اثارت حملة تمرد الرأي العام المصري ، وتساءل الكثيرون حول مدي نجاح الحملة ، هل ستنجح فيما تسعي إليه وتزيح عنا كابوس رئاسة الاخوان المسلمين لمصر ام ستكون مثل سابقتها من المبادرات والمحاولات التي طرحت خلال السنوات القليلة الماضية التي تلت ثورة 25 يناير ؟ .. هل سيكون مصيرها مثل مصير حملة توقيعات البرادعي قبل وبعد ثورة يناير ، او حملة جمع التوقيعات للجيش لإدارة البلاد التي قادتها محافظة بورسعيد في فبراير الماضي؟ .. هل ستوضع تلك التوقيعات في الدرج وسيكون مصيرها احد صناديق القمامة ؟ ، ام فعلا ستنجح الحملة في حشد الشارع المصري ضد حكم الاخوان؟. ويأتي هذا السجال والتساؤلات التي اثارتها الحملة بعد نجاحها في جذب عدد كبير من المواطنين المشتاقون الي التغيير والديمقراطية في عدد كبير من محافظات الجمهورية مثل القليوبية ، السويس، دمياط ، بورسعيد ، المنوفية، القاهرة بالإضافة الي انتشارها داخل الجامعات المصرية وزاد الامر تحيرا ، اتفاق عدد كبير من المعارضة وبعض السلفيون علي تأييد الحملة. للذي لا يعرف الكثير عن حملة تمرد ، هي حملة خرجت من رحم حركة كفاية ولكنها كما يقول المتحدث الاعلامي للحملة انها مستقلة عن اي حركة او حزب ، كما انها سميت بحملة وليست حركة او اي مسمي اخر لأنها مرتبطة بمدة محددة تنتهي فيها من تحقيق هدفها التي نشأت من اجله. وحددت يوم 30 يونيو القادم لإنهاء الحملة وتحقيق الهدف المرجو منها ، وجدير بالذكر ان بهذا التاريخ يكون مر عام علي رئاسة مرسي العياط لمصر. وسيكون قد مر سنة من الفشل الزريع في ادارة البلاد والتي لم تحل فيها ولا قضية من القضايا الملحة ولم يتحسن فيها ولا وضع من الاوضاع التي نعيشها بل تطورت الامور للاسوأ ، زادت فيها المظاهرات والاحتجاجات وقفزت فيها نسبة الفقر والبطالة الي حد لم نصل له من قبل ، فضلا عن تدني قيمة الجنيه المصري وانهيار للبورصة الذي تخطي الانهيار الذي عاشته مصر خلال ثورة يناير. وستقوم الحملة بتعبئة الشعب المصري ضد مرسي والاخوان من خلال الخروج بمليونية لرفض حكم مرسي وجماعته في 30 يونيو كما اوضحت ، وستكون مطالبها ، تنحي مرسي عن الرئاسة والتعجيل بانتخابات رئاسية مبكرة يشرف عليها رئيس المحكمة الدستورية العليا وتشكيل حكومة ائتلاف وطني نزيهة قادرة علي ادارة العملية الانتخابية. وتري الحملة انه آن الاوان لمرسي وحكومته الفاشلة ان ترحل بعد ان اثبتت فشلها بجدارة في تحسين اي وضع من الاوضاع السيئة التي يعاني منها المجتمع المصري ، فالمشاهد المخجلة التي نراها الان من حكومة رئيس من المفترض انه ثوري تزداد يوما بعد يوم مثل طوابير الخبر ، والسولار ، ازمة الامن ، وغيرها من المشكلات التي يصعب حصرها هنا في هذا المقال ولكننا جميعا نعرفها وقادرن علي تفنيدها بل نعاني منها ككل. وتري الحملة كيف نصبر علي رئيس وحكومة لم تساعد حتي في تخفيف تلك الطوابير او تخفيف الاعباء التي اثقلت كاهل المواطن المصري وجعلته غير قادر علي المضي قدما وافقدته الثقة في اي تغير او تحسن سيحدث خلال السنوات الثلاث القادمة وهي فترة مرسي الرئاسية. واستنكرت الحملة الاداء الهزيل للرئيس وجماعته ، خاصة بعد الاطاحة بالمجلس العسكري . فقد كان لابد من البدء في تنمية اقتصادية واجتماعية بدلا من تفريق المناصب وتوزيعها علي جماعته . بالإضافة الي تشكيكهم في ان مرسي هو من يحكم مصر ، وتساءلت ما هو وضع المرشد وجماعته من الحكم" هو بيشتغل ايه في مصر؟". وانا من بين هؤلاء الذين كفروا بحكم الاخوان والمتأسلمين لمصر ، خاصة بعد اقصائهم للشباب الذي صنع ثورة يناير ، وتهميش المعارضة. نعود الي تمرد ، وهنا ينتابني هاجس يوشوش لي بخصوص ماذا لو فشلت الحملة في حشد الشارع المصري ؟ ، ماذا لو لم تأتي الحملة بثمار التغيير والاطاحة بمرسي ؟ ، هل ستكمل الحملة وتحاول ان تنجز ما بدأته وتحاول مرة اخري للوصول الي الشارع وكسب ثقة المواطن بانها قادرة علي قيادة سفينة التغير ووصولها لبر مصر آمنة ؟ ام سترحل مثلما رحلت قبلها حركات وحملات كثيره؟. قد يفهم البعض انني ضد الحملة او متشائمة حول امكانية التغيير في مصر . فانا ممن يقدرون حملة تمرد ويتمنون لها النجاح وخاصة انها مبادرة قام بها شباب الثورة لإيمانهم بأهمية التغيير وان هذه البلد تستحق الافضل. ولكن اخشي ما اخشاه ان تنجح الحملة في حشد الشارع المصري ضد مرسي ثم بعد ذلك يثار الراي العام حول تشكيل "حكومة الائتلاف الوطني" ، فالشعب المصري اذا كان متفقا علي الاطاحة بمرسي ، لن تجده متفقا علي بديل له لحكم البلاد فهو امر غير سهل بالمرة. فاذا كان لدينا 5 مليون مصري اتفق علي ضرورة رحيل مرسي ، فلن تجد 50 الف منهم يتفقون علي 5 شخصيات للمشاركة في حكومة الائتلاف الوطني . وربما نفس ال 5 مليون اذا وضعت خانة فارغة باستمارة تمرد " اسم شخصية ترشحها لعضوية الحكومة الائتلافية " بجانب الاسم ، الرقم القومي ، المحافظة ، التوقيع ، فإننا سنجد العجب . فربما تجد اكثر من 500 شخصية اذا كنا محظوظين ، او ربما تجد 5 مليون شخصية، فمن الممكن كل شخص من الملايين الخمس يري نفسه مؤهلا لعضوية تلك الحكومة الائتلافية التي ستشرف علي الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تخطط لها حملة تمرد. وهنا سيتطلب فترة طويلة بعد الاطاحة بمرسي في تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة ربما يستغرق هذا عام او اكثر وربما لم تتفق القوي الثورية والمعارضة من ناحية وباقي الشعب المصري من ناحية اخري علي شخصيات محددة لتلك الحكومة . وهذا يذكرني بالفترة التي عشناها متخبطين بين الدستور اولا ام الرئيس اولا وسيكون عنوان المرحلة في شكل مُحدث " الحكومة الائتلافية اولا ام الانتخابات الرئاسية اولا". هذا ليس احباطا مني او اضعاف عزيمة مؤيدي الحملة ، فالفكرة عظيمة ولكنها تزال بحاجة الي بعض الاجراءات والخطوات المحددة والعملية لتحقيق مزيد من النجاح وضمان الوصول الي الهدف المنشود وكسب اكبر لثقة المواطن المصري. فإنني اقترح عليكم طرح بدائل مقبولة لدي الشارع لتشكيل تلك الحكومة قبل الخروج والطالبة برحيل بمرسي ، حتي لا ندخل في غياهب فكرة اختيار الحكومة الائتلافية اولا او اجراء الانتخابات الرئاسية اولا. واقول لتمرد اقنعوا الشارع بكم وباختياركم زودوا ثقة المواطن المطحون فيكم من خلال بدائل وحلول عملية ، لا تجعلوه يشعر اننا سنعيش حالة من العشوائية والاناركية مرة اخري ، لا تجعلوا المواطن يمل ويفقد الامل في الشباب وفي التغيير ويستسلم للأمر الواقع وبدلا من الاطاحة بمرسي يفوز بدورة رئاسية اخري لأنه لا يجد بديلا افضل ،وستكون هي الكارثة بعينها. ونصيحة اخيرة ، رجاءا اتحدوا ولا تفرقوا ابدا مهما اختلفت رؤاكم لإدارة الامور ، توافقوا وتوصلوا لحلول كي تصلوا.
وادعوا الله ان يوفقكم لما انتم مقدمون عليه ونحن معكم قلبا وقالبا وسنقف جميعا وسنقول لمحمد مرسي مبارك "مش عاوزينك ... مش عاوزينك".