"لماذا تنتقدونا .. ماذا تريدون منا .. إننا لا نأخذ شيئاً، ولذا فليس لأحد علينا سلطان" .. تلك كانت كلمات رددها الحكم فهيم عمر عندما حاولت إحدى القنوات الفضائية أن تحاوره عن أخطاء التحكيم عقب إدارته لإحدى المبارايات التي شهدت جدلاً تحكيمياً كالعادة. فقد سيطرت حالة من الغضب على جميع فرق الدوري المصري بعد الأخطاء "الساذجة" و"غير المقبولة" و"المضحكة" في بعض الأحيان التي يرتكبها الحكام المصريون وبدأت مع إنطلاقة هذا الموسم ثم تزايدت حدتها وخطورتها مع توالي المباريات ومع قرب دخول الأسابيع الحاسمة لبطولة الدوري، الأمر الذي زاد شعور المسئوليين بالشك والريبة، خاصة بعدما تخطت قرارات الحكام هامش الخطأ المسموح به، وباتت نقطة حاسمة في تحديد نتائج المباريات، وتبعاً لذلك هبوط فريق ظلماً أو إبتعاد آخر عن المنافسة على اللقب بقرار خاطيء أو ضربة جزاء ظالمة. وبدأت الإنتقادات في بداية الموسم بشكل هامشي وعبارات نقد متناثرة من المدربين هنا وهناك، ثم جاء الدور على حسام البدري المدير الفني للأهلي الذي كان أول من أعلن عن وجود أزمة حقيقية وتسائل "هل هناك مؤامرة تحكيمية لإنتزاع اللقب من الأهلي"، ومن بعده جماهير الزمالك التي تؤكد أن أغلب مباريات فريقها تشهد تعرضه لظلم تحكيمي تخفيها سلسلة الإنتصارات الرائعة التي أبهرت الجميع مؤخراً، وصولاً باتحاد الثلاثي "المقاولون والمصري والاتحاد" الذي عقد مؤتمراً مشتركاً للتعبير عن غضبه وتعرضه للظلم، تبعهم الجونة وإنبي وأندية أخرى. ووسط الإنتقادات والهجوم العنيف الذي يتعرض له الحكام من جميع الأندية المصرية في القمة ومنطقة الوسط وحتى في القاع، والرد "المعتاد" من لجنة الحكام "إنهم بشر ويخطئون كما يخطيء الجميع" نجد أن الأزمة تدور حول نقطتين هامتين أولهما هو محاولة البعض أن يتخذ من الحكام شماعة لتبرير أخطائه وقصوره في التعامل مع الضغط المتواصل للمباريات، وإلا ما كان البدري قد خرج بعبارة لا تليق يعرف كما يعرف الآخرون إنها لا تمت للواقع بصلة وقد تكون صائبة لدي أي فريق إلا الأهلي الذي استفاد من الأخطاء التحكيمية وعانى منها على السواء في مشهد لا يمكن أبداً أن يوصف ب "المؤامرة"، وما كان أيضاً للاعبي المقاولون العرب أن يخرج جميعهم بلا استثناء قبل وبعد كل مباراة ليتحدث عن الحكام وأخطائهم بشكل يفوق وعيهم بالخطط التدريبية لجهازهم الفني، الأمر الذي أدى إلى فقدانهم نقاط عديدة في مباريات تسيدوها طولاً وعرضاً وكانوا متقدمين حتى نهايتها بثوان معدودة قبل أن يفقدوا تركيزهم في اللحظات الحاسمة. وما كان أيضاً لإبراهيم حسن المنسق العام للزمالك أن يتحدث عن أخطاء قد تؤثر على فرص فريقه في الفوز بالدوري، خاصة مع سيل النقاط الذي فقده فريقه في الدور الأول على أرضه ووسط جماهيره، وأيضاً مع استفادة فريقه من الأخطاء نفسها في مباريات الإسماعيلي والمقاولون وغيرها. أما النقطة الثانية فهي أخطاء فعلية من التحكيم تثير الريبة في نفوس الجميع على شاكلة ما حدث أمس في مباراة الأهلي وإنبي التي شهدت إحتساب ركلة جزاء "صحيحة" للأهلي مع تحفظ وحيد وهي إنها تحدث في جميع المباريات ولا يعيرها الحكام أي إهتمام، إضافة إلى عدم إحتساب هدفين صحيحين للفريق البترولي بشكل لا يقبل العقل أن يمر مرور الكرام أو أن يعتبره خطأً بريئاً. وتواجد مثل هذه الأخطاء يعود بنا لعبارة فهيم عمر المذكورة في البداية، وهي التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكام سواء كانوا بشراً أو حتى ملائكة، لا يحصل المخطيء عن عمد منهم على عقاب رادع، ذلك أنهم بالأساس لا يحصلون على حقوقهم المادية ويتقاضون مقابل ضعيف جداً لا يجعل لأي مسئول عليهم سلطان، فهم لا يحصلون سوى على القليل وبالتالي فعقابهم بالحرمان من المباريات لا يعني شيئاً، والخصم من مستحقاتهم "نكتة" سخيفة لا يمكن التعليق عليها. وتبقى في النهاية أزمة التحكيم المصري نقطة في منظومة الاتحاد المصري التي أثبتت فشلها في أغلب القضايا والأزمات التي واجهتها، ذلك أنه مع كل تلك الأموال التي يجمعها زاهر ومساعديه إثر الفوز بالبطولات الإفريقية وبيع حقوق البث للفضائيات وغيرها، لا يستطيع أن يوفر رواتب عادلة تعيد الثقة في حكام مصر وتبطل حجة فهيم عمر ورفاقه.