الحمد لله علي فوزنا علي غانا.. ولصعوبة هذا الفوز قصة.. وشكرا للسيد الرئيس محمد مرسي علي تكريمه للفريق في نفس يوم وصوله.. وهذا له قصة أيضا. غانا.. وكذا نيجيريا لم يشتركا في مسابقات أفريقيا إلا في أوائل الستينيات.. بعد مصر التي أنشأت الاتحاد الأفريقي واشتركت في بطولات أوروبا والعالم بحوالي نصف قرن.. أذكر أن ثالث بطولة للأمم الأفريقية كانت عام 1961 في أديس أبابا وكانت بين أربع فرق هي: مصر والسودان وأثيوبيا والكونغو فقط.. لم تظهر أسماء غانا ونيجيريا سوي في البطولة الرابعة في أكرا.. وهذه البطولة لها قصة. في نفس موعد هذه البطولة أقام الرئيس أحمد سوكارنو رئيس أندونيسيا بطولة دول عدم الانحياز في مدينة جانيفو بمناسبة انعقاد مؤتمر عدم الانحياز الذي كان يضم جمال عبدالناصر وتيتو ونهرو وسوكارنو في هذه المدينة.. وأصر عبدالناصر علي اشتراك مصر في هذه البطولة.. ورفض المشير عبدالحكيم عامر رئيس اتحاد الكرة لأن مصر التي فازت بأول بطولتين ثم خانها الحظ في البطولة الثالثة في أثيوبيا في آخر ثلاث دقائق من المباراة النهائية بسبب قلة الأكسجين لارتفاع أديس أبابا عن سطح البحر بأكثر من أربعة آلاف قدم.. لذا كان المشير مصرا علي أن نسترد البطولة في أكرا التي لم يسمع عنها أحد من قبل!!! وكان هذا الخلاف الرياضي السياسي علي أعلي مستوي حديث الصحف كلها.. وأخيرا تم الوصول إلي حل. الفريق الكبير يسافر إلي أكرا لاسترداد كأس أفريقيا وأمين شعير مدير الأهلي وفي نفس الوقت مدير الكرة الإداري بالأهلي.. يختار "فلول" اللاعبين ويسافر إلي أندونيسيا لمجرد الاشتراك.. فقد كان واضحا أن يوغوسلافيا التي سبق أن فازت ببطولة الأوليمبياد قطعا ستكسب بطولة عدم الانحياز. اختار أمين شعير فريقا برئاسة أبوسريع لاعب السكة الحديد.. وسافروا إلي أندونيسيا.. وقال لهم أمين شعير: - هناك مكافأة مالية ضخمة للبطل ومكافأة أخري للوصيف الثاني.. المكافأة سيتم توزيعها عليكم كاملة لن يأخذ اتحاد الكرة ولا أية جهة أي دولار واحد منها.. وإذا فزتم لا أعتقد أن جمال عبدالناصر سيبخل عليكم ولا المشير بمكافآت أخري.. أنتم أحرار.. إذا أردتم "غنيمة محترمة" نزلت عليكم من السماء استقتلوا وموتوا في الملعب. وقد كان.. بمفاجأة غير متوقعة فاز الفريق بالبطولة وحمل أبوسريع كأس عدم الانحياز وأخذ اللاعبون ثلاثة "غنائم"!!! من البطولة ثم من اتحاد الكرة طبقا للوائحه ومن جيب عبدالناصر الشخصي!!! *** اقرأ بقي هذه المفاجأة... في نفس الوقت خسر فريقنا الكبير الذي يضم عتاولة مصر البطولة الأفريقية بهزيمة ساحقة من غانا التي أذهلتنا خلال عروضها في هذه البطولة!!! عندما عدنا إلي القاهرة.. قرر المشير دراسة "حكاية غانا".. حكاية "خروج عفريت من القمقم" حكايات خيالية في أفلام إسماعيل يس!!!.. أدرسوا الموضوع.. تقرر سفر الدكتور محمد خطاب كبير أطباء اتحاد الكرة وهو في نفس الوقت لاعب قديم.. إذن هو خير من يعطينا تقريرا وافيا.. وكان تقريرا محبطا لنا جميعا في اتحاد الكرة. - ماذا في التقرير؟؟؟ - نص ما قاله خروشوف لجمال عبدالناصر عام .1956 ... املأ قري الريف بمراكز شباب لها ملاعب واسعة جدا يلعب فيها أهل القرية كما يشاءون.. بجوار قصور ثقافية للارتفاع بالحس الفني أيضا.. ثم تقف أقسام الشرطة والمستشفيات!!! فلن يصبح لها لزوم!!! وهكذا تقدمت غانا.. عدد لاعبيها المحترفين في أوروبا أكبر من عدد لاعبي كل الدول الأفريقية.. وأصبحت أكبر منافس في القارة.. لأنهم طبقوا ما قاله خروشوف وما فعله الاتحاد السوفييتي.. ولكن نحن حولنا مراكز الشباب إلي صالات أفراح وسرادقات عزاء ومقرات انتخابية!!! ورغم قيام ثورة منذ عامين.. ووجود وزارة اسمها "وزارة الشباب" مازال الحال علي ما هو عليه. بركة ربيع يس هي التي فازت.. لا اتحاد الكرة ولا وزارة الشباب.. ولولا فضل الله - سبحانه وتعالي - علي هذا الشعب الطيب المسكين المؤمن المغلوب علي أمره لما انتصرنا.. لا علي غانا.. ولا علي زيمبابوي. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. *** وأقول أيضا شكرا كل الشكر للرئيس محمد مرسي.. لماذا؟.. أقول لك لماذا؟؟؟ إذا كانت ذاكرتك قوية ستتذكر ما كتبته هنا في نفس هذا المكان - وكان أول مقال لي هنا - سنتذكر أنني لفت نظر رجال الدولة أن الاحتفال بأي فوز رياضي بالذات يكون في نفس اليوم.. بل في نفس الساعة.. وكان هذا بمناسبة عودة بعثة مصر من أوليمبياد لندن ومعها ميداليتان.. ميدالية مصارعة وميدالية سلاح.. فقررت الرئاسة تحديد "موعد فيما بعد" لمقابلة الرئيس. يومها كتبت هنا أن ملك إسبانيا انتظر فريقه الفائز ببطولة العالم بجنوب أفريقيا للقائهم بمجرد وصول الطائرة التي تقلهم من هناك.. وهذا كان يفعله حسني مبارك أيضا.. بل جمال عبدالناصر البعيد تماما عن الرياضة أرسل سكرتيره إلي مطار القاهرة لكي يأخذ عبدالجليل حميدة حارس المرمي في المطار إلي منزله ليهنئه علي صدة ضربة جزاء قاتلة من قدم خير لاعبي أفريقيا صديق منزول ففازت مصر وتأهلت لأوليمبياد روما علي حساب السودان.. وعندما فاز تماسيح مصر في بطولة المانش وكتبت صحف العالم عنهم استقبلهم عبدالناصر بمجرد وصولهم وهما حسن عبدالرحيم ومرعي حسن حماد ومنحهما فيللتين في امبابة.. قبل كل هذا.. سعد زغلول زعيم الأمة أرسل برقية تهنئة لفريق مصر بعد فوزه بالمركز الرابع في أوليمبياد باريس.. واستقبلهم مع بعض نبلاء العائلة المالكة في ميناء الإسكندرية. لذا.. الشكر كل الشكر للرئاسة التي احتفلت بالفريق في نفس يوم وصوله.. لا تحديد موعد فيما بعد. يا ريت.. تكون هناك صلة.. وثقة.. بين السلطة عموما والإعلام.. كما يحدث في كل الدول الديمقراطية.. وغير الديمقراطية.