في ظل حالة الانقسام التي تعيشها مصر في الوقت الراهن سواء على مستوى الأفكار أو بين الأشخاص ، حيث أن هناك من يريد بقاء الرئيس محمد مرسي في منصبه إلا أنه في الوقت ذاته نجد فريق يسعى لانتزاع مرسي من على كرسي الرئاسة، وبين الفريق هذا وذاك نجد أن كل منهما يسعى بكل طاقته من خلال وسائل مختلفة لتحقيق الهدف الذي ينشده . فأمام «اتمرد لتعيش حر .. اتمرد لتعيش كريماً» «المتمردون قادمون» وهي اللافتات التي رفعها أعضاء حملة «تمرد» التي تسعى لعزل الرئيس مرسي من الحكم ، جاءت حملة «تجرد» التي تسعى لجمع ملايين الأصوات المؤيدة لأن يُكمل الرئيس مرسي فترته الرئاسية. حملة ال«15مليون» ففي ظل ما تمر به البلاد من ظروف أصعب مما كانت عليه من قبل، أطلقت مجموعة شبابية بمصر تتزعمها حركة كفايةحملة تطلق على نفسها اسم «تمرد»، إلى سحب الثقة من الرئيس مرسي والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، من خلال جمع توقيعات شعبية حيث جمعت أكثر من مليوني توقيع خلال فترة لم تتجاوز عشرة أيام. وقد بدأت «تمرّد» خافتة منذ حوالي أسبوعين، لكنها تنامت بصورة مضطردة خلال الايام الاخيرة، وأعلن عدد من الأحزاب والتكتلات والحركات الفاعلة والمؤثرة انضمامها إليها، ومن بينها أعضاء من «حزب الدستور»، و«التيار الشعبي» وحملة «حنحررهم»، وحركة «6 ابريل»، التي جاء انضمامها عقب إلقاء القبض على منسقها العام أحمد ماهر. وقال محمود بدر المتحدث باسم "حركة تمرد"، إن الحملة تعمل على جمع 15 مليون توقيع، وهي أكثر مما حصل عليه الرئيس بصندوق الانتخابات، وذلك حتى 30 من يونيو/حزيران المقبل، وهو موعد انتهاء الحملة حيث تعتزم الذهاب إلى قصر الاتحادية في تظاهرات حاشدة لمطالبة الرئيس بالتنحي عن الحكم و الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. ووأشار بدر في تصريحات لشبكة ال «سي إن إن» أن الرئيس لم يحقق وعوده التي وعد بها قبل توليه منصبه، ما دفع قطاعات كبيرة من الشعب المصري للتساؤل عن تدهور أوضاعهم "متى يرحل مرسي؟"، وهو ما "يوجب علينا التمرد. وقال إن الحملة بدأت أولا من خلال شباب من اللجنة التنسيقية لحركة كفاية، ويتم الانضمام إليها بشكل فردي، كما أعلنت الكثير من الحركات السياسية عن تأييدها أبرزها حركة 6 أبريل وجبهة الإنقاذ الوطني والتيار الشعبي. وأوضح بدر في تعليقه على شرعية التوقيعات التي جمعتها الحملة "أن الرئيس يدّعي امتلاكه الشرعية وأنه جاء بالصندوق"، لافتا أن الحركة لن تخرج عن هذا الاتجاه وأنها تسير باتجاه الصندوق من خلال فكرة مدنية سلمية لسحب الثقة من هذا النظام. وفيما يتعلق بدور مجلس النواب أوضح قائلا:" إن مجلس الشورى المسيطر عليه من تيار الإسلام السياسي اغتصب سلطة التشريع في غياب مجلس النواب فلم نجد بديلا سوى بطرح الوثيقة على الشعب بصفتنا أعضاء بالجمعية العمومية للشعب المصري على حد قوله. وبالنسبة للنص الذي يتم التوقيع عليه فهو كالتالي «أُعْلِنُ أنا الموقع أدناه بكامل إرادتي، وبصفتي عضوا في الجمعية الوطنية للشعب المصري، سحب الثقة من رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي عيسى العياط، وأدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وأتعهد بالتمسك بأهداف الثورة والعمل على تحقيقها ونشر حملة تمرّد بين صفوف الجماهير حتى نستطيع معا تحقيق مجتمع الكرامة والعدل والحرية». «حسد وإلهاء» وبعد أن تنامت تلك الحملة يبدو أنها أصبحت مصدر ازعاج لمعارضيها والذين يصرون على بقاء مرسي في الحكم ويحاربون بشتى الوسائل من أجل ذلك . وذكرت صحيفة «السفير» اللبنانية أن الحملة باتت مصدر ازعاج أيضا للرئيس نفسه بعد تسريبات أمنية تحدثت عن أن مرسي طلب تقريراً وافيا عن الحملة وكيفية التعامل معها، في موازاة قصف اعلامي من قيادات «اخوانية»، من بينها المحامي صبحي صالح الذي وصف «تمرّد» بأنها نوع من «الحسد»، فيما طالب أحمد المغير، احد القياديين المعروفين في شباب «الاخوان»، بسحب الجنسية المصرية من اعضاء الحملة. كما قال النائب السابق عن حزب الحرية و العدالة صابر أبو الفتوح، إن حرية الرأي والتعبير يكفلها الدستور المصري، غير أنه وصف التوقيعات بأنها لا تتعدى كونها مضيعه للوقت أو إلهاء للشعب مرجحا ألا يتمكن هؤلاء الشباب من جمع 15 مليون توقيع في المدة القليلة التي أعلنوها، وربما يمتد لثلاث سنوات يكون الرئيس قد أنهى خلالها فترته الرئاسية. وتساءل قائلا:"إذا كانت لديهم القدرة على جمع هذا الحجم من التوقيعات فلماذا يخشون من صناديق الاقتراع؟ لافتا إلى أن الشعب هو الفيصل، وأنه يعتقد أنّ مرسي سيكمل فترته الرئاسية وربما يحصل على فترة رئاسية أخرى، زاعما وجود تحسن ملحوظ يلمسه الشارع على حد قوله. كذلك، بدأت ملاحقات أمنية للقبض على طلاب الجامعات المشاركين في الحملة، وقد أُلقي القبض بالفعل على أربعة طلاب في جامعة سوهاج، وعشرة أخرين في جامعة القاهرة، والتهمة الموجهة اليهم «نشر اكاذيب من شأنها تكدير السلم العام»، وهي إحدى التهم الموروثة من ايام حسني مبارك. «تجرد» للرد وردا على «تمرد» جاءت الجماعة الاسلامية حيث أعلن المهندس عاصم عبدالماجد عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، إن الجماعة أطلقت حملة «تجرد» للرد على حملة «تمرد». وأضاف خلال المؤتمر الجماهيري الذي عقدته الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية بمسجد ناصر بقنا :"إن الحملة تأتى ردًّا على حملة "تمرد" . مؤكدًا أن الجماعة ترفض خلع الرئيس محمد مرسى المنتخب من قبل الشعب قبل انتهاء ولايته المحددة قانونًا. وقام عبد الماجد بدعوة المواطنين للتوقيع على استمارة حملة "تجرد"، والتى نصت على: "نحن الموقعين على هذا سواء كنا متفقين أو مختلفين مع الدكتور محمد مرسى؛ الرئيس المنتخب للجمهورية، فإننا نصر على أن يكمل مدة ولايته ما لم نرَ منه كفرًا بواحًا عندنا فيه من الله برهان،، عافاه الله من ذلك وسدد خطاه". وفي مداخلة هاتفية لبرنامج «في الميزان» على قناة «الحافظ»، مساء الأحد، أشار عبدالماجد إلى أن «تجرد» تسعى لتجمع ملايين الأصوات المؤيدة لأن يُكمل الرئيس محمد مرسي فترته الرئاسية. ودعا عبدالماجد المواطنين للانضمام للحملة، مضيفاً: «تجرد ستفوق تمرد في العدد من حيث عدد الأصوات». وطالب القيادي بالجماعة الإسلامية، المواطنين بتقديم الدعم المادي والتبرع لدعم الحملة، قائلاً: «ندعو للتوقيع على استمارة حملة (تجرد)، وندعو المواطنين لتقديم تبرعات مادية ولو بسيطة لدعم الحملة كي تصل لغايتها». الجماعة تتبرأ إلا انه في المقابل اعلنت الجماعة الإسلامية تبرأها من «تجرد» التى أطلقها الشيخ عاصم عبد الماجد للرد على حملة تمرد. وأوضح المتحدث باسم حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلاميةأن هذه الحملة جهود شخصية يقوم بها الشيخ عاصم عبد الماجد وليس للحزب أو الجماعة علاقة بها. إلا أن حركة تمرد بقنا أعلنت في تحد واضح صباح اليوم الاثنين جمعها 5 آلاف و300 توقيع، بناء على آخر الإحصائيات التي تم جمعها وفق استمارات كل عضو بالحملة لسحب الثقة من الرئيس مرسي. كما أعلنت حملة تمرد بقنا أنها ستقف ضد حملة "تجرد"، التي أطلقها عاصم عبدالماجد لمساندة الصعيد للرئيس مرسي وللتيارات الدينية. وأكدت حملة "تمرد"، في بيان لها، أنها تمكنت من جمع 5300 توقيع على مستوى مراكز المحافظة، معظمها من مراكز نجع حمادي ومدينة قنا وقوص ودشنا، وأنها بصدد تغطية جميع المراكز والقري. ويعد الشباب من أكثر الشرائح ارتباطا بالبناء الاجتماعي والسياسي بوصفهم يمرون بمرحلة سنية يتطلعون فيها إلى إشباع حاجاتهم والتحمل بمسئولياتهم فى عملية التطوير والتنمية، وهو ما يعنى بداهة أن عدم إشباع حاجاتهم- نتيجة نقص الموارد المتاحة أو سوء تخفيض هذه الموارد- قد يفرز نوعا من القطيعة بينهم وبين المجتمع، فأخذ أشكالا مختلفة كالانسحاب التام من المشاركة فى الشأن العام أو الانضمام إلى حركات تعبر عن الرفض والاحتجاج على الممارسات القائمة، ومن ثم يصبح ممكنا القول بأن الشباب يمتلك بذلك قدرة إما على تأكيد استقرار النظام أو إثارة القلق والتوتر لحائزى السلطة . وما بين «تمرد» و«تجرد» يعيش المواطن المصري البسيط حالة من التخبط واليأس هذا المواطن الذي يبحث عن قوت يومه في ظل حالة الانقسام التي تعيشها مصر وتزداد يوماً بعد يوم .