بعد عام كامل من مذبحة بورسعيد التي ادمت القلوب واوجعت العقول اصبحت الكرة المصرية تعيش يوما بيوم ..يوم حلو ..ويوم مر ولما لا بعد ان ادرك الجميع بعد مرور 12 شهرا من المذبحة بأن الحكم الكروي صار في يد الالتراس وليس في يد القابعين في الجبلاية ! الحكم ضد المتهمين في المذبحة. بالرغم من أنه هدأ القلوب بعد احالة أوراق 21 متهما إلي فضيلة المفتي أغلبهم من ألتراس النادي المصري الا أنه سيساهم في تعميق هذا الاحساس بعد ان صارت الاحكام القضائية في مصر هي الاخري كغيرها لاترضي احدا! الآراء تعددت والرؤي اختلفت لكن الأهم هنا هو السؤال الذي عجز الكل عن ايجاد اجابة له : متي يعود الدوري ؟! البعض يراهن علي عودته يوم السبت المقبل بعد ان اعطت كل الجهات ضمانات كاملة باقامة المسابقة في موعدها ..اما الآخرون فيؤكدون انه لن يعود ابدا !! هؤلاء دللوا علي ذلك بردود الافعال التي بدأت تطفو علي السطح منذ صدور الحكم والمرشحة للتصاعد في الايام المقبلة بطبيعة الحال .. خاصة بورسعيد التي شهدت حالة من التمرد وأعمال الشغب واسعة النطاق بعد صدور الحكم اضافة الي التراجع المستمر من جانب اتحاد الكرة ووزارة الرياضة عن مواعيد كثيرة سبق وان اعلنها كل منهما لعودة النشاط ! فنحن كنا نري دائما حينما يحل موعد بدء المسابقة من يخرج علينا ليؤكد انه تم تأجيل المسابقة لاجل غير مسمي ..بل وحينما يتم تسمية ذلك الأجل نشاهد بأنفسنا من يؤجله من جديد وكأنها متاهة مكتوب علينا الا نخرج منها!! الاندية من جانبها استعدت لعودة الحياة مرة اخري الي الملاعب المصرية رغم كل ما يجري حولها من حالة عامة من عدم الاستقرار..وحتي وان كانت هذه العودة من خلال ملاعب عسكرية مغلقة لن تستطيع الجماهير ان تنفذ منها برغم تطابقها الكامل مع اشتراطات النيابة لتأمين المباريات ! شبهة اهدار المال العام !! لكن من الكلام المسكوت عنه ان هناك من بين الاندية من لايريد عودة الدوري فعلا بسبب الازمة المالية الطاحنة التي يمر بها النادي او خوفا من تعرضه لخسائر جديدة قد تعرض مجلس ادارة النادي او صاحب القرار لمساءلة مبنية علي شبهة اهدار المال العام !! من بين هذه الاندية الاتحاد السكندري وبتروجيت وغزل المحلة بالاضافة الي وادي دجلة والذي يخضع للرقابة المالية برغم تمتعه بصفة الهيئة الخاصة نظرا لكونه شركة مساهمة مصرية ! علي الجانب الآخر نجد ان هناك من يتشوق بالتأكيد لعودة المسابقة ..وعلي رأس هؤلاء اللاعبين والاجهزة الفنية والادارية والطبية والتي تضررت بالفعل من جراء توقف النشاط نتيجة التخفيض الحاد في رواتبها والذي جاوز ال 70% في بعض الاندية بسبب انعدام الايرادات بما فيها توقف الرعاة الرسميين عن ضخ اموال بها منذ ابريل الفائت كما حدث في الأهلي والزمالك مثلا ..او هروب الرعاة في اندية اخري كما هو الحال في الاسماعيلي !! ضخ 700مليون ان عودة النشاط اذا ماتمت بالفعل ستمثل الحياة بذاتها لهؤلاء جميعا حيث تؤكد لنا الارقام ان هناك اكثر من 700مليون سيتم ضخها في الاندية من خلال الرعاة المتوقعين ومن عائد البث الفضائي وهو ما سيؤدي الي تأمين المستلزمات الضرورية لاكثر من 50الف اسرة كل مواردها من لعب الدوري! الفيزا والماستر كارد ان استعراض الوضع الحالي يجعلنا نؤكد ان بعض اللاعبين اصبح علي وشك دخول السجن بسبب الشيكات التي كان قد وقعها لشراء سيارات وشقق وفيلات سكنية واثاث واشياء اخري قبل فبراير من العام الماضي ..والاخطر ان بعض الجهات التي اقترض منها اللاعبون كالبنوك مثلا بدأت بالفعل اتخاذ اجراءات قانونية ضد بعض اللاعبين بل ان من بينها من حصل علي احكام بالسجن تصل الي عامين ضد لاعبين بعينهم احدهم علي الاقل لاعب دولي ونجم كبير في ناد شهير جداً! اما عن كروت الفيزا والماستر كارد فحدث ولاحرج لدرجة ان بعض اللاعبين متوقفين عن سداد مستحقات هذه الكروت البنكية منذ اكثر من ستة اشهر بل ان بعضهم قد سافر خارج مصر ليحترف بالخارج وهو ما يعرضه لاستصدار حكم ¢بورتستو¢ ضده اي اشهار افلاسه ! علمنا ان آخرين اضطروا لبيع بعض مقتنياتهم الشخصية للصرف منها علي اسرهم ..احد اللاعبين مثلا اضطر لبيع الشاليه الذي كان يمتلكه بالساحل الشمالي لكي يعالج اوضاعه المالية بينما لم يجد آخر مفر سوي بيع السيارة التي كان قد اشتراها لزوجته لكي يستطيع سداد الاقساط المستحقة عليه !! واذا كان هذا هو الحال مع اللاعبين من اصحاب الطبقات العليا ..فان الوضع مع الاندية قليلة الموارد اشد خطورة لدرجة ان بعضهم صار لايجد قوت يومه بل ان احدهم اضطر لاخراج اولاده من المدرسة الخاصة التي كانوا يلتحقون بها وادخلهم مدرسة حكومية قليلة المصروفات ! المثير ان هؤلاء الذين ينتظرون بفارغ صبر عودة الدوري لكي يحصلوا علي مستحقاتهم المتأخرة ستزداد اوضاعهم مأساوية اذا ما اتخذ بسبب تداعيات الاحداث قرار جديد بتأجيل المسابقة والذي سيعني عمليا الغاء الدوري هذا الموسم وهو ما ينذر بكارثة مشابهة لتلك التي حدثت بعد نكسة يونيه .67 الكثير من اللاعبين سيضطرون لاعتزال اللعب بسبب استغناء الاندية عنهم اما المحظوظون فقط فهم الذين سينجحون في الحصول علي فرصة للاحتراف في اندية اوربية وخليجية وهو ما يعني عمليا موت الكرة في مصر! الأهلي نفسه الذي كان بمثابة الومضة الوحيدة وسط الظلام الدامس لن يتحمل سوي المشاركة لموسم واحد جديد فقط علي المستوي الافريقي بغير المشاركة في مسابقات محلية ..وبالتأكيد فان سيناريو البطولة الأخيرة لن يتكرر مرة اخري في ظل ارتفاع حدة المنافسة من عام الي آخر!! انهيار مالي في الاهلي والزمالك الغريب ان هناك من شدد علي ان الأهلي تفصله اشهر قليلة قبل الانهيار المالي خاصة في ظل اصراره الأخير علي تدعيم صفوفه بصفقات جديدة في الوقت الذي عجز فيه عن سداد مستحقات لاعبيه ! في الاتجاه الآخر نجد ان الزمالك صار مؤسسة غير موثوق في التعامل معها نتيجة تعدد حالات اصدار الشيكات البنكية بغير رصيد ..والمؤسف ان مسؤلي النادي مازالوا مصرين علي انفاق المزيد من الاموال في صفقات وهمية ستزيد المبلة طين بعد ان اصبح الكل يدرك الآن ان النادي الابيض قد اشهر افلاسه فعلياً!! اما المنتخب فسيخسر الفرصة الاخيرة له في التاهل لنهائيات كأس العالم بالطبع ونحن رأينا كيف تراجع مستواه بشكل مخيف في الفترة الأخيرة للدرجة التي جعلته يتلقي هزائم بالثلاثة والاربعة علي يد فرق كنا نحقق الفوز عليها بسهولة في المباريات الرسمية وليس في الوديات! حتما سيرحل برادلي ومعاونوه فيما سيظل المجلس الحالي لاتحاد الكرة مثل خيال المآتة بلا لون ولا طعم ولارائحة !! الحقيقة ان لو ذلك حدث فاننا سنحتاج لعشر سنوات علي الاقل لكي تستعيد الكرة المصرية مكانتها الافريقية ولاكثر من عقدين لكي يكون لدينا من جديد اجيال متلاحقة يمكن ان يحدث من خلالها الاحلال والتجديد الطبيعي للمنتخبات! ومن عناصر اللعبة التي لم يذكرها الكثيرون :الحكام ..والتي تبدو معاناتهم اكثر من الجميع ..فهم لايمارسون ادارة المباريات ولا يتقاضون اي بدلات وصار مستواهم متراجعا الي حد مخيف ..بل واكدت مصادر مقربة منهم بالفعل بان هناك العشرات منهم قد اتخذوا قرارا حقيقيا بالاعتزال. ان المشاهد المنتظر ان تكون امامنا في الساعات المقبلة ستحدد بشكل قاطع مستقبل اللعبة الشعبية الاولي في مصر في ظل حالة من الاحباط الشديد نتيجة الاحساس العام بأنه لاتوجد ارادة سياسية من جانب الدولة لعودة حقيقية للنشاط بعد ان تركت الحكومة الحبل علي الغارب لمجموعات الالتراس تفرض سطوتها علي الجميع..فتحتل شوارع بورسعيد تارة وميدان التحرير تارة اخري !! ان التهديدات التي انطلقت من هنا وهناك بمجرد صدور الحكم تؤكد ان شيئا ما يدبر في الخفاء يدفعنا الي الاعتقاد بأن الطرف الثالث الذي اعتدنا ان نكيل له الاتهامات سيعاود الظهور من جديد ! وحتي لو عاد الدوري يوم السبت المقبل وسارت الامور عكس ما هو متوقع فاننا سنجد شيئا ما وقد انكسر في النفوس ..المسابقة ذاتها ستقام بنظام المجموعتين وهو نظام اعتادت الكرة المصرية ان تلجأ اليه في لحظات الارتباك ..والملاعب ستكون خاوية من الجماهير ..والكل يترقب اي خروج علي النص ..فهل هذه كرة ؟ اننا ما زلنا نحتفظ في الذاكرة بمشاهد الفخر والعزة التي مررنا بها كلما حصلنا علي بطولة لكأس الامم ..وقتها لم يكن هناك تعصب او فوضي ..كان هناك المعلم شحاتة والصقر احمد حسن وامير القلوب ابو تريكة ..او قل ان صح التعبير كان هناك حالة من التوحد افتقدناها كثيرا للأسف!