حان الوقت لتحرير الموصل.. اليوم بدأ تخليص أهلنا في الموصل من عنف وإرهاب داعش.. والكلمات قالها حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي عند إطلاقه إشارة البدء وسط قادة جيشه، لتحرير المدينة التي تعد ثاني أكبر المدن العراقية بعد العاصمة بغداد، وبعد تجهيزات وتقديم قدم وتأخير الأخري، خوفا من التنظيم الذي فرض سطوته علي كل شيء في الموصل من: شجر وأرض وسماء و... ناس! وبعد أخذ ورد مع حلفاء العراق من قوات التحالف، ومع حلفاء إقليميين آخرين أبرزهم: تركيا التي أرادت أن يكون لها موضع قدم في معركة التحرير، وإيران المترقية دوما للأحداث العراقية ومعها حلفاؤها الشيعة، وفوق كل هؤلاء قوات إسناد جوي مهدت الأرض لاستعادة المدينة المقهورة! ووفقا للمعلومات التي أوردتها وكالة الأنباء الفرنسية، فإن عدد القوات التي شاركت في عملية التحرير من الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية والحشد الشعبي العشائري والشيعي ومعهم قوات جاءت من تركيا، مع قوات جوية تابعة لقوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا، بلغ نحو عشرات الآلاف في مقابل نحو 6000 آلاف داعشي كان يتوقع تواجدهم داخل الموصل وحولها، في مرمي هذه القوات وفي الخفاء كما اعتادوا أيضا، مع إمكانيات كانت متوقفة باستخدام هؤلاء للكمائن المفخخة كما في حدث في الرقة بسوريا والفلوجة في العراق، مع احتمالات كانت غير مؤكدة لاستخدامهم الغازات السامة مثل: الخردل خاصة في إطلاق قذائفهم المعتادة للدروع والدبابات، مع احتمالات أضعف لاستخدام أسلحة أكثر تطورا لم يصل خبراؤهم بعد لإمكانيات كبيرة في إطلاقها. وحسب صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية فإن معركة تحرير الموصل هذه المرة اختلفت تماما عما حدث في يونية منذ عامين، حينما فر أفراد الجيش العراقي أمام مقاتلي داعش، تاركين وراءهم معداتهم، ووسط هتافات سكان المدينة الذين رحبوا وقتها بالتنظيم وصبوا لعناتهم علي الجيش العراقي. وهنا.. كما تقول صحيفة الإندبندنت البريطانية .. تبرز أهمية المعركة هذه المرة، فالجيش العراقي يعتبرها رد اعتبار لكبريائه العسكري واستعادة الهيبة التي أطاح بها تنظيم داعش، كما أنها ستعد دفعة نفسية معنوية كبيرة لتحرير باقي التراب العراقي من قبضة الدواعش، وبدء عمليات التعمير الحقيقية في ثاني أكبر مدينة عراقية، كما ستعد نجاحا غير مسبوق.. اللهم إلا في معركة تحرير الفلوجة .. لقوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا، وستكون بروفة هامة لتحرير مدينة الرقة السورية من قبضة التنظيم. وبالنسبة للدواعش.. فإن خسارتهم للموصل ستكون الطامة الكبري، خاصة بعد نكباتهم المتواصلة في العراق، بعد أن كانوا يسيطرون علي نحو 25% علي الأقل من التراب العراقي، كما أنها ستكون بداية لأفول نجمهم ليس في العراق وحدها، بل في سوريا حيث يسيطرون علي نحو 30% من التراب السوري، كما أن المعركة ستكون بداية النهاية الحقيقية لحلم »الدولة الإسلامية في العراق والشام» التي أراد أبوبكر البغدادي زعيم داعش إقامتها هناك كبداية لدولة الخلافة. ومن هنا أيضا.. كانت التدريبات والتجهيزات المستمرة وعلي غير عجل، للتحضير لتلك المعركة التي أعلن عنها أكثر من مرة ومنذ شهور طويلة، وبعد تدريبات معقدة أشرف عليها خبراء أمريكيون بالقرب من الموصل ذاتها، ووفق استراتيجية ثم التخطيط لها، بدأت بعمليات جوية مركزة وباستخدام أسلحة متطورة جدا ووفق معلومات دقيقة حول تمركز قوات التنظيم داخل وحول الموصل، إضافة لدعم قوات محلية لخوض تلك الحرب. وتوقع مركز الدراسات الاستراتيجية في لندن.. أن تكون المعركة حاسمة وعنيفة ولها توابع قد تستمر مدة طويلة للقضاء علي جيوب وكمائن التنظيم المفخخة. وبدت صعوبة ذلك .. مع الأنفاق والكمائن والألغام والعمليات الانتحارية، التي اشتهر بها التنظيم في مواجهة أي قوات، وهي التي مكنته منذ عامين من الدخول والسيطرة علي الموصل بنحو 1600 مقاتل فقط في مقابل نحو 25000 مقاتل نظامي عراقي وقتها! أما وقود الحرب في مثل تلك المعارك كما تقول صحيفة النيويوريك تايمز الأمريكية فهم المدنيون، وحسب إحصائيات شئون اللاجئين بالأمم المتحدة، فإن هناك في الموصل ما يقدر بنحو مليون ونصف مليون عراقي، نحو 700 ألف منهم محتاجون لتوفير كافة السبل المعيشية والصحية والخدمية.