"التربية قبل التعليم" هذا ما تعلمناه ونشأنا عليه منذ الصغر , لكن عندما تنعدم التربية وتنحدر القيم علي يد القدوة فلا نلوم الطالب الذى لم يعد يخشى نظرة المدرس له, وما نراه فى هذه الأيام من حالات اعتداء وشجار بين مدرسين وطلاب هو أبسط دليل على ذلك فقد شهدت محافظة الغربية جريمتين فى أسبوع واحد تختلف الظروف فيهما لكن المتهم واحد وهو المدرس. الواقعة الأولى، الجاني والمجني عليه فيها مدرسان زميلان يعملان في مدرسة واحدة هي مدرسة النصر الابتدائية التابعة لإدارة السنطة التعليمية بالغربية حيث كان الأستاذ محمود مدرس اللغة العربية منشغلاً في شرح الدرس المقرر على تلاميذ الصف السادس الابتدائى ودق جرس الفسحة وينزل التلاميذ للفناء بينما هو نزل لحجرة المدرسين وتبادل مع زملائه أطراف الحديث، حتي دخل عليهم الأستاذ سمير مدرس مادة العلوم ليقاطعهم الحديث موجهاً كلامه لزميله محمود، معاتباً له علي خلاف قديم بينهما لكن العتاب تطور لمشادة كلامية وسرعان ما تطورت إلىمشاجرة بالأيدي وحاول الزملاء التدخل بينهما، لكن مدرس العلوم أصر علي تصعيد الأمر، وقام علي الفور بالاتصال بشقيقه الأكبر وحكي له ما حدث , وبعد دقائق معدودة حضر شقيقه للمدرسة والشرر يتطاير من عينيه ثم توجه ناحية مدرس اللغة العربية وتشاجر معه وسط الطلاب دون مراعاة لوجوده داخل حرم تعليمي ومحراب للعلم وتلفظ بألفاظ لا تليق بهذا المكان، وعلى الفور قام مدير المدرسة باستدعاء الشرطة التى اصطحبت الطرفين للمركز وفتحت تحقيق في الواقعة بمعرفة النيابة العامة، كما أحيل المعلمان للتحقيق بمعرفة الشئون القانونية بمديرية التربية والتعليم لخروجهما على مقتضيات الواجب الوظيفي حيث أنهما سلكا مسلكا معيبا لايتفق مع الواجبات المفروضة على العاملين بحسن التعامل بين الزملاء. شقاوة أما الواقعة الثانية فبطلها مدرس رياضيات بقرية ميت هاشم التابعة لمركز سمنود، والضحية طالب بالشهادة الإعدادية، شأنه كشأن عدد كبير من الطلاب يغلب عليه طابع الشقاوة المفرطة لم يستطع التفرقة بين جلوسه في حصة لتلقى درس وبين وجوده وسط أصدقائه للهو, هكذا تعود الطالب مصطفي محمود يونس، الذي خرج من منزله متوجهاً لمنزل مدرسه "ر ن ال" مدرس رياضيات لتلقي الدرس الخصوصي بصحبة بعض أصدقائه , لم يكفوا عن المزاح والتهريج طوال سيرهم في الطريق حتي وصلوا لمقر الدرس, واتخذ كل طالب مقعده حتي يستطيع المدرس بدء الحصة, بدأ المدرس الشرح كالمعتاد, وما أن أدار وجهه ناحية السبورة حتي بدأ يسمع أصوات تهمس في الحصة فنادي علي الطالب مصطفي الذي اعتاد إثارة الهرج والمرج وحذره من تكرار ذلك حتي لا يعاقبه لكنه تمادي وظل في تمرده , أنهى المدرس الحصة ونادي علي الطالب الذي أتي إليه مسرعاً وأوقفه أمامه ثم قام بحجزه بين مقعدين وراح ينهال عليه بالضرب المبرح في أنحاء متفرقة من الجسد بطريقة وحشية باستخدام عصا بلاستيكية وقام بلي ذراعه وركله عدة ركلات أمام زملائه، مما تسبب فى إصابته بجروح وكدمات متفرقة بالجسم حتى سقط على الأرض فتركه المدرس وغادر غرفة الدرس دون أن يهتم بالاطمئنان عليه أو نقله للمستشفى ،إلا أن بعض زملاء الطالب قاموا بحمله ونقله لمنزله وهو في حالة اعياء شديد وصراخ وبكاء وعلامات الضرب بارزة في جسده، وما أن شاهده والده في هذا المنظر حتي انتابته حالة من الفزع وسأل زملاء نجله ماذا حدث ؟ هل تشاجر مع أحد ؟ فأخبروه بما حدث فاستشاط غضباً مما فعله المدرس , وتوجه مسرعاً نحو منزله لمعاتبته علي ضربه لنجله بهذه الطريقة الوحشية الغير تربوية , وبهدوء شديد قابله المدرس كما لو كان لم يفعل شيئاً , وسأله الأب ماذا فعل ابني حتي تضربه بهذه الطريقة وبدلاً من أن يقدم له الإعتذار عما حدث رد عليه قائلاً: " ابنك غلطان ودي طريقتي مش حاغيرها واللي تقدر تعمله أعمله "، وحدثت مشادة كلامية بينهما خرج علي إثرها والد الطالب متوجهاً لمركز شرطة سمنود لتقديم بلاغ ضد المدرس يتهمه بالاعتداء علي نجله وإصابته بإصابات بالغة وتم تحويل الطالب المجني عليه لمستشفى سمنود العام لتوقيع الكشف الطبي عليه وإعداد تقرير طبي بحالته . ورغم انتهاء تلك الواقعتين بالتصالح إلا أنهما قد تركا أثراً سيئاً في نفوس الكثير من الطلاب والمدرسين، فلن يستطيع أحد محوهما من ذاكرته مهما عادت الأمور لطبيعتها .