تزامنت شكاوي المنتخبات والأندية الأفريقية من العنصر المهم والمؤثر في الرياضات المختلفة وهو التحكيم مع قريناتها في القارات الأخري من نفس العنصر.. فقد اتاحت لي مشاركتي في متابعة مونديال العالم رقم 24 لكرة اليد المتواجد مع وفود ورموز من قارات العالم المتعددة.. وتعرفت مثلاً علي حالة الهياج والانفعال التي أصابت أعضاء البعثة التونسية من الظلم التحكيمي الصارخ من الحكم المورشيوسي راجيندر أبا رساد والذي تجاوزت الاتهامات له حدود المعقول والمقبول من الاتهامات التي توجه أحياناً للحكام كالتقصير وعدم التركيز إلي الغرض والمرض والرشوة.. وقد تصاعدت المطالبات من الجماهير للجامعة التونسية الاتحاد بضرورة التخلي عن الهوية الرياضية الأفريقية والخروج من عباءة الاتحاد الأفريقي "الكاف" الذي لا يواجله مثل هذه الأمور بحزم وحسم ويتركها للتمادي والفوضي حتي أصبح التحكيم الأفريقي عرضة للألسن ومدعاة للتشكيك.. وعلي نفس النمط وبنفس الوتيرة العالية شاهدت بأم رأسي أمثلة أكثر سفوراً وفداحة من الحكام الذين أداروا منافسات كرة اليد العالمية.. شاهدت طاقم "تحكيمي" لم أعرف جنسيته حتي الآن عالياً من أوروبا يقتل طموح المنتخب البولندي في بلوغ الدور النهائي ويتعاطف بل ويتعمد ترجيح كفة القطريين أصحاب الأرض ليصلوا للدور النهائي بدلاً منهم.. ولقد نصب البولنديون من اللاعبين بمساندة جماهيرهم في المدرجات حلقة حول الحكام وأمطروهم تهكماً واستهزاءً وأشاروا بإشارات تمس نزاهتهم وكرامتهم وتوجه اتهامات ايمائية علي أنهم مرتشون.. وقد سبق وإن شاهدت اعتراضات شبيهة من الأسبانيين لكن أخف درجة في مباراتهم مع الدانمرك التي تفوق فيها الأخير وأخرجهم من المنافسات مع أنهم حامل اللقب.. وكانت الوفود العربية قد شكت من الظلم التحكيمي بدرجات متفاوتة وقدمت شكاوي مكتوبة للدكتور حسن مصطفي رئيس الاتحاد الدولي الذي وعد ببحثها والتحقيق فيها غير أن الوفود الجزائرية والتونسية وحتي المصرية خرجت من الأدوار الأولي ولم تواصل مشوارها الطموح في البطولة وكانت شكوي البعثة ساعتها من طاقم التحكيم القطري الذي أدار المباراة.. ولقد اعترف مستر روكا نائب رئيس الاتحاد الدولي لليد بوقوع اخطاء تحكيمية لكنه أكد أن هذه الأخطاء جزء أصيل من فنيات اللعبة وأنهم رغم المساعي الحثيثة التي يبذلوها للتقليل من معاناة الفرق من التحكيم غير أن العامل البشري الذي لا يمكن إغفاله يسهم في استمرارها.. وللحقيقة فإن الاتحاد الدولي لليد ابتكر عوامل مهمة لعلاج هذه الظاهرة منها تخصيص حكم عام خلف كل المحكمين المشاركين في إدارة المباراة ليرجع إليه في المعضلات اثناء اللقاء ليفصل فيها غير أنني شاهدت مثلاً هذا القاضي الأكبر يخطئ هو أيضاً عندما قرر طاقم التحكيم استبعاد أحد اللاعبين من منتخب قطر نهائياً عن المشاركة في مباراة قبيل بدايتها مباشرة غير أن القاضي رأي غير ذلك وامتثل له الحكام وطردوه لمدة دقيقتين فقط هو لاعتدائه بدون كرة علي لاعب منافس وإصابة. التحكيم عنصر لا يمكن السيطرة علي تبعاته وتداعياته تماماً.. وإنما تنصب محاولات العلاج في التخفيف فقط من سلبياته.. وهذه أيضاً تبدو محدودة في الفترة الأخيرة.. ولعلي اذكر في بطولة العالم لكرة القدم التي جرت بملاعب كوريا واليابان وكنت اتابعها من كوريا عندما استحدثت التقنية التي استطاعوا بها اعادة اللقطات التي يخطئ فيها الحكم اثناء المباراة نفسها وقد يتسبب هذا في مزيد من الارتباك من الحكم وسعيد لتعويض خطئه والتعاطف مع الجانب المظلوم وهو يؤدي إلي تذمر في كلا الطرفين.. وذهب وفد من الحكام لمقابلة بلاتر رئيس الاتحاد وطالبوه بالغاء هذه الاعادات للإسهام في توازن الحكم المخطئ غير أنه رفض بشدة.. ولا شك أن المحاولات مستمرة في التخفيف من الأخطاء التحكيمية ومنها اضافة حكمين لمتابعة الخطوط خلف المرميين وكذلك التقينين الخاصة بتجاوز الكرة خط المرمي داخل الشباك وتنبيه الحكم لاحتساب الهدف وغير ذلك من مساع جيدة.. ويبقي المهم إذا كانت كل المحاولات قائمة للتخفيف من الأخطاء البشرية فهل هناك محاولات لعلاج الأخطاء الضميرية المغرضة.. أقول بكل الصدق لا فإن الضمائر إذا فسدت فلا أمل في العلاج.. وللأسف الشديد فإن بعضها يذهب وبشدة إلي الفساد والغرض.