وَسْط زِحام الوجوه التي تصطدم بها كل يوم، وكل هذا الصخب رأت وجهه مبتسماً. يملك عينين تكاد تغرق فيهما بين أمواج الرقة والحنان. كان يقترب من الأربعين؛ أما هي فكانت في الثلاثين من عمرها- أخذتها هاتان العينان، تعلقت بهما، نظر لها مبتسماً: هل يتأخر المصعد؟ أجابت والكلمات تتلعثم بين شفتيها: نعم.. لا..لا أعرف. وعلي غير العادة. جاء المصعد سريعاً. فتح الباب: تفضلي، الدور الكام؟ الحادي عشر. ساد الصمت.. بدأت العيون حديثها، كادت أن تسأله عن اسمه.. من هو؟ لماذا الآن.. لِم لم يأت من قبل؟ أسئلة كثيرة كانت تتدافع في رأسها. لكن المصعد حسم الصراع؛ وتوقف ليعلن عن أناس يحولون بينهما، أخذت تصطدم بالوجوه من جديد حتي التقت عيناهما فابتسما.. توقف المصعد ثانياً. ليعلمها أنها ابتسامة الوداع؛ خرج من المصعد وعيناها تتبعانه.. همت أن تلحق به، قبل أن تفعل أخذ المصعد قراره وأغلق الباب. نظرت إلي المصعد في حنق. لماذا لم يتأخر كعادته؟ لماذا لم يتعطل؟ لمَ لم ينقطع التيار الكهربائي؟ ولم تجد جواباً.. فأطلقت تنهيدة تملؤها الحسرة، بينما توقف المصعد في الدور الحادي عشر.