في عام 1946 صدر كتاب رخا "صور ضاحكة"، يقول في مقدمة الكتاب: " هذه المجموعة تحمل اسما زائفا.. كله تمويه.. فإن من يقلب صفحاتها لن يجد بها صورا ضاحكة، ولكنه يجد صورا حزينة لعيوبنا الاجتماعية، صورا صارخة لخلافاتنا السياسية، صورا باكية لأخلاقنا المريضة ".. وحين اهدي رخا كتابه لمصطفي امين، كتب له يقول : عزيزي مصطفي بك.. لقد بدأت ارسم قبل ان تبدأ انت الكتابة في الصحف، ولكني لم اشعر بأنني رسام إلا حين بدأت العمل معك، لقد علمتني انت الرسم دون ان تكون رساما فإليك أهدي هذه المجموعة. وإذا كانت شخصية "ابن البلد" التي فكر فيها مصطفي وعلي امين والفنان رخا، تعد الشخصية الثانية الشهيرة في فن الكاريكاتير بعد شخصية المصري افندي لصاروخان التي ولدت من بنات افكار محمد التابعي، فابن البلد يمثل مصر ويشعر بهمومها ويتحدث في السياسة وكل شئ. وقد ظهرت شخصيته في العدد الصادر اول يوليو من عام 1941 بمجلة " الاثنين " والتي كان يرأس تحريرها مصطفي امين، وابتكار رخا شخصية " بنت البلد " عندما طلب منه مصطفي امين ان يرسم فتاة جميلة ترتدي الملاءة والبرقع الأسود وقد رسم رخا تابلوهات لهذه الفتاة التي كانت تحتل الصفحات الاولي من مجلة آخر ساعة، ومن بين شخصيات رخا الشهيرة تظل " رفيعة هانم " من علامات فنه ومن افكار علي امين. وتمثل المرأة المتسلطة التي تحكم زوجها وتوهمه في نفس الوقت بأنه هو الذي يحكمها، اما " قرفان افندي " فهي شخصية من وحي افكار رخا التي استوحاها من صديق له، وتصور الرجل الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب ولا يبتسم أبدا، ومن بين شخصيات رخا يجسد " ميمي بيه " الشاب المايص ثقيل الظل الذي يحاول ان يفرض نفسه علي البنات ويتصرف كدون جوان رغم أنه يتعرض للشتائم والضرب بصفة مستمرة، ويقول رخا إن نجيب الريحاني وراء هذه الشخصية، فقد استوحاها هو وبديع خيري من خلال رجل كان يشعر نجيب ناحيته بثقل الظل وكان يعتقد أنه ظريف ودمه خفيف، ويبقي " حمار افندي " هذا الشخص الذي يمشي وحاطط دماغه فوق ويدعي العلم والمعرفة، وهو لا يفهم شيئا ويقول كلاما كله جهل في جهل، ولاشك ان اجتماع الكاريكاتير الذي كان ينعقد بدار اخبار اليوم. كان له اكبر تأثير علي تلك الشخصيات التي عاشت، ومن بين أطرف ما حدث في هذا الاجتماع ما قاله رخا لرشاد كامل في حواره معه بمجلة "صباح الخير" : كان اجتماع الكاريكاتير أهم اجتماع عند مصطفي امين وكان يحضره علي امين وصاروخان ومحمد عفيفي وكامل الشناوي ومأمون الشناوي وأنا، وذات يوم جاء جليل البنداري غاضبا، وقال بسخرية: يعني كلكم عباقرة وكتَّاب فكاهة وانا كاتب بلاص! لازم اشترك معاكم ووافق علي امين ونحن معه، وبدأ جليل يحضر ومعه افكار كاريكاتير لمناقشتها مثل الباقين وكل فكرة يقولها نقول بايخة!.. وحشة.. وهكذا.. وذات اجتماع لم يحضر فاتصل به علي امين وأبلغه اننا لن نبدأ الاجتماع إلا بعد ان يأتي، وبعد ساعة وصل جليل ودخل حجرة الاجتماع. ثم اتجه ناحية سلة المهملات، وأخرج من جيبه شوية ورق ومزقهم ورماهم في الزبالة وقال: اختصارا للإجراءات.. ووقتكم الثمين.. وانفجرنا في الضحك، وأمر علي امين بصرف مكافأة مالية إلي جليل قائلا: هذه احسن نكتة عملها جليل.