباني ان الاطراف التي قد تلحق بها الخسارة "ان أجري التعداد وانكشف الواقع الحقيقي لمكونات كركوك هي التي تحاول عرقلة اجراء التعداد بمختلف الحجج."