تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز الأمريكية عن تداعيات الأزمة التى يواجهها الجنيه وانخفاض قيمته على المرضى فى مصر، وقالت إن هناك موجة من نقص الدواء تكتسح البلاد، وتفاقمت مع انخفاض قيمة العملة. وتطرقت الصحيفة إلى قصة بثينة على خليل، فتاة فى الحادية عشرة من العمر والتى اضطرت أسرتها التى تعيش فى إحدى قرى أسوان إلى الاعتماد على حسن نوايا الأصدقاء للحصول على إمدادات متفرقة من الدواء المطلوب لعلاجها من مرضى التهاب الكبد "فيروس سى" من السوق السوداء. ونقلت الصحيفة عن والد الفتاة على خليل، قوله إن كل ما يستطيع أن يقوم به هو أن يصلى، لأنه لا يستطيع أن يفعل شيئا آخر، لأنه عاجز. وذكّرت الصحيفة بأن مصر لديها أعلى معدل فى العالم للإصابة بفيروس الالتهاب الكبدى "سى" وفقا لمنظمة الصحة العالمية التى تقدر مستوى العدوى ب 15% من السكان، مع ظهور 165 ألف إصابة جديدة كل عام، وأغلبها يحدث نتيجة ملامسة الدم الملوث. وعدم علاج هذا الفيروس يمكن أن يتطور إلى سرطان الكبد. ويقول خليل، إنه فقد ابنة أخرى له قبل سبعة أشهر كانت تعانى من التهاب شعبى حاد، لأنه لم يستطع الحصول على الدواء المناسب لعلاجها، ويضيف "لقد سقطنا من اهتمام وتفكير الجميع". وتصف الصحيفة مأساة خليل بأنها قصة شائعة للغاية فى كل أنحاء مصر، حيث يكافح الفقراء فى ظل نظام لا يمنحهم فرصة الحصول على الرعاية الصحية العامة بأسعار معقولة، فى حين يستطيع من يملك أن يدفع مقابل الحصول على خدمات صحية خاصة. وأشارت الصحيفة إلى أن الانخفاض الحاد فى قيمة الجنيه فى أعقاب ثورة 25 يناير وعدم وجود العملة الصعبة قد جعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لاستيراد الأدوية باهظة الثمن، لأن القانون ينص على بيعها بسعر ثابت. وكانت قيمة السوق الدوائى فى مصر تقدر ب 3.4 مليار دولار، إلا أن أكثر من 40% منها معتمد على الواردات، مما يجعل تخفيض قيمة العملة عقبة مالية أمام الشركات. ويقول علاء غنام، مدير الرعاية الصحية فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن هناك نقصا فى 400 نوع من الدواء، بعضها يعتبر منقذ للحياة، وتشمل أدوية تستخدم لعلاج فيروس سى والسرطان والسكر، وأدوية اخرى مثل زنتاك الذى يستخدم لعلاج أمراض المعدة. ويشير غنام إلى أنهم استطاعوا التعامل مع الأمر حتى الآن بإيجاد بديل، إلا أنه ليس بنفس الجودة، متحدثا عن المنتجات الجنسية. وتمضى نيويورك تايمز قائلة إن الوضع يتفاقم مع حقيقة أن صناعة الدواء فى مصر يهيمن عليها القطاع الخاص الذى يوفر أغلب الأدوية. ومع تراجع قيمة الجنيه، فإن قدرة تلك الشركات على تلبية الاحتياجات قد تراجعت أيضا. إلا أن شركات الدواء متعددة الجنسيات تقول إن لديها التزامات على المدى الطويل لتزويد سوق التجزئة باحتياجاته. وفى بلد تخصص فيه 5% فقط من الميزانية للرعاية الصحية، وهى نسبة أقل مما هو الحال فى أغلب دول الشرق الأوسط، فإن النقص يشكل ضغوطا إضافية على المصريين الذين يعانون بالفعل من نقص الوقود والغذاء وارتفاع معدلات البطالة وتدهور الأمن.