المحافظات والمراكز والقري.. مع تجنب الصدام مع السلطة أثناء مرحلة تدعيم الوجود. .. ومن اللافت للنظر.. أن توجيه الرئيس السادات لمعاونيه بتشكيل »الجماعات الاسلامية« لمواجهة استشراء »التيار الماركسي« وتجرئه علي مهاجمة نظام حكمه.. كان بداية لظهور جماعات أخري جديدة علي الساحة المصرية.. اتخذت من الدين الحنيف ستارا خادعا لها.. كانت اكثر تطرفا وأشد عنفا.. فقد نمت وترعرتي في أحضان »الجماعات الاسلامية« داخل الجامعات وراحت تمارس نشاطها المسالم ظاهريا من خلالها.. بينما كانت في الخفاء تعمل جاهدة علي تشكيل بنيتها التنظيمية الأساسية علي أساس الفكر المنحرف المناهض لنظام الحكم القائم في البلاد.. وتعد عدتها للانقضاض عليه عندما تتوافر لديها القدرة وتحين لها الفرصة.
وكان من أخطر تلك التنظيمات الارهابية.. »تنظيم الكلية الفنية العسكرية« الذي تزعمه العميل »صالح سرية« الفلسطيني الجنسية.. الذي زين له خياله المريض - عام 4791.. أنه قادر من خلال تنظيمه الذي ضم عددا من طلاب هذه الكلية واعدادا قليلة من جامعة الاسكندرية.. علي الاطاحة بنظام حكم الرئيس السادات واعتقاله مع كبار رجال الدولة.. وتحويل مصر إلي دولة »خلافة اسلامية« يتولي هو سدة الحكم فيها.. لكن محاولته المجنونة سرعان ما باءت بالخذلان علي أيدي حراس هذه الكلية.. في معركة دامية راح ضحيتها 71 من الجنود الشهداء.. وقد لقي هذا العميل نهايته داخل غرفة الاعدام غير مأسوف عليه. ثم كانت جماعة »التكفير والهجرة« التي تزعمها المغمور »شكري مصطفي« الذي حلم أيضا بحكم مصر يوما ما.. بعد الاطاحة بنظام حكمها واقامة ما يسمي »بالدولة الاسلامية«.. وراح في سبيل ذلك يرتكب وجماعته بعضا من الاحداث الاجرامية الارهابية.. كان من أهمها اختطاف العالم الاسلامي »الشيخ محمد حسين الذهبي« وزير الأوقاف الأسبق وقتله بطريقة بشعة - عام 3791 - عقابا له علي تجرئه علي مهاجمة الافكار المنحرفة لهذه الجماعة المتطرفة.
كما ظهر خلال سبعينيات القرن الماضي أيضا.. عدد من الجماعات الدينية الأخري المتطرفة التي استهدفت تغيير واقع المجتمعات العربية.. وفي مقدمتها مصر.. وتحويلها إلي »دولة اسلامية«.. لكنها ولئن كانت تعتنق افكارا بذلك.. الا أنها لاتمتلك القدرة علي تنفيذها.. وكان من أهم هذه الجماعات.. عدد من الخلايا السرية التي تم ضبطها في مصر وتنتمي إلي ما يسمي »حزب التحرير الاسلامي« الذي نشأ في الاردن ويعتنق فكرا متطرفا في منهجه وحركته.. يدعو إلي إسقاط جميع انظمة الحكم في البلاد العربية - ومن بينها مصر - وراح يعمل علي تكوين تنظيمات تابعة له داخل هذه البلاد.. .. ومن العجيب.. أن هذا الحزب لايزال يباشر نشاطه الديني المتطرف حتي الآن من مقره الاصلي بالأردن.. ولازالت هناك علامات الاستفهام تحيط بخلفيات سر نشأة هذا الحزب ومصادر تمويله وأسباب تركيزه علي ضرورة إسقاط انظمة الحكم العربية.. تم اختيار الاردن بالذات لانطلاق دعوته وأفكاره المتطرفة منها.
.. وشهد العقد الثامن من القرن الماضي ظهور تنظيمين ارهابيين فجأة علي الساحة المصرية.. حمل التنظيم الأول منهما لافتة كبيرة باسم »تنظيم الجهاد«.. وهو الذي فجر أحداث منصة العرض العسكري في السادس من اكتوبر عام 1891.. واغتيال الرئيس الراحل انورالسادات الذي كان يشهد احتفالات قواتنا المسلحة بعيد انتصارها علي العدو الإسرائيلي في السادس من اكتوبر عام 3791.. وعدد من قيادات مصر.. كما فجر أحداث أسيوط الدامية في الثامن من اكتوبر - أي بعد أقل من 42 ساعة من أحداث المنصة - والتي راح ضحيتها اكثر من مائة قتيل من ضباط وجنود الشرطة والمواطنين الأبرياء.. ويعتبر تنظيم الجهاد من أشرس وأعتي وأقوي جميع التنظيمات الارهابية التي ظهرت علي الساحة المصرية علي مدار تاريخها الطويل.. اذ كان قاب قوسين أو أدني من الاستيلاء علي نظام الحكم بالقوة المسلحة لامتلاكه قدرا عظيما من العدة والعتاد.. والقدرة القتالية العالية.. وتميزه في التخطيط والاعداد والتدريب والتمويل والتحركات السرية.. وتفوقه في تجنيد الأعضاء الجدد وتشكيل الخلايا والتثقيف الفكري واختيار الوسائل الملائمة لتحقيق أهدافه المرحلية والاستراتيجية. وسوف يكون هذا التنظيم هو موضوع الحلقات التالية بمشيئة الله.. والتي سأتناول فيها - وبالتفصيل - أسراره وخباياه من واقع ملفات التحقيق. .. وأما عن التنظيم الثاني.. فهو المسمي بتنظيم »الناجون من النار« الذي.. الذي ظهر عام 7891.. وترأسه الطبيب »مجدي الصفتي«.. وأقدم علي ارتكاب محاولات الاغتيال السياسي لكل من اللواء محمد النبوي اسماعيل وحسن أبوباشا وزير في الداخلية الأسبقين.. والكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد - نقيب الصحفيين الحالي - وكنت قد أشرفت علي التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة مع أعضاء التنظيم الجهاد الارهابي وتوليت الادعاء ضدهم أمام محكمة أمن الدولة العليا.. عندما كنت محاميا عاما لنيابة شمال القاهرة.. وذلك بالمشاركة مع زميلي المستشار رجاء العربي المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا - آنذاك - والنائب العام الأسبق. - كما انفردت بالاشراف علي التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة مع اعضاء تنظيم »الناجون من النار«.. ومثلت الادعاء ضدهم أمام محكمة أمن الدولة العليا وإلي جانبي بعض رؤساء النيابة العامة.. عندما كنت محاميا عاما لنيابة الجيزة.