كتب التالد العبقرى عباس محمود العقاد فى عبقريته عبقرية عمر يقول واصفاً : " كان رجلاً تنثنى اليه العقبات حيث كان دون أن ينثنى اليها حيث كانت " . و يقول أيضا : " انه ليرفع العبء الى كاهله و هو قائم لا يطأطئ للنهوض به " . انظروا الى حالكم أيا معشر الشباب فإنكم حين تقرأوا تلك الكلمات و تتفكروا فى واقعكم لابد أن تبكوا أو تقوموا ناهضين عازمين على عدم الرجعة عن خط واحد ألا و هو العلم الذى لا يأتى الا عن طريق القراءة الذى لا تتأتى الا عن طريق استغلال الوقت . قد عرضت عليكم أسبابا فى المقالة السابقة و قد وعدت بتفصيلها فى أخرى و ها أنا أوفى بعهدى . ان أكثر القضايا الهامة التى لابد أن تشغل فكرَ كل مَن يريد أن يكون نابغةً هى من يكون قدوتك ؟ أرى أن لكل شخص قدوتين : الأولى هى التى لم يرها و بلا شك هو رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و الثانية يجب أن تكون من الواقع المحيط به الملامس له و هنا تكمن المشكلة . قلت أن هذه القضية تشغل بال كل من يريد أن يكون نابغة و هذه أيضا قضية أخرى فمَن أجزم بأن شبابنا منه مَن يريد أن يكون كذلك إنْ هم يريدون الا السيارة و المال و التمتع بالنساءو كفى ، تخيلوا شاباً يكمن كل طموحه فى رغبته فى شراء سيارة و أن يعيش مستريح البال هانئ الخاطر لا ييشوبه عارض فى حياته الا واجهه بأمواله الكثيرة ، حقا انها لسعادة له تعاسة للبشرية . العلمَ العلمَ و القراءةَ القراءةَ و لكن لمن ؟ الاجابة لكل شخص فى كل أمر و ها هو العقاد ينير لنا الطريق مرة أخرى فيقول : " ليس هناك كتاب أقرأه و لا أستفيد منه شيئاً جديداً فحتى الكتاب التافه أستفيد من قراءته ، أنى تعلمت شيئاً جديداً هو : ماهى التفاهة ؟ و كيف يكتب الكتّاب التافهون ؟ و فيم يفكرون ؟ " . مابالكم بدين أناسٍ أول كلمة نزلت فى كتاب ربهم لهم هى : " اقرأ " . ثم يا اخوانى لا يجب أن نُحَمِّل كل العبء و نُلقِى بالقذائف و اللعنات على الشباب بل إن البيئة التى نشأوا فيها لها دور وكذلك ثبيط آبائهم و أقربائهم و أصدقائهم لهم بكلماتهم و أفعالهم ومن ذلك أيضاً التعليم فارغ المحتوى و المعتمد على الحفظ بشكل تام حتى دون تجريب لما هو عملى يمكن تجريبه ، و أيضا الأحوال السياسية المؤسفة التى نعيشها و التى وضعت البلاد و شبابها بين شقى الرحى مما أدى الى ظاهرة جديدة مؤسفة تسمى " الفراغ " ثم الملل من هذا الفراغ ثم الزهق من الحياة و الزهد فيها و تمنى تركها ثم هوانه على نفسه و هوان الناس عليه مما يجعله متساهلا فى الدماء . و لكن يا إخوانى لابد من نهار لكل ليل و لابد من اضاءة لكل عتمة و كما قال الشاعر : " لا يؤيسنك من مجد تباعده فإن للمجد تدريجاً و ترتيباً " و اعلموا أن فى أحلك لحظات الليل يأتى الفجر و أختم بمقولة الدكتور راغب السرجانى فيقول : " كلما اقترب النصر ازداد البلاءحتى إذا وصل المسلمون الى مرحلة الذروة فى الابتلاء جاء نصر الله فى وقت لا يتوقعه مسلم و لا كافر " . فابتسمواو لا تيأسوا قال الله جل وعلا : " انه لاييأس من روح الله الا القوم الكافرون " .