القاهرة - تباينت آراء القطاع التجاري والمستوردين حول اتجاه الحكومة لتقليص عملية الاستيراد خلال الفترة الحالية للحد من نزيف الاحتياطي النقدي، الذي انخفض إلي 20 مليار دولار، وفقاً لبيانات البنك المركزي، بالإضافة إلي تشجيع المنتج المصري وتحريك حركة الإنتاج للمحافظة علي حجم العمالة بالشركات وتوفير مزيد من فرص العمل. يري معارضو هذا الاتجاه أنه يؤدي إلي اشتعال الأسعار، خاصة الغذائية والاستراتيجية، نظراً لأن الإنتاج المحلي لا يلبي سوي %30 فقط من احتياجات السوق، مطالبين بضرورة الدراسة المتأنية قبل إصدار أي قرار قد يؤدي إلي زعزعة السوق المحلي والتأثير علي المستهلك، كما يجب الرجوع إلي العاملين بكل قطاع لمعرفة مدي إيجابية وسلبية مثل هذا القرار علي القطاع. علي الجانب الآخر، يؤكد المؤيدون لذلك الاتجاه أن السوق المحلية تعاني من حالة ركود كبيرة، ولذلك فإن تقليص عملية الاستيراد لفترة محددة لحين عبور الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد لن يكون له تأثير سلبي علي الأسعار، بل سوف يساهم في الحد من نزيف احتياطي النقد الأجنبي وتوفيره لاستيراد الاحتياجات الأساسية. قال محمد حمدي النجار، رئيس الشعبة العامة للمستوردين إن الاتجاه إلي تقليص الاستيراد أمر مقبول الوقت الحالي في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، مؤكداً ضرورة الدراسة الجيدة للأسواق التي تتجه الدولة لتقليص الاستيراد منها، وعدم اتخاذ قرارات دون دراسة أو الرجوع لأصحاب الشأن والعاملين بتلك القطاعات. أكد وجود قطاعات لا يمكن المساس بحجم وارداتها مثل الصناعات الغذائية التي تستورد %70 تقريباً من احتياجاتنا وبالتالي فإن أي تقليص في تلك الكميات يهدد بارتفاع أسعارها بشكل يؤثر علي المستهلك محدود الدخل. أشار إلي أن قطاعات مثل لعب الأطفال ومستحضرات التجميل والأجهزة والأدوات الترفيهية، بالإضافة إلي الأجهزة المعمرة التي لا ترتبط بالمستهلك محدود الدخل هي ما يمكن وقف استيرادها بشكل كامل لفترة محددة لتوفير العملة الأجنبية، خاصة أن تلك المنتجات لها مثيل محلي علي درجة مقبولة من الجودة، كما أن أسواقها تعاني حالة ركود بسبب ضعف القدرة الشرائية للمستهلك المصري. قال سامح زكي، عضو مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية ومستورد مواد غذائية إن أي قرار له إيجابيات وسلبيات ويجب علي متخدي القرار مراجعته بكل دقة مع المتخصصين في كل قطاع، مؤكداً عدم امكانية اتخاذ قرار جماعي بتقليص الاستيراد لجميع السلع دفعة واحدة. أكد أن هناك سلعاً كثيرة يمكن وقف استيرادها ولن تؤثر سلباً علي المستهلك، خاصة المنتجات التي لها مثيل في السوق المحلية، مشيراً إلي أن المنتجات ذات الجودة العالية والرفاهية الزائدة مثل أكل القطط والكلاب وأنواع الجبن الفاخرة والخمور والسجائر واكسسوارات تشطيبات المنازل كلها أشياء يمكن وقف استيرادها بشكل كامل للخروج من أزمة تآكل الاحتياطي النقدي، بالإضافة إلي تشجيع المنتج المحلي المثيل لتلك المنتجات وبالتالي دوران حركة الإنتاج بالمصانع المحلية. حذر زكي من اتخاذ قرارات بشكل فردي من الحكومة، مطالباً بضرورة دراسة كل قطاع علي حده لمعرفة حجم الإنتاج المحلي والطلب في السوق ومدي قدرة المصانع المحلية علي توفير تلك المنتجات بجودة عالية وأسعار مناسبة دون الخلل والتأثير علي المستهلك محدود الدخل، مؤكداً أن قطاعا مثل المواد الغذائية لا يمكن المساس به سواء بالنسبة لمدخلات الإنتاج أو المنتجات تامة الصنع، نظراً لأن المصانع المحلية لا يمكنها تلبية سوي %40 فقط من احتياجات السوق، وبالتالي فإن أي خلل في الكميات المعروضة سوف يؤثر سلباً علي مستوي الأسعار. قال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية إن اتجاه الحكومة إلي تقليص حجم الاستيراد سيؤدي إلي زيادة أسعار السلع المحلية بنسبة تصل إلي %50 للسلع الاستراتيجية وذلك علي الرغم من أن تحرك سعر أي سلعة عالمياً وارتفاعها لا يتجاوز %10، مشيراً إلي أن حجم الاستيراد تراجع العام الحالي مع صعوبة فتح الاعتمادات المستندية وعدم ثقة الموردين في الاقتصاد المصري بسبب عدم استقرار الأوضاع في الوقت الحالي. أوضح محمد رستم، نائب رئيس الشعبة العامة للمستوردين أنه من الصعب وضع قيود علي الاستيراد، مشيراً إلي أنه يرتبط بالعرض والطلب واتفاقيات دولية لا يمكن خرقها، مضيفاً أن الاقتصاد الموجه لا يتلاءم مع النظام الحر، بالإضافة إلي أن وقف استيراد بعض السلع سيؤدي حتماً إلي زيادة أسعارها. قال محمد عبدالهادي، عضو شعبة الأدوات المكتبية إن تقليص الاستيراد يضر ببعض السلع خاصة التي تعتمد %90 منها علي الاستيراد، مثل الأدوات المكتبية ولعب الأطفال التي تستورد من الصين ولا يوجد لمعظمها بديل محلي، مما يعني ارتفاع أسعارها، بالإضافة إلي عدم القدرة علي توفير المحلي منها بأسعار مناسبة.