القاهرة - بمبادرة من اتحاد الغرف التجارية برئاسة أحمد الوكيل وقعت مؤخرا غرفتا الاسكندرية والبحيرة بروتوكول تدشين أول بورصة سلعية في مصر تهدف إلي ضبط ايقاع السوق وشفافية تداول السلع وفقا للعرض والطلب ومحاربة الممارسات الضارة مثل التهريب والاحتكار والغش التجاري. ولأن عشوائية الأسواق وتجارة الأرصفة اصبحت تمثل خطراً كبيراً علي الاقتصاد القومي فقد حرصت جريدة الجمهورية.. علي مناقشة هذه القضية مع خبراء التجارة والصناعة والاقتصاد والاستثمار لمعرفة هل البورصة السلعية ستعيد التوازن للأسواق وتحقق الحماية للمستهلك وتمنع الممارسات الاحتكارية. وفي البداية اكد الخبراء ان البورصة السلعية وحدها لا تكفي لضبط ايقاع السوق والحفاظ علي آليات العرض والطلب مؤكدين ان الفكرة جيدة وتطبيقها يحتاج إلي تنسيق مع مؤسسات عديدة بالدولة والقطاع الخاص مثل الأجهزة الرقابية وجهاز حماية المستهلك وجهاز المنافسة ومنع الاحتقار. وقالوا إن المشروع يحتاج أيضا إلي تعديل في التشريعات المنظمة للتجارة والعمل ووقف التشابك والتضارب في هذه التشريعات حتي لا تكون هناك ثغرات في التنفيذ والتطبيق. وطالب الخبراء بتعميم التجربة علي جميع الغرف التجارية بالمحافظات حتي تكون هناك قوة في التطبيق والتصدي للممارسات الضارة. وأكد خبراء التجارة والاستثمار ان البورصة السلعية خطوة علي الطريق ولكن لابد من استكمال برنامج تطوير قطاع التجارة الداخلية وتنظيم الاسواق حتي نضمن شفافية تداول السلع في الاسواق المحلية. ومحمد المصري نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية يقول: إن البورصة السلعية خطوة علي الطريق حيث تساهم في الحد من العمليات الاحتكارية والافصاح عن الاسعار بشكل مباشر الأمر الذي يؤدي إلي مزيد من الشفافية في عملية التداول. وقال: إن هذا النظام معمول به في العديد من الدول مثل تركيا وتأكد نجاحه الأمر الذي يتطلب تعميم هذه التجربة في جميع محافظات مصر بعد ان بدأنا في الاسكندرية والبحيرة. والمهندس محمد الهواري نائب رئيس غرفة الجيزة التجارية يقول انه لابد من تنقية التشريعات المنظمة للتجارة والعمل علي اعادة النظر في بعض هذه القوانين بشكل يضمن اجراءات آمنة لاصدار تراخيص التأسيس والتشغيل الخاصة بالمؤسسات التجارية والتخلص من ظاهرة وقف تراخيص المحلات التجارية والتي يعاني منها 60% من المحلات الموجودة داخل المدن حيث هناك محلات تعمل منذ 20 عاماً وللأسف بترخيص الأمر الذي يؤكد ان هناك ثقوباً في مواد القانون ويجب علاجها فوراً. وقال الهواري انه مطلوب التوسع في انشاء الأسواق المنتظمة بجوار البورصة السلعية ومؤسسات حماية المستهلك سواء بجهاز حماية المستهلك أو الجمعيات الاهلية المختلفة. وأحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية يقول: إن الهدف من البورصة السلعية ضبط ايقاع السوق وضمان عدم تعرض أي سلعة للاحتكار أو الممارسات الضارة بحماية المنافسة موضحاً ان من ضمن الاهداف للبورصات السلعية هو توفير البيانات اللازمة لكافة السلع والمنتجات سواء المحلية أو المستوردة ليتم وضعها امام الجهات المعنية بما يخول لها اتخاذ الاجراءات السليمة التي تحقق في النهاية معدلات النمو الاقتصادي اللازمة خلال تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن. وقال الوكيل إن تنظيم التجارة والاستثمار يمثل طوق النجاة للاقتصاد القومي وذلك ما نسعي إليه بالتنسيق بين اتحاد الغرف التجارية والحكومة حتي يمكن الوصول إلي أكبر معدل في التنمية موضحا ان هناك مشروعات جديدة في الطريق لدفع مستويات الاداء في الشارع التجاري. رحب الاقتصاديون بشدة بمقترح اتحاد الغرف التجارية انشاء بورصة سلعية تقوم بوضع سعر استرشادي للسلع والقضاء علي الفروق الكبيرة في اسعار السلعة الواحدة في أماكن مختلفة. وطالب الخبراء بوضع تشريعات وقوانين جديدة يشرعها مجلس الشعب للقضاء علي فوضي الأسعار وحماية المستهلك من جشع بعض التجار. وعمل لجنة رقابية لمتابعة الأسواق ومعاقبة المخالفين. وأكد الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد الخبير الاقتصادي ونائب رئيس أكاديمية السادات للعلوم الادارية الأسبق أنه من المفترض أن تلعب الغرف التجارية والسلعية دوراً كبيراً ومهماً في آليات السوق واستقرار الأسعار وتنظيمها والرقابة عليها. مشيرا إلي أننا ننادي دائما ومن القدم بتحديد هوامش ربح معقولة لكل سلعة وعلي الغرف التجارية أن تحدد هذا الهامش وليس الحكومة وذلك بدون معاناة أو ظلم لأي من أطراف العملية التجارية. وطالب بالتعامل بكل حزم وشدة مع المخالفين من التجار سواء الجملة أو التجزئة حتي نستطيع التخلص من فوضي الأسعار والموروث من النظام السابق وذلك من خلال عمل التشريعات والقوانين اللازمة لتنظيم العملية ومعاقبة المخالفين فهم يرفعون الأسعار بدون مبرر أو منطق مقبول وانما بسبب الجشع فقط. و قال انه لابد من التصحيح ومداركة الأخطاء السابقة والتي أدت إلي ارتفاع كبير وغير مبرر لأسعار كافة السلع وخاصة الغذائية منها. واضاف ان مجلس شعب الثورة عليه أن يصدر قوانين جديدة متعلقة بتنظيم الرقابة علي الأسعار وتغليظ العقوبات والتعديل في قوانين الاحتكار وحماية المستهلك ويجب تركيز مجلس الشعب علي الأمور الاقتصادية إلي جانب السياسة وعدم الاقتصار فقط علي الامور السياسية والانشغال بها بعيدا عن الاقتصاد والذي لا يقل أهمية عن السياسة. وقالت الدكتورة أماني البري أستاذ إدارة الأعمال في كلية التجارة جامعة عين شمس أنه يمكن عمل بورصة سلعية تقوم بتقييم المعروض والطلب وتحديد سعر استرشادي للتجزئة والجملة حتي يوجدوا آلية لتحديد الأسعار والقضاء علي الفروق الكبيرة في الأسعار للسلعة الواحدة. وأضاف ان البورصة السلعية يمكن عملها بآليات محددة من خلال تحديد حد أدني وحد أقصي لسعر السلعة بحيث يكون هناك مجال حركي لسعر السلعة لا ينخفض أو يرتفع عنه. فمثلا الأرز له درجة في الجودة والخامة مما يتطلب عمل حد أقصي وأدني للسعر وعلي التجار الالتزام به. وطالبت بإيجاد جهة أو هيئة مستقلة مسئولة عن الأسواق. خاصة السلع الاستهلاكية. بحيث ان هذه الجهة تتابع الأسواق والسلع باستمرار. مع ايجاد لجنة خبراء يكون دورها رقابياً علي الأسواق مع عمل قوانين وتشريعات لحماية المستهلكين وبما يضمن وصول السلع بشكل آمن ووحيد. مشيرة إلي أن المشكلة تكمن في ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر وفي فترات زمنية متقاربة بدون مراعاة لحجم العرض والطلب لأي سلعة.. وحذر المنتجون من الآليات غير المدروسة في التجارة والصناعة مؤكدين علي ضرورة تفعيل سياسة العرض والطلب في اطار الاقتصاد الحر والسوق المفتوح والضامن الوحيد في تحقيق ذلك هو انتظام الاسواق وشفافية تداول السلع والتصدي للممارسات الضارة كالتهريب والاغراق والغش التجاري. وقال الدكتور سمير عارف عضو جمعية مستثمري العاشر من رمضان ان التصدي لآليات العرض والطلب خطر يهدد التنمية الاقتصادية موضحا ان هناك قانونا خاصا بذلك ويجب تفعيله في الاطار السليم مؤكدا ان التدخل غير المدروس في المسار الفعلي لاتجاهات التجارة قد يؤدي إلي اثار سلبية تهدم آليات الاقتصاد الحر. واتفق في الرأي المهندس محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمري مدينة برج العرب الصناعية بأن شفافية تداول السلع داخل الاسواق يجب ان تتم وفقا لمنظومة عامة تشارك فيها مؤسسات الدولة والقطاع الخاص علي ان تكون هذه المنظومة في اطار الاسواق العالمية مادمنا نطبق سياسة السوق المفتوح. وقال انه لدينا أدوات كثيرة لتنظيم التجارة وللأسف لا يتم تفعيلها نتيجة للعشوائية وتضارب القرارات والقوانين مؤكدا علي ضرورة تفعيل برنامج تطوير قطاع التجارة الداخلية وتشديد الرقابة علي المنافذ الجمركية. وحذر عامر من الآليات المكررة حيث قد تساهم في تعطيل الأعمال وخلق سوق سواء ومضاربات قد تضر اكثر ما تفيد. والدكتور محمد حلمي رئيس مجلس أمناء مدينة العاشر من رمضان رحب بفكرة البورصات السلعية بشرط أن تكون هناك ضوابط عامة تمنع الاحتقار أو استغلال المستهلك موضحا ان العمل في اطار المنظومة العامة للدولة.. وحذر حلمي من العشوائية في البورصات السلعية وخدمة طرف علي حساب الآخر مؤكداً علي ضرورة التنسيق بين اصحاب المصانع واصحاب المنشآت التجارية... وقال انه مطلوب التصدي لمنتجات "بير السلم" وعدم التعامل معها في هذه البورصات حتي يمكن الحد من انتشار هذه السلع التي تسيء لسمعة الصناعة الوطنية في الداخل والخارج. وقال أيضا انه لابد من استخدام المعيار السليم للتسعير من خلال مرجعية السوق المفتوح والاقتصاد الحر.