طوال الشهور الست الماضية، وقبل قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف وما يعرف »بتعويم الجنيه» بعدة شهور، كانت التوقعات جميعها تشير الي أن هذا القرار أصبح قاب قوسين أو أدني، وانه بات بالفعل علي الأبواب، وان كل الدلائل وكافة الآراء تؤكد انه قد يحدث اليوم أو غدا علي أقصي تقدير. وطوال هذه الشهور كنا نخلد الي النوم في المساء ولدينا تحسب بأن القرار سوف يكون أمرا واقعا في الصباح الباكر،..، واذا لم يحدث ذلك مع طلوع النهار، فإنه سيطل علينا في المساء وقبل غروب الشمس. وخلال هذه المدة التي طالت واستطالت كانت كل الفضائيات وكل الصحف ووسائل الاعلام، مكتظة عن آخرها بالعديد من الخبراء في الاقتصاد والمتخصصين في شئون المال والاستثمار، الذين تفرغوا ليل نهار كي يخبرونا أن تحرير سعر الصرف هو الحل لمشكلة الاقتصاد المصري المأزوم، وأن تعويم الجنيه هو العلاج المر والطريق الصعب لإصلاح حال الاقتصاد المريض، وانه لابد من اتخاذ هذا الحل، ولابد من السير في هذا الطريق. وفي ظل هذه الحالة، كان من الطبيعي جدا أن نتصور أن الحكومة تتابع معنا هذا الذي يحدث وأنها علي دراية تامة بكل جوانب الصورة، وأنها تسمع معنا حديث الخبراء وتوقعات كل المتخصصين بأن تحرير سعر الصرف قادم وان تعويم الجنيه اصبح علي الأبواب، وانه سيكون امرا واقعا بين لحظة وأخري. ولذلك فقد كان من الطبيعي، أن نتصور أن الحكومة قد أعدت للأمر عدته، وأنها قد بحثت ودققت في كل التطورات والتداعيات والتأثيرات الناجمة عن تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه،..، ولكننااكتشفنا بعد التعويم وتحرير سعر الصرف أن تصوراتنا لم تكن صحيحة، وأن الحكومة كانت تتابع وتسمع ولكنها للأسف لم تبحث ولم تدقق ولم تعد للأمر عدته.