كشف مكرم محمد أحمد، نقيب الصحافيين المصريين السابق، عن أن مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) يريد استبدال حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بالحزب الوطني المنحل، في ما يتعلق باختيار رؤساء تحرير الصحف القومية، قائلا إن إقرار معايير وضوابط اختيار رؤساء تحرير الصحف جاء انتقاما من الصحافيين باعتبارهم هم من شوهوا سمعة نواب مجلس الشعب المنحل (الغرفة الأولى للبرلمان).
وقال مكرم محمد أحمد، إن «مجلس الشورى يريد فقط أن يتدخل في تعيين رؤساء التحرير في الصحف القومية عن طريق معايير نصفها سياسي والنصف الآخر يقال عنه مادي»، مؤكدا أن النصف السياسي مرفوض بشكل مطلق، لأنه يحتاج إلى الكشف عن نوايا أعضاء الشورى، لافتا إلى أن معايير مجلس الشورى بألا تكون لرئيس التحرير المرشح علاقات سياسية بقوى أجنبية كلام «متخلف»، موضحا أن المعايير المهنية لا بأس بها، والقضية في اختيار رؤساء التحرير لم تكن قضية معايير، إنما قضية تطبيق هذه المعايير، وما يريد أن يفعله مجلس الشورى الآن هو استبدال حزب الحرية والعدالة الإخواني بالحزب الوطني المنحل (الذي كان يرأسه الرئيس السابق حسني مبارك) في اختيار رؤساء التحرير.
وقال تقرير لمجلس الشورى الذي تسيطر عليه قوى الإسلام السياسي إن السلطات الحاكمة فرضت في العقود الأخيرة على المؤسسات الصحافية القومية شخصيات فاسدة تدور مع الفساد وتزين للحاكم كل صنوف الطغيان وتقف حجر عثرة أمام مسيرة التطور الديمقراطي. ومن جانبه، تابع نقيب الصحافيين السابق قائلا «لدينا 225 مطبوعة في مصر تصدر عن المؤسسات القومية، مفروض أن يتم الفصل فيها طبقا لمعايير مجلس الشورى؛ ولكن كيف يتحقق ذلك واللجنة التي شكلها مجلس الشورى يسيطر عليها السلفيون و(الإخوان)، حيث تضم 8 أعضاء هم رؤساء لجان بمجلس الشورى، وسيقومون بتعيين 6 بمعرفتهم سواء كانوا من أساتذة الإعلام أو غير ذلك».
وتساءل مكرم «ما هي المرجعية التي تمكن مجلس الشورى من التدخل في شؤون الصحافة القومية بهذا الشكل؟»، وتابع موضحا أن «الشورى يقول إنه هو المالك للصحافة القومية؛ لكنه مالك صوري، ورغم ذلك ليس لدينا مانع من ذلك، ونقول له: إذا كنت المالك فمن حقك أن تفتش جيوبنا وتفتش على مالية المؤسسات، وإذا كان هناك فساد يتم تقديمه للجهات المختصة».
وقال نقيب الصحافيين السابق إن «الشورى» كمالك لديه في كل مؤسسة صحافية مكتب للجهاز المركزي للمحاسبات، وكل ورقة وقرار يعرض على ممثليه، ويراقب جميع الأعمال المالية، وفي النهاية يقول إنها مليئة بالفساد. وتساءل مكرم مجددا «ما الذي منع مجلس الشورى طوال هذه السنوات من إبلاغ النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود عن هذا الفساد؟».
وكانت تقرير الشورى أشار إلى أن بعض المؤسسات الصحافية القومية تعاني إلى حد الإفلاس، وأن هناك خسائر مستمرة في 7 مؤسسات، وأن إجمالي خسائر هذه المؤسسات وصل إلى نحو 10 مليارات جنيه. واستند الشورى إلى تقريره للتدخل في شؤون المؤسسات الصحافية القومية بالطريقة التي أثارت غضب قطاع كبير من الصحافيين أخيرا.
ووصف نقيب الصحافيين السابق مشروع مجلس الشورى بأنه حملة كراهية وضغوط وإرهاب من أجل أن يستسلم الصحافيون، وأن يكفوا أقلامهم عن انتقادات جماعة الإخوان، مؤكدا أن الاحتياج الحقيقي بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) أن تحصل المؤسسات الصحافية على استقلالها، بمعنى أن يقوم مجلس الشورى بتعيين مجالس إدارات المؤسسات كيفما يشاء، وتكون فيه مجموعة من الصحافيين أو الشخصيات العامة كممثلين له كمالك، وأن يعطى مجلس الإدارة الحق في إدارة هذه المؤسسات بحرية واستقلال، مثلما يحدث في المؤسسات الصحافية الخاصة، وفي كل المؤسسات الصحافية العالمية.
وتابع مكرم قائلا «لكن مجلس الشورى يريد أن يسلب المؤسسات القومية حريتها في اتخاذ القرار، وأن يتدخل في شؤونها بشكل يومي ليسيطر على حرية الرأي والتعبير»، مضيفا أن «مجلس الشورى الذي سيعين رؤساء التحرير مطعون على شرعيته من الأساس، فضلا عن أن عدد ناخبيه لم يتجاوز ال7 في المائة من إجمالي الناخبين المصريين، وهناك توصية بحله لأنه مجلس «ليس له لازمة» - على حد تعبيره - ولم يذهب أحد لانتخابه.
وقال مكرم محمد أحمد إن «أعضاء مجلس الشورى يريدون أن يسيطروا على كل الصحف القومية وليست لهم أي خبرة بوضع الصحافة، ولذلك نخشى من تفاقم مشكلة الصحف القومية، وسوف تزداد سوءا خلال الفترة المقبلة، لأنه سوف تحكمها البيروقراطية، التي ستؤدي إلى شلل حركة هذه المؤسسات».