سادت حالة من الهدوء الحذر صباح الخميس مدينة بورسعيد، شمال شرق، التي تشهد اضطرابات متواصلة منذ الاحد، وذلك بعد ليلة دامية خلفت نحو 150 جريحا ودمارا كبيرا في منطقة الاشتباكات المستمرة بين الشرطة والمتظاهرين. وكان محيط مبنى مديرية الامن، ساحة الاشتباكات الرئيسية هادئا نسبيا حيث وضعت الشرطة المزيد من السواتر الترابية امام المبنى الذي انتشر فوقه عناصر الامن بشكل مكثف. الامر الذي استفز الاهالي وزاد من خوف البعض. وبدا واضحا ان القوات المسلحة زادت من تواجدها في ارجاء المدينة التي بدت خالية من قوات الشرطة فيما حلقت طائرات مروحية تابعة للجيش في سماء المدينة الغاضبة. ورغم هدوء الاوضاع ميدانيا، الا ان مواجهات الليلة الماضية خلفت دمارا واضحا في عدد كبير من ممتلكات الاهالي من محال وسيارات في الشوارع الجانبية القريبة من منطقة الاشتباكات وذلك للمرة الاولى منذ بداية الاحداث. وشوهدت سيارة اجرة محطمة الزجاج الامامي بسبب سقوط قنبلة غاز مسيل للدموع عليها كما احترقت محتوياتها الداخلية، وقال التاجر احمد منتصر ان "سائق السيارة اصيب جراء الحادث"، فيما ظهرت ثقوب عميقة في سيارات اخرى بفعل الرصاص، بحسب مراسل لفرانس برس. كما حطمت الواجهات الزجاجية لعدد من المحال في هذه المنطقة التجارية المزدحمة بالاضافة الى نوافذ محكمة المدينة القريبة. واغلقت معظم المحال ابوابها الخميس ربما خشية التعرض للتدمير بعد ان "طاردت مدرعات الشرطة المتظاهرين في تلك الشوارع ليل الاربعاء" حسب بعض الاهالي. وقال التاجر محمد بدوي (34 عاما) بغضب شديد "الغاز والاشتباكات وصلت الى هنا في شارع الثلاثيني" البعيد نسبيا عن ساحة الاشتباكات. وقالت سهام عبد المعطي وهي سيدة اربعينية محجبة "ما يحدث لنا لا يرضي احد .. احوالنا تسوء بشكل متسارع". واكدت امراة اخرى وهي تبكي "ابني مختفي منذ اشتباكات الامس ولا اعرف كيف اصل اليه". وقال ايمن جابر مسؤول الطواريء في وزارة الصحة في بورسعيد لفرانس برس ان "عدد المصابين يوم الاربعاء وصل 151 حالة بينهم 81 مصابا بطلقات الخرطوش و56 جراء الاختناق من الغاز المسيل للدموع و14 اخرين اصيبوا بجروح قطعية"، واضاف ايمن "هناك 3 مصابين في حالة خطرة وجاري نقلهم لمستشفيات مجهزة بشكل افضل خارج المدينة". وتجددت الاشتباكات بشكل مفاجيء مساء الاربعاء بعد فترة هدؤ قصيرة حاول خلالها بعض الحكماء التدخل لدى الشرطة والتفاوض للافراج عن بعض المتظاهرين المعتقلين. ومع فشل الوساطة اشتعلت الاوضاع مجددا حيث القى المتظاهرون قطع الحجارة المدببة على الشرطة. وعلى الاثر اطلقت الشرطة القنابل المسيلة للدموع بشكل كثيف. واشعل المتظاهرون النيران في اطارات السيارات للتخفيف من اثر هذه الغازات. واتسع نطاق الاشتباكات بشكل كبير بعد ان طاردت مدرعات للشرطة المتظاهرين في الشوارع الجانبية المكتظة بالمحال التجارية البعيدة عن محيط مديرية الامن، بحسب شهود عيان. وغابت تشكيلات الجيش بشكل كامل عن مشهد المواجهات رغم تواجد الياتها في محيط الاحداث. وكانت المواجهات بدات صباح الاحد بعدما نقلت وزارة الداخلية من سجن بورسعيد الى سجن اخر بعيد عن المدينة 39 من المتهمين في ما يعرف في مصر باحداث "مذبحة بورسعيد" حيث قتل 74 شخصا مطلع شباط/فبراير 2012 عقب مباراة كرة قدم بين فريق النادي الاهلي القاهري وفريق المصري البورسعيدي بينهم 72 من مشجعي الاهلي المشهورين ب"الالتراس". وتصدر محكمة جنايات بورسعيد احكاما حاسمة السبت القادم في هذه القضية التي سبق وحكم فيها بالاعدام على 21 شخصا من ابناء المدينة في نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي. واندلعت عقب هذه الاحكام احداث عنف سقط خلالها اكثر من 40 قتيلا. ويسيطر الخوف والقلق على اهالي بورسعيد من تكرار احداث العنف مرة اخرى على نطاق اوسع مع صدور احكام السبت القادم.