كانت ولا تزال أبراج الحمام واحدة من رموز تراثنا المصري الأصيل، وتجسيدا للحياة الريفية الجميلة في العديد من المحافظات، والتي لا يكاد يخلو بيت في الريف المصري منها، حتي إن الشعراء والمطربين تغنوا بأبراج الحمام، وكانت حاضرة في العديد من الأعمال الفنية. ومع تحولات الحياة العصرية بدأت العديد من أبراج الحمام في الانحسار والتراجع، واختفت من الكثير من القري لصالح المباني الحديثة، لكن محافظة الفيوم لاتزال تهتم بهذا التراث الجميل، رغم مابات يعانيه من صعوبات. فأبراج الحمام واحدة من أهم المعالم التي » تشتهر بها محافظة الفيوم فهذه الابراج منتشرة في القري والعزب والنجوع، ولا يكاد يخلو منزل من الحمام بداخله لتربيته بأنواعه المختلفة، وعلي مر السنوات تراجعت تلك الأبراج شيئا فشيئًا، حتي كادت تختفي باستثناء بعض الأماكن مثل طريق بحيرة قارون وقرية تونس، ومركز طامية، ونتيجة لتراجع الاقبال علي بناء هذه الابراج، يواجه العاملون في مهنة بناء أبراج الحمام صعوبة بالغة في تشييد تلك الأبراج خاصة وإن كانت علي مساحات كبيرة فهي تتطلب مواصفات معينة لتشييدها حتي تخرج في صورة جذابة. ويقول شعبان البنا أحد بنائي أبراج الحمام وتشييد الأبراج به خطورة بالغة حيث إن البرج الواحد يكون أقل ارتفاع له من 4 إلي 6 أمتار ويتم بناؤه بنظام الدوران وفي نهايته يتم إغلاقه علي 10 سم فقط وهو أمر غاية في الصعوبة لأنه من الممكن أن ينهار البرج إن لم يتم التدقيق في البناء والارتفاعات والحسابات الهندسية له، فالغلطة من الممكن أن تهدم البرج بالكامل، مشيرًا إلي أن آخر برج قام ببنائه في مركز طامية علي ارتفاع 6 أمتار وبه نحو 3 آلاف فخارة وهي العيون التي يعشش فيها الحمام، ويبدأ بناء البرج بطريقة عادية في بدايته حيث يتم بالبناء علي مترين مباني عادية ثم يقوم بتبليطها حتي لا تتمكن الثعابين من دخولها ثم يبدأ البناء بالطين والفخار وحسب ارتفاع البرج فمن الممكن أن يبدأ عدد عيون الفخار من 100 عين وحتي 3 آلاف عين وهو مكان إعاشة الحمامة وتضع بيضها فيه، ويتم إغلاق البرج عند 10 سم من الأعلي. ويشير إلي أن هناك عروقا خشبية توضع داخل البرج حتي يتمكن صاحبه من الصعود إلي أعلي البرج وفي نفس الوقت تكون حماية للبرج من الانهيار، لافتا إلي أن تكلفة البرج الواحد تتجاوز 25 ألف جنيه ويختلف حسب عدد الفخار الموجود به، والواحدة يبدأ ثمنها من 8 إلي 9 جنيهات، مؤكدًا أنه عقب الانتهاء من بناء البرج يشعر بما قام بإنجازه لأن بناء البرج به خطورة بالغة ولكن رغم خطورته إلا أنك تشعر بأنك قد قمت ببناء شيء مفيد.