كان من عادات البيوت المصرية القديمة وجود صندوق لكل ابن من أبناء الاسرة ولدا أو بنتا، وصندوق الولد كان صغيرا في حجمه بالنسبة لصندوق البنت لأن الولد يضع فيه اشياءه الخاصة ويتعلم من الصغر كيفية المحافظة علي مايقتنيه من أشياء وايضا يحافظ علي أسراره ولايطلع عليه الغرباء عن الاسرة، أما صندوق البنت فكان الاب والام يتنافسان في وضع ماتحتاج اليه من الرفائع والهدايا التي تساعدهما في جهاز البنت حين تكبر. وأتذكر وأنا صغير الصندوق الخاص بي الذي كنت أضع فيه ما أقتنيه من الكتب التي كنت أشتريها من مصروفي الخاص متوهما أنني أمتلك مكتبة خاصة بي مقلدا والدي رحمة الله عليه المفكر الاسلامي» الدكتور عبد الرزاق نوفل »الذي كان له حجرة خاصة بمنزلنا ممتلئة بروائع الكتب وأمهاتها في جميع المجالات وايضا بها مؤلفاته التي كانت تربط الدين بالعلم، وكم كانت فرحتي الكبري حينما قامت الاذاعية اللامعة نادية صالح بتسجيل حلقتها الاذاعية »زيارة لمكتبة فلان » مع والدي فازددت ارتباطا بصندوقي الصغير ومايحتويه من كتب وتعلقت حبا وشغفا بالقراءة، وفي هذه الفترة وجدت أن الحكومة تنشئ كثيرا من الصناديق مثل صندوق الموازنة الزراعية وصندوق دعم الاسمدة وصندوق تحسين الاقطان المصرية......الخ وتأكدت من أهمية وجود الصندوق ومرت السنوات والاعوام سريعا وظهرلنا صندوق جديد هوصندوق النقد الدولي الذي كلما تردد اسمه كثيرا تزداد الاسعار بعدها ويكثر الجدال والنقاش حول جدية التعامل مع هذا الصندوق وبدأ خوفي من الصندوق. وللأسف الشديد بعد ثورة يناير2011 م أصبحت تصريحات كل مسؤول في موقعه وكل برامج الفضائيات تستضيف من يتحدث عن الاصلاح فيكون بداية حديثه التفكير خارج الصندوق ؟؟؟ فوقعت في حيرة بين ارتباطي بالصندوق وأنا صغير ومطالبة الجميع لنا بالبعد عن الصندوق وان تكون أفكارنا من خارجه. ولكن والحمد لله شاهدت مساء يوم السبت 2016/10/15م حلقة الاعلامي عمرو أديب والتي استضاف فيها » الدكتور فاروق الباز»العالم المصري الذي تحدث بأسلوبه الهادئ وابتسامته التي توحي بالامل والتفاؤل ونبرة صوت العالم الواثق من علمه، وقدم اقتراحاته البسيطة التي تساعدنا في الانتهاء من مشروعنا القومي لاستصلاح واستزراع الواحد ونصف مليون فدان مؤكدا لنا جميعا توافر المياه الجوفية التي نحتاج اليها في خطواتنا التنفيذية بل أكد لنا وجود ثلاثة ملايين من الافدنه قابلة للزراعة واوضح أهمية انتاج مانحتاج له من غذائنا بل نقدم مايفيض لدينا لمن يحتاج وحتي نرد كما رد »عمرو بن العاص» علي أمير المؤمنين »عمر بن الخطاب» قائلا له : سوف نرسل لك قافلة من الابل محملة من مصر الحبوب والغلال أولها عندك في المدينةالمنورة وآخرها عندي في مصر. وتأكدت بعد حديثه الرائع أن العيب ليس في الصندوق إنما العيب كل العيب في من يتحدث وهو علي غير علم ومعرفة مفتقدا الثقة فيما يقول.