اندلعت أعمال عنف في وسط بيروت يوم الأحد عندما حاول محتجون اقتحام مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد جنازة المسؤول الأمني البارز وسام الحسن الذي يحملون سوريا مسؤولية مقتله. وقال شهود عيان إن قوات الأمن أطلقت النار في الهواء والغاز المسيل للدموع لصد مئات المحتجين الذين اخترقوا الحواجز ورشقوا الشرطة بالحجارة والقضبان الحديدية. وتزيد الاشتباكات من حدة أزمة سياسية متنامية في لبنان تتصل بالحرب الأهلية في سوريا. ونظم حشد غاضب مسيرة نحو مكتب ميقاتي بعد أن طالب الساسة الذين شاركوا في جنازة اللواء وسام الحسن باستقالة رئيس الحكومة. وقتل الحسن في انفجار سيارة ملغومة يوم الجمعة. وتعتقد المعارضة وأنصارها بأن ميقاتي مقرب من الرئيس السوري بشار الأسد وحليفه اللبناني حزب الله المشارك في حكومة ميقاتي. ولوح الكثير من المحتجين بأعلام تيار المستقبل المناهض لسوريا وأعلام حزب القوات اللبنانية المسيحي إضافة إلى أعلام إسلامية سوداء. وتفرق المحتجون بعد تصدي قوات الأمن لهم ولم ترد انباء فورية عن وقوع اي إصابات بخلاف حالتي اغماء نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع. وحث زعيم المعارضة سعد الحريري انصاره على الكف عن اي شكل من أشكال العنف. وقال الحريري لأنصاره بعد الهجوم متحدثا في قناة المستقبل التلفزيونية "نحن دعاة سلام لسنا طلاب عنف وتكريم الحسن لا يكون عن طريق العنف." وأضاف قائلا "الحكومة يجب ان تسقط ولكن هذا يجب ان يحدث بطريقة سلمية وانا اطالب كل المناصرين وكل الموجودين في الطرقات الان ان ينسحبوا. القوى الامنية موجودة لحمايتهم وليست اعداءهم. اطلب من كل المناصرين واتمنى بخلال لحظات ان يفك هذا الاعتصام." وكان الحسن (47 عاما) وهو سني مسؤولا كبيرا بالمخابرات وساعد في الكشف عن مخطط تفجيرات أدى إلى القبض في أغسطس آب على وزير لبناني سابق مؤيد لدمشق واتهامه بالتحريض على العنف في لبنان. ورأس الحسن ايضا تحقيقا ورط سوريا وحزب الله في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري عام 2005. واحتشد الاف الاشخاص في ساحة الشهداء بوسط بيروت للمشاركة في جنازة الحسن واتهموا سوريا بالضلوع في مقتله وطالبوا باستقالة ميقاتي. وكتب على إحدى اللافتات "ارحل ارحل يا نجيب" في تكرار للشعارات التي استخدمت خلال انتفاضات الربيع العربي. واندلعت أعمال العنف بعد أن قال رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة في كلمة إن المعارضة ترفض اي حوار لانهاء الأزمة السياسية الناجمة عن اغتيال الحسن مالم تستقيل الحكومة أولا. وأضاف السنيورة وسط صيحات التأييد من الحشود "لا حديث قبل رحيل الحكومة لا حوار على دم الشهداء لا حوار على دماء اللبنانيين." وفي بداية الجنازة شارك كبار الساسة والجيش والأمن في مراسم تأبين عسكرية اقيمت بمقر قوى الأمن الداخلي وبثها التلفزيون مباشرة. واستمعت زوجة الحسن وابناه- حيث كان الاصغر يجهش بالبكاء- لكلمات التأبين من اللواء أشرف ريفي مدير عام قوى الأمن الداخلي والرئيس ميشال سليمان. وقال الرئيس سليمان "هذا الاغتيال موجه للدولة اللبنانية .. المقصود به الدولة اللبنانية لذلك هذه الشهادة تدعونا الى التكاتف والتعاون على مستوى الشعب اللبناني وعلى مستوى المؤسسات اللبنانية وأعني تحديدا المؤسسات السياسية والقضائية والامنية." ومنح الرئيس سليمان إسم اللواء الحسن وسام الارز الوطني من رتبة الضابط الاكبر وهو ارفع وسام لبناني ودعا الى تكاتف المؤسسات الامنية والعسكرية والسياسية والقضائية والى رفع الغطاء عن المجرمين. وقال "اعملوا على كشف الجرائم. كفى. رفيق الحريري ومن تلاه من شخصيات لبنانية مرموقة... ادعو القضاء الى الاستعجال باصدار القرار الاتهامي في ملف قضية ميشال سماحة." وتماشيا مع العرف السائد في الجنازات الرسمية دقت أجراس الكنائس فعندما حملت قوات من الشرطة نعوش الحسن وحراسه إلى مسجد في ساحة الشهداء لاداء صلاة الجنازة وسط هتافات من الحشود. وقبل تشييع الجثامين عبر مواطنون في ساحة الشهداء عن اعتقادهم بضلوع سوريا في اغتيال الحسن. وقالت اسماء دياب (14 عاما) من مدينة طرابلس في الشمال مسقط رأس الحسن "نتهم بشار الأسد.. الرئيس السوري." وأضافت قائلة "إنه مسؤول عن كل شيء.. في الماضي والآن.. وإذا لم نتصد له.. فسيحدث هذا في المستقبل." وكان رئيس الوزراء أيضا هدفا لغضب الحشود. وقال حمزة الأخرس (22 عاما) وهو طالب من جنوب لبنان جاء لحضور الجنازة "نحن هنا لنقول لميقاتي أننا لم نعد في حاجة له ولنقول لحزب الله أننا لم نعد راغبين في ألاعيبه." وكتب على إحدى اللافتات "الشعب يريد اسقاط نجيب." وقال ميقاتي يوم السبت إنه عرض الاستقالة لإفساح المجال أمام حكومة وحدة وطنية لكنه قبل طلبا من الرئيس ميشال سليمان بالبقاء في منصبه لإتاحة الفرصة لإجراء محادثات للخروج من هذه الأزمة. وأبرزت أحداث يوم الاحد كيف أن الانتفاضة المستمرة في سوريا منذ 19 شهرا ضد الأسد زادت من تفاقم التوتر الطائفي في لبنان الذي ما زال يعاني من تداعيات حربه الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. وسعى ميقاتي دون جدوى لعزل البلاد عن الاضطرابات التي تشهدها سوريا. وقال ميقاتي نفسه إنه يعتقد أن اغتيال الحسن مرتبط بدوره في الكشف عن تورط سوريا في مؤامرة تفجيرات في أغسطس آب. (إعداد حسن عمار للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن) من مريم قرعوني وانجوس ماكسوان