رئيس التحرير أنا عايزة أقول إني أُكنّ الاحترام والتقدير لمؤسستنا العسكرية المتمثلة فى جيش قوى مؤمن مغوار، قاد معارك كثيرة ضد أعداء الوطن، وحافظ على ثرى أرض مصر الطاهر، ودافع عن ناسها الطيبين الشرفاء، وأقول ذلك اقتناعا، وفى نفس الوقت تأثرا بأبي الذي كان ينتمي -حتى وفاته- لهذه المؤسسة، وكان لا يطيق نقدها إلا قليلا. ولكن لازم اللي فوق يفهموا إن التاريخ سيذكرهم إما بأنهم من أخذوا القرار الصائب فى الوقت الصائب، ثم عبروا بمصر عبورا أكثر روعة، وحققوا إعجازا وشرفا أكبر من عبور 73، وإما أن يقول إنهم أخذوا القرار لاعتبارات أخرى، ولم يستطيعوا أن يعبروا بمصر من النفق المظلم، بل قتلوها في هذا النفق! ويا رب ما يجيب اللي بعد "وإما"، لأن الشعب استحمل كتير، واتهان كتير، واتدمر نفسيا ومعنويا كتير، وشرب المر وزرعه وحصده وقعد أكتر من 30 سنة تحت مسمى "الدول النامية"، و"دول العالم الثالث"، مع إن بقليل من الضمير والإرادة والهمّة والأمانة والإخلاص والوطنية والشرف، كانت مصر زمانها بقت أفضل من كل النماذج اللي بنضرب بيها المثل دلوقتي! ليه؟.. لأن فيها مزيج نادر مش موجود في بلد تاني: الشعب الطيب الطيّع، اللي لو حمسته يبني لك جبال، وابتسامته في وشه ولسانه بيغني، صبور بس جبار، وموارد ياما: شمس وهوا ونيل وبحرين وقناة سويس وفنانين وكتاب وإعلاميين وصحفيين شرفاء، وحباهم الله –سبحانه وتعالى- بمواهب حقيقية، قضاة ودستوريين وحرفيين، إيديهم تتلف في حرير..وغيره وغيره وغيره... بس مين اللي يعرف يدير، ويكون أمين، ويراعي ربنا فينا..مين؟ مين اللي يمشي المركب من غير تحكم وفرض رأي وإرهاب! مين اللي بيحلم لمصر زينا..مين؟ على قدر حب ربنا سبحانه وتعالى لنا، كان ابتلاؤه لنا بالمفسدين والمترفين، اللي جابونا الأرض! عملنا ثورة يا اللي فوق عشان ربنا لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم، ثورة سلمية محترمة، العالم هيفضل يدرّسها سنين، عملناها وإحنا عارفين إننا هنقضي بقية عمرنا نبني ونزرع ونشتغل عشان خاطر اللي جاى، وما عندناش مانع. بس المصيبة الكبرى بقى إن بعد كل التعب ده، مصر ماتبقاش زى ما إحنا عايزين!! وكل اللي دفع تمن غالي، يحس بالخديعة، ويتحول، ويصرخ بعلو الصوت "عليا وعلى أعدائي يا رب"!! يا نخلي مصر جنة وقدوة وأجمل بقاع الأرض، يا إما ملوش لازمة التعب من أصله! وساعتها حالة الإحباط هتفجّر مصر من الداخل، من غير لا أجندات ولا طائفية ولا دياولو!! أنا عايزة أقول للي فوق، عشان بس ما يبقوش مستغربين من الشك اللي معشش في قلوبنا: الناس بتقول ما هم مش فاهمينا، ولا هيقدروا اللي إحنا فيه... ليه؟ عشان اللي إحنا ثُرنا عليه -النظام كله- هم ماشافوش منه إلا كل خير.. يعني إيه؟! يعني هم وقفوا في طوابير العيش من بعد الفجر للظهر عشان عيش بشلن وبمسامير؟ طب هم ولادهم كانوا بيدرسوا في مقالب زبالة وعلب سردين ويخرجوا لا بيقروا ولا يكتبوا؟ طب هم كانوا بيدوروا بابنهم المريض –عافانا الله- بالمرض الخبيث ويتنططوا بيه في الأوتوبيسات العامة اللي على آخرها، ولا في ميكروباص بيجري زي المجنون عشان يودّوه جلسة الكيماوي؟ طب هم ساكنين في صفايح بتجري فيها الفيران والتعابين؟ طب هم حد خد ولادهم تحرّي في وسط الليل والظابط نزل هاتك يا ضرب واعتداء جنسي عليه؟ طب هم حد هددهم قبل كده، إنهم لو حاولوا ياخدوا حقهم هيوديهم ورا الشمس، وناموا بقهرتهم وعنيهم مكسورة ومفلوءة من العياط؟ طب هم عمرهم اضطروا يدوروا على واسطة تساعدهم يعملوا محضر فى قسم بلدهم، ضد واحد جبار اعتدى عليهم؟ ابنهم حب يعمل مشروع وشاف الويل، ودفع رشاوى قبل وفي أثناء وبعد المشروع عشان يخليه يستمر، ولما اتجرأ، وقال لأ، طربقوا المشروع ولسه مش عارف ياخد حقه من مين؟ أكيد لأ.. يبقى هيحسوا بالأسباب اللي قامت بيها الثورة إزاى؟ هيحسوا بالفوران اللي إحنا فيه إزاي؟ هيقدروا استعجالنا وخوفنا على مستقبلنا إزاى؟ هو ده مربط الفرس، خايفين إنكم تكونوا مش حاسين، لأنكم من موقعكم اللي فوق..محتاجين خيال واحد زى كولومبوس، اللي تخيل وجود أرض ورا البحور اللي قدامه! عرفتوا ليه دايما هايكون فى توتر بيننا و بينكم، لو الأمور استمرت على نفس الوتيرة البطيئة دي؟ ربنا يهدينا جميعا مقالات نهال صلاح https://www.facebook.com/pages/Nehal-Salah-princess-of-kelmetna/110181869017817