ما الذي يهم مصر فيما يتعلق بنتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية؟ أن تكون الأولوية في برنامج الرئيس المنتخب هي محاربة الإرهاب في المنطقة والعالم، ووقف الدعم الأمريكي للمنظمات الإرهابية وتشجيع التعاون الدولي لمكافحة الإرهابيين، وإنهاء سياسة التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخري ومحاولات تغيير أنظمة الحكم غير الموالية لواشنطن، ووقف سباق التسلح والقضاء علي شبح الحرب العالمية والباردة والتوترات والمجابهات والصدامات والأحلاف العسكرية علي الصعيد الدولي. ولما كان دونالد ترامب قد وعد بذلك، فإن المحافظين الجدد والمجمع الصناعي - العسكري في أمريكا يعتبرون ان الرئاسة الجديدة تشكل خطرا داهما علي مصالحهم، نظرا لأن ساكن البيت الأبيض أصبح صاحب قرار وليس وكيلا للاحتكارات وتجار وسماسرة السلاح الذين يحتلون المواقع الرئيسية في المؤسسات المسيطرة.. وفي أمريكا.. ممنوع إعادة بناء العلاقات مع أقطاب دولية منافسة علي أساس التعاون والحوار والصداقة لأن ميزانية التسلح والأرباح الفاحشة لتجار السلاح مرتبطة بوجود عدو مصطنع حتي تواصل شركات مثل لوكهيد - مارتن جني هذه الأرباح.. وهناك الآن تجمع من الحزبين الديمقراطي والجمهوري يتعهد بعرقلة أية جهود يبذلها ترامب لتحسين العلاقات مع روسيا.. وحذر كل من السناتور ليندساي جراهام والسناتور جون ماكين (عدو مصر) من تطبيع العلاقات مع موسكو. وتصاعدت الموجة الهستيرية في أوساط القوي التقليدية في واشنطن عندما صرح ترامب يوم 11 نوفمبر - بعد فوزه - بأنه يرجح إنهاء الدعم الأمريكي لمن يطلق عليها جماعات المعارضة »المعتدلة» في سوريا »والتي ليست لدينا فكرة عمن تكون».. وتركيز الجهود علي هزيمة داعش. بل ان الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما فقد توازنه ووجه تحذيرا إلي ترامب من عقد أي صفقات مع روسيا أو تطبيع العلاقات معها! وبلغت الحالة الهستيرية الذروة عقب لقاء السيدة »تولسي جابارد»، عضو الكونجرس، مع ترامب يوم 21 نوفمبر، بناء علي طلبه، والذي أصدرت بعده بيانا ذكرت فيه انه جري نقاش بينهما حول إنهاء الحرب غير الشرعية التي تخوضها أمريكا للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، وحول الحاجة إلي تعبئة الجهود لإلحاق الهزيمة بتنظيمي القاعدة وداعش والجماعات الإرهابية الأخري.. ويصدر المسئولون في حلف الأطلنطي تصريحات يومية حول ضرورة استمرار العداء لروسيا، باعتبار ان هذه هي »المبادئ الجوهرية للحلف»! أما عن إسرائيل فإن الملاحظ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو اتصل 12 مرة ليطلب موعدا فوريا مع ترامب، فهو يريد هذا اللقاء العاجل ليطمئن إلي تنفيذ وعود ترامب لصالح إسرائيل خلال حملته الانتخابية.. بينما العرب غائبون أو مازالوا يعانون من صدمة فوز ترامب، أو ينشغل بعضهم بعقد لقاءات غير معلنة مع مسئولين إسرائيليين، أو بتمويل وتسليح الإرهابيين في سوريا.. رغم ان ثمة ضرورة عاجلة للاحتشاد عربي جماعي لاقناع ترامب بان محاربة الإرهاب في المنطقة ستكون أكثر فعالية ونجاحا إذا انتهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والسورية. والسؤال الآن: هل يمكن ان يقع ترامب في مصيدة المحافظين الجدد ويدخل بيت الطاعة، كما فعل الرؤساء السابقون، أم انه سوف يتشبث بوعوده مما يؤدي إلي انعطافة كبري تفتح الباب لفرصة كبيرة لتغيير السياسة الأمريكية.. والعالم. كلمة السر: الناخب الأمريكي