لاقت حيثيات المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية 4 بنود من قانون انتخابات مجلس النواب، ارتياحًا عامًا بين القوى السياسية والمجتمعية، مؤكدين بأن الإصرار على تمرير القانون الذي أعده مجلس الشورى دون تلبية الاشتراطات التي وضعتها المحكمة من شأنه أن يثير العديد من علامات الاستفهام حول رغبة بعض قوى التيار الإسلامي بما فيهم الإخوان تمرير القانون دون النظر للتحفظات التي ذكرتها المحكمة. من جانبه أكد الدكتور محمد نور فرحات الفقيه الدستوري، أن قرار المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية 4 مواد بمشروع قانون انتخاب مجلس النواب أصاب الحقيقة، وأنه شخصيا ورجال القانون نبهوا لمواطن عدم الدستورية قبل عرضه على الدستورية، ولم يلتفت أحد لرأيهم، وأرجع ذلك لان أهداف السياسة غلبت عند إعداد القانون من قبل تيار الإسلام السياسي حسب وصفه. إزاء الاتهامات بتغليب الدوافع السياسية على مثيلتها القانونية، قال مجدي حمدان القيادي بجبهة الإنقاذ وأمين العمل الجماهيري بحزب الجبهة الديمقراطية أن المحكمة الدستورية أعملت صحيح القانون والدستور، لكون مشروع القانون المقدم من مجلس الشورى لا يحقق مبدأ العدالة في توزيع مقاعد مجلس النواب أو تقسيم الدوائر طبقا لعدد السكان، وشدد على أن الدستورية تعاملت علي أكمل وجه في تأكيدها على إغفال المشروع حظر استخدام الشعارات أو الرموز الدينية وذلك لإبعاد الدين عن السياسة، كما أن استخدام الشعارات الدينية سيؤدي إلى الفتنة بين فئات المجتمع. فيما أشار علاء شلبي الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى أن توزيع المقاعد بمشروع القانون لا يتناسب مع الكثافة السكانية، وهو ما يمثل مخاطر كبيرة لتوزيع وتمثيل غير عادل، مؤكدا أن ذلك يخالف المعايير الدولية المعمول بها والتي تقر فكرة العدالة، وأضاف اعتقد أن الهدف من محاولة تمرير القانون هو هدف سياسي للفصيل المسيطر علي الحياة السياسية إضافة إلي رغبة القوي الدينية في الاستمرار باستخدام الشعارات الدينية في الحملات الانتخابية منتقدا استخدام الدين في السياسة لأنه يقلل من شانه و المكانة المقدسة له، وأشار إلى أن عدد من القوي السياسية عبرت عن انتقادها لمثل هذه المواد بمشروع القانون أثناء مناقشته بمجلس الشورى لكن كان هناك إصرار كبير علي تمريره بهذا الشكل. من جانبه أوضح حسين عبد الرازق القيادي بحزب التجمع أن اغلب الملاحظات التي أبدتها المحكمة الدستورية العليا كان أعضاء مجلس الشورى يعرفون أنها مخالفة للدستور حيث سبق الإشارة إليها عندما قدموا مشروع القانون الأول للمحكمة الدستورية واعترضت عليه، و أرجع عدم تلافي هذه الاعتراضات لعدم الفهم الجيد أو الكفاءة أو الإصرار علي تقديم قانون يتضمن مواد يعترض عليها بعدم الدستورية ليتم تأجيل الانتخابات أطول فترة ممكنة، وأضاف أن الهدف من تأجيل موعد إجراء الانتخابات الخاصة بمجلس النواب، استخدام مجلس الشورى لتمرير تشريعات وقوانين تخدم جماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم رغم أن مجلس الشورى منح التشريع بصفة استثنائية الذي يستخدمه بشكل واسع لذلك فقوى التيار الإسلامي لا تميل للعجلة في التوجه نحو إجراء الانتخابات في ظل تراجع شعبيتها، مؤكدًا أن ملاحظات الدستورية العليا حول مشروع قانون مجلس النواب صحيحة بنسبة 100%. كانت المحكمة الدستورية العليا إعمالا لأحكام الدستور بالرقابة السابقة على مشروع قانون مجلس النواب، انتهت إلى عدم دستورية أربع مواد من المشروع هي (3 و13 و16 و44) نظرا لما تضمنته من مخالفة توزيع مقاعد مجلس النواب على المحافظات لمبدأ التمثيل العادل للسكان فيها الذي كفله الدستور، وإغفال حظر استخدام الشعارات أو الرموز الدينية، وتدخل رئيس الجمهورية بتحديد ميعاد الانتخابات أو تقصير مواعيدها. وقالت المحكمة الدستورية العليا إن النص الدستوري ( المادة 113 ) وضع ضابطين أساسيين لتقسيم الدوائر الانتخابية هما التمثيل العادل للسكان والتمثيل العادل للمحافظات.. موضحة أن التمثيل العادل للسكان يعنى أن يمثل النائب في أي دائرة من الدوائر الانتخابية ذات العدد من الناخبين الذي يمثله باقي النواب في الدوائر الأخرى، مما مؤداه وجوب مراعاة التمثيل المتكافئ للناخبين في المجالس النيابية. وأضافت المحكمة أن هذا المبدأ لا يعنى أن يكون التساوي بين أعداد من يمثلهم النائب في كل دائرة تساويا حسابيا مطلقا، لاستحالة تحقق ذلك عمليا، وإنما يكفى لتحقيق هذا المبدأ أن تكون الفروق بين هذه الأعداد وبين المتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة في حدود المعقول.. كما أن تقسيم الدوائر يجب أن ينضبط بحيث يتناسب وعدد السكان في كل دائرة من الدوائر التي تقسم إليها البلاد بمراعاة التجاور الجغرافي، كما يجب ألا ترسم الدوائر بطريقة تعسفية ودون مراعاة للصالح العام.