اندلعت مواجهات مسلحة جديدة السبت في الضاحية الشرقية للعاصمة الليبية طرابلس، حيث تمكن مسلحون من منع عناصر من مليشيا مصراتة من دخول المدينة للانتقام لرفاق لهم قتلوا خلال معارك وقعت الجمعة وخلفت اكثر من اربعين قتيلا. ويبدو ان العاصمة التي اغلقت معظمم متاجرها نهار السبت استعادت هدؤها مع حلول المساء. ودعا رئيس الوزراء الليبي علي زيدان في مؤتمر صحافي "الجميع الى ضبط النفس وعدم التمادي في المواجهة" معتبرا ان "الساعات والايام القادمة ستكون حاسمة في تاريخ ليبيا وفي نجاح ثورة ليبيا من عدمها". واكد زيدان ان "اي دخول لاي قوات لطرابلس سيكون اثره سلبيا كارثيا قد يؤدي الى مذبحة". وبعيد ظهر السبت كانت قافلة من عربات مسلحة قدمت من مصراتة ، تحاول التقدم باتجاه العاصمة التي شهدت ليلتها الماضية انفجارات واطلاق نار كثيفا. وكانت المواجهات بدات بعد ظهر الجمعة حين اطلق افراد من مليشيا مصراتة متمركزة في حي غرغور النار على متظاهرين سلميين قدموا للمطالبة برحيلهم عن العاصمة. وفي رد فعل على ذلك طرد مسلحون لفترة وجيزة الميليشيا من مقارها واحرقوا جزئيا تلك المقار وسط اشتباكات دامية. لكن تعزيزات اولى من الرجال والسلاح وصلت ليلا من مصراتة الى العاصمة لتستعيد المليشيا مقارها. وبحسب مصور لوكالة فرانس برس فان الطريق الرابط بين شاطىء المدينة وشرقها انطلاقا من وسط العاصمة اغلق بعد ظهر السبت امام حركة المرور في حين تمركز مسلحون من طرابلس على عربات "بيك اب" مزودة بمضادات جوية تجمعت في المدخل الشرقي للمدينة. وقال شهود ان مواجهات دارت في ضاحية تاجوراء شرق العاصمة. وقال وزير الصحة نور الدين دغمان ان اعمال العنف الجمعة خلفت 43 قتيلا على الاقل واكثر من 450 جريحا والحصيلة مرشحة للارتفاع. كما اكد بيان لوزارة الداخلية سقوط "43 شهيدا في مظاهرة سلمية بمدينة طرابلس" الجمعة. وصباح السبت كانت الشرطة تراقب مداخل حي غرغور حيث مقرات مليشيا مصراتة، بحسب مراسل وكالة فرانس برس. واوضح شهود ان ما جرى السبت كان في معظمه اطلاق نار افراد المليشيا ابتهاجا لوصول تعزيزات. وتجمع المئات بعد ظهر السبت في ساحة الشهداء، وسط طرابلس، لتشييع ضحايا الجمعة. وبعد اداء صلاة الميت ردد عشرات الشبان هتافات معادية للميليشيات ودعوا الى اعادة تاهيل الجيش. وقال رجل اربعيني يدعى حموده غاضبا "حتى كتائب القذافي نفسها لم تطلق النار على المتظاهرين بهذه الوحشية". ودعت الحكومة الى وقف اطلاق النار بين المجموعات المسلحة التي ظهرت ابان الثورة على نظام معمر القذافي في 2011 ولم تتمكن السلطات من السيطرة عليها في ظل غياب جيش وشرطة محترفين. ودعا ائمة المساجد الجمعة في العاصمة الليبية الى التظاهر ضد المليشيات بعد نداء مماثل من المفتي والمجلس المحلي للمدينة. واعربت الولاياتالمتحدة السبت عن "قلقها العميق" ازاء المواجهات التي شهدتها طرابلس ودعت "جميع الاطراف الى ضبط النفس". وقال وزير الخارجية جون كيري في بيان "ندين استخدام العنف بكل اشكاله وندعو كل الاطراف الى ضبط النفس واعادة الهدوء". ونددت بعثة الاممالمتحدة في ليبيا بشدة باعمال العنف الدامية ودعت في بيان الى "الوقف الفوري" للمعارك. واعتبرت السفيرة الاميركية في طرابلس ديبورا جونس في تغريدة ان هذه المعارك تمثل "اساءة لارواح شهداء" الثورة على القذافي. ويحتج سكان طرابلس بانتظام ضد وجود الفصائل المسلحة في المدينة. وهذه المجموعات قدمت من مدن اخرى للمشاركة في السيطرة على طرابلس وطرد نظام القذافي في آب/اغسطس 2011، لكنها لم تغادر العاصمة بعد ذلك. ويتهم السكان المليشيات بالضلوع في التهريب بكل انواعه وممارسة التعذيب والخطف والاحتجاز القسري. وكان المؤتمر الوطني العام (اعلى سلطة في البلاد) قرر الصيف الماضي اخلاء العاصمة من كافة المليشيات لكن هذا القرار لم يطبق. ويقول المحلل الليبي المقيم في لندن حسن الامين انه ازاء عجز السلطات "فان الحل هو بين يدي الشعب الليبي الذي عليه ان يطرد هذه المليشيات وينهي هذه المهزلة". واضاف هذا العضو السابق في المؤتمر العام "ان هذه المليشيات بصدد سرقة كافة امكانيات البلاد وتبديد مواردها".