تشهد تونس الجمعة إضرابا على الصعيد الوطني احتجاجا على اغتيال السياسي والنائب المعارض محمد البراهمي البالغ من العمر 58 عاما. ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل للإضراب لإدانة الإرهاب العام والعنف وأعمال القتل التي يشهدها البلد. واستخدمت الشرطة الخميس القنابل المسيلة للدموع لتفريق محتجين في عدة مدن تونسية على اغتيال البراهمي رميا بالرصاص خارج منزله في العاصمة تونس. ورفض حزب حركة النهضة الحاكم الاتهامات التي وجهه إليه بعض أقارب البراهمي بتواطؤه في عملية القتل. وكان مسلحون مجهولون يستقلون دراجة نارية أطلقوا النار على البراهمي الذي كان يقود حركة حزب الشعب بينما كان في سيارته صباح الخميس. وقالت وزارة الداخلية إن المسلحين استخدموا سلاحا مستوردا من ليبيا. والبراهيمي هو ثاني قيادي في المعارضة يُغتال في غضون السنة الحالية إذ تعرض شكري بلعيد وهو قيادي في المعارضة للاغتيال في فبراير/شباط الماضي، ما أدى إلى احتجاجات ضخمة انتهت باستقالة رئيس الوزراء التونسي، حمادي الجبالي. ولم يكن البراهمي في شهرة بلعيد كما أنه لم يعرف عنه انتقاده اللاذع لحزب حركة النهضة التي وصلت إلى الحكم في أعقاب الإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق، زين العادين بن علي في يناير/كانون الثاني 2011. وتقول مراسلة بي بي سي في تونس، سهام حسيني، إن البراهمي لم يكن علمانيا ولكنه كان اشتراكيا ورجلا متدينا يمارس طقوس الديانة الإسلامية ويؤمن بالوحدة العربية. وتضيف المراسلة أن بعض التونسيين يشعرون أن الاختلافات بين شخصيتي بلعيد والبراهمي دليل على أن الحركة غير متورطة في الاغتيال. واحتشد محتجون الخميس في عدة مدن تونسية لحض الحكومة على الاستقالة في أعقاب إصدار الاتحاد العام التونسي للشغل دعوة للإضراب. وأطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع على المحتجين خلال الاضطرابات الذين واصلوا الاحتجاج خلال الليل. وهاجم المتظاهرون مقر حزب حركة النهضة في مدينة سيدي بوزيد التي ينحدر منها البراهمي والتي تعتبر مهد الثورة التونسية التي أطاحت بنظام بن علي وانتقلت لاحقا إلى دول عربية أخرى. وقال أحد المحتجين في سيدي بوزيد لوكالة رويترز لقد أعطوا (حركة النهضة) الضوء الأخضر لقتل الشعب التونسي. كنا نؤيدهم لكن الآن اتضح أنهم يريدون التخلص منا . ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل إلى إضراب الجمعة لمدة ساعتين. وفي هذا السياق، ألغيت جميع الرحلات الجوية المتوجهة إلى تونس ومنها خلال الجمعة. وتضيف مراسلتنا أن محيط الجمعية التأسيسية في العاصمة تونس شهدت اعتصاما احتجاجا على اغتيال البراهمي كما دعا أنصار النهضة إلى تنظيم احتجاجات بعد صلاة الجمعة. واتهم أقارب البراهمي النهضة بأنها تقف وراء اغتياله لكن زعيم الحزب، راشد الغنوشي، رفض الاتهامات بالمسؤولية عن الاغتيال معتبرا ما حدث بأنه كارثة بالنسبة إلى تونس . وقال الغنوشي في مقابلة مع وكالة فرانس برس من يقفون وراء الاغتيال يريدون الزج بالبلد في حرب أهلية وعرقلة العملية الديمقراطية . أما الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، فقال لصحيفة لوموند بأنه لا يشك في أن بلعيد والبراهمي اغتيلا من قبل الأشخاض ذاتهم، مضيفا أنهم يسعون لزعزعة استقرار تونس. وتشهد تونس انقاسامات عميقة بين الإسلاميين والمعارضين العلمانيين منذ وصول النهضة إلى الحكم. وواجه حزب النهضة اضطرابات شعبية متنامية بسبب تعثر الأداء الاقتصادي في تونس وتنامي اتجاهات إسلامية متطرفة. ويقول مراسلون إن العديد من التونسيين وخصوصا الشباب يشتكون من أن جهود إقامة نظام ديمقراطي تعرضت للاختطاف على يد إسلاميين غير مستعدين للتعايش والتسامح مع المواطنين الآخرين.