يشهد لبنان السبت حدادا وطنيا على رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي العميد وسام الحسن والقتلى الذين سقطوا معه في انفجار ضخم وقع امس في شرق بيروت وجهت المعارضة اللبنانية الاتهام فيه الى دمشق. ويعقد مجلس الوزراء الساعة العاشرة (7,00 تغ) من اليوم "اجتماعا طارئا" للبحث في الانفجار. وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الاعلامي ان "الجريمة النكراء (...) بحجمها ونتائجها الفادحة، تشكل مصدر ألم وحزن شديدين لدولة رئيس مجلس الوزراء". واشار البيان الى ان هذه الجريمة "تستوجب التعامل مع هذا الحادث الجلل بما يناسب من قرارات في خلال جلسة مجلس الوزراء". وكانت قوى 14 آذار (المعارضة) عقدت ليل امس اجتماعا طارئا في منزل ابرز زعمائها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري (الموجود خارج لبنان) في وسط بيروت واصدرت بيانا طالبت فيه الحكومة "بالرحيل" داعية رئيسها "الى تقديم استقالته فورا". وحملت المعارضة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "شخصيا، بالدور الذي ارتضاه لنفسه، مسؤولية دماء العميد الشهيد وسام الحسن ودماء الأبرياء الذين سقطوا في الأشرفية". كما حملت "الحكومة مجتمعة المسؤولية السياسية والأخلاقية الكاملة للمخطط الرامي لضرب الاستقرار ومن ضمنه هذه الجريمة النكراء". ويراس ميقاتي حكومة مؤلفة من اكثرية تضم حزب الله المدعوم من دمشق وحلفاءه، الى جانب وسطيين ممثلين بفريق ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال سليمان والزعيم الدرزي وليد جنبلاط. واثارت عملية الاغتيال مخاوف من عودة موجة الاغتيالات التي شهدها لبنان بين العامين 2005 و2008 واستهدفت شخصيات مناهضة للنظام السوري. وحول الانفجار الذي وقع امس في الاشرفية في شرق بيروت حيا سكنيا بكامله الى دمار. وقال مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي لصحيفة "السفير" الصادرة السبت ان زنة العبوة الموضوعة في السيارة تقدر ب"ستين الى سبعين كيلوغراما من مادة تي ان تي"، مشيرا الى انها "معطيات اولية لم تؤكد مئة في المئة". وعلم ان الحسن عاد في الليلة التي سبقت الانفجار الى بيروت قادما من باريس حيث تقيم عائلته (زوجته وولداه) التي هربها من لبنان بسبب تيقنه من انه كان مستهدفا. وقد اعتاد الحسن على اتخاذ تدابير امنية مشددة في تنقلاته. وبدت حركة السير خفيفة صباح اليوم في شوارع العاصمة التي اصيب اهلها الجمعة بالذهول والرعب نتيجة الانفجار الذي تضاربت التقارير حول حصيلة الضحايا النهائية فيه. فبعد ان ذكر تقرير رسمي ان عدد القتلى ثمانية والجرحى 86، اعلن الصليب الاحمر صباح اليوم ان الانفجار اوقع "اربعة قتلى و110 جرحى". واوضح متحدث باسم الصليب الاحمر اياد المنذر لوكالة فرانس برس صباح اليوم ان القتلى هم الحسن ومرافقه احمد صهيوني، وامراتان توفيت احداهما ليلا متأثرة بجروحها. واوضح مسعفون على الارض ان سبب الارتباك في احصاء الضحايا هو وجود اطراف في مكان الانفجار تبين ان اصحابها لا يزالون على قيد الحياة في المستشفيات. وعكست الصحف الحزن والخوف الذي اصاب اللبنانيين والاسئلة الكثيرة التي يطرحها اغتيال الحسن (47 عاما) على مستقبل البلد ذي التركيبة السياسية الهشة. وقد احتلت الجريمة عناوينها الرئيسية. وكتبت صحيفة "السفير" في العنوان "وسام الحسن شهيدا... والسلم الاهلي في خطر"، وفي عنوان آخر "صانع الامن وسام الحسن يسقط شهيدا في انفجار مجرم في الاشرفية". واضافت "غدا، لن يشبه الامس. اغتيال وسام الحسن لن يكون عابرا. سينقل لبنان من حقبة انتظار الاسوأ الى العيش في اسوأ المخاطر وافدحها". وكتبت صحيفة "النهار" "رأس الحربة ضد النظام السوري... شهيدا"، مشيرة الى ان الاغتيال "نقل البلاد في لحظات من ضفة الى ضفة مع كل الاخطار المحدقة بالاستقرار الامني". واتهم الحريري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي يصنف نفسه في موقع وسطي الرئيس السوري بشار الاسد بعملية الاغتيال. وقال بيان قوى 14 آذار ان اغتيال الحسن "اعلان ان قوى الشر والارهاب مصممة ومستمرة في محاولة انجاز ما بدأته في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري" العام 2005. واضافت "انها جريمة بتوقيع نظام بشار الأسد وحلفائه الاقليميين وأدواته المحلية". واتهم معارضون حزب الله بالضلوع في الجريمة. وكان لفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي الدور الابرز مؤخرا في كشف مخطط تفجير في لبنان اتهم به النظام السوري والوزير اللبناني الاسبق الموقوف ميشال سماحة. وادى الفرع دورا اساسيا في التحقيق في سلسلة الجرائم التي استهدفت شخصيات سياسية لبنانية معارضة لسوريا بين العامين 2005 و2008، ابرزهم رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005. وكتبت صحيفة "الاخبار" في صفحتها الاولى "اغتيال الرجل القوي". ورقي الحسن الى رتبة لواء بعد مقتله امس، وهو يعد من كبار الضباط السنة ومقربا من سعد الحريري. واعلنت السلطات ان الحسن هو المستهدف بعملية التفجير بعد اكثر من اربع ساعات على وقوع الانفجار. وفور شيوع الخبر، عمد مواطنون غاضبون الى قطع طرق في مناطق عدة، بينما حصل اطلاق نار في مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية في الشمال على مناطق واحياء محسوبة على حلفاء دمشق وحزب الله تم الرد عليها وقتل فيها شخص، بحسب ما افاد مصدر امني محلي.