مازالت ردود الفعل المتباينة حول فوز بوب ديلان بجائزة نوبل في الآداب لعام 2016 مستمرة.. الدهشة ليس مصدرها قيمة بوب الفنية وإنما هل هذه القيمة تستحق جائزة نوبل في الآداب ، أم أي جائزة أخري وسجله حافل بهذه الجوائز التي لاقت ترحيبا كبيرا؟. الجدل حول نوبل، استدعي للأذهان مقالات كثيرة طرحت ذات الجدل، نخص منها المقال الذي نشر في جريدة ال "نيوزويك" بعنوان "هل بوب ديلان موسيقي أم شاعر؟"، وقد قدمت الجريدة رأيين، الأول للناقدة السينمائية دانا ستيفنز وهي ناقدة سينمائية أمريكية، ولدت عام 1966 وتكتب في مجلة سليت، كما تكتبت في عدة صحف أمريكيةعلي رأسها نيويورك تايمز واتلانتك ومالت في رأيها إلي أن بوب ديلان شاعر، أما الكاتبة الروائية والناقدة الأمريكية فرانسيس بروز التي ولدت عام 1947 ولها أكثر من عشرين مؤلفا متنوعا بين القصة والرواية والسيرة الذاتية، فقد مالت إلي انه موسيقي. ننشر في هذا الملف ترجمة لرأي دانا ستيفنز وفرانسيس بروز وكذلك ننشر ترجمة لعدد من قصائده. قالت الأكاديمية السويدية إنها لم تتمكن من الاتصال بالمطرب والموسيقي الأمريكي "بوب ديلان"؛ الحائز علي جائزة نوبل في الأدب لهذا العام، شخصيًا. قال "أود زيكيدرتش" مستشار الأكاديمية إنه تمكن من التواصل مع مدير أعماله ومسئول جولاته الموسيقية، ولم يتمكن من التحدث إلي بوب ديلان نفسه، وأضاف أن عدم تمكن الأكاديمية حدث من قبل أكثر من مرة، حتي بعد تطور وسائل الاتصال. أدي صمت "ديلان" حتي الآن إلي وضع الأكاديمية في موقف حرج، خاصة بعد عاصفة النقد التي واجهتها نتيجة قرارها بمنح الجائزة إلي كاتب أغانٍ للمرة الأولي في تاريخ الجائزة، وأصبح أول أمريكي يفوز بالجائزة منذ توني موريسون عام 1993. كان "ديلان" قد أقام حفلاً موسيقيًا علي مسرح "تشيلسي" في مدينة لاس فيجاس الأمريكية بعد ساعات من إعلان فوزه بجائزة نوبل، وقال مراسل صحيفة الجارديان إن الجمهور استقبله بحفاوة بالغة، لكنه كان شديد الهدوء علي المسرح، ولم يتطرق إلي موضوع فوزه بالجائزة علي الإطلاق، فقد اكتفي بالغناء ولم ينطق كلمة واحدة بين الأغاني. أصاب هذا أغلب جمهوره بالإحباط، فقد كانوا يأملون مُشاهدة فرحته بالحصول علي أرفع جائزة أدبية في العالم، كما أربك المُهتمين بالأدب لأنهم لم يعرفوا بعد ما هو رد فعله إزاء الفوز. يري البعض أن ما حدث يتفق مع طبيعة "ديلان"؛ إذ قرر الموسيقار الكبير اعتزال الناس منذ نهاية الستينيات، كما قرر أن يقتصر ظهوره العلني علي حفلاته الموسيقية، وألا يُدلي بتصريحات علي الإطلاق حول حياته الخاصة أو بشأن الأحداث الجارية. كان "ديلان" قد نال العديد من الجوائز العالمية في الموسيقي والغناء، واتسم رد فعله بالهدوء كذلك. وكان موقع "ديلان" الرسمي علي تويتر قد اكتفي بنشر تغريدة عن خبر فوزه بالجائزة، وإعادة نشر تغريدة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" التي أعرب فيها عن سعادته بفوز مطربه المُفضل، وأحد أفضل الشعراء بالنسبة إليه، بجائزة نوبل. نقلت صحيفة واشنطون بوست عن بعض المُقربين إليه إنه ظل صامتًا بعد علمه بالخبر، كما نقلت عن صديقه المُقرب "بوب نيوورث" أن "ديلان" قد لا يعترف حتي بتلك الجائزة. فتح هذا التصريح باب التكهنات حول احتمال عدم حضور ديلان حفل توزيع الجوائز المُزمع إقامته في العاشر من ديسمبر القادم، ليتسلم كل فائز نحو تسعمائة ألف دولار أمريكي، وميدالية تذكارية. قد لا يعني صمت "ديلان" رفضه للجائزة، لأن الرفض يأتي عقب إعلان الخبر في الغالب، كما حدث عام 1964، حين رفض جان بول سارتر الجائزة فور علمه بالفوز. ربما كان تجاهله نوعًا من اللامُبالاة كما فعلت الكاتبة البريطانية الكبيرة "دوريس ليسنج" عام 2007، حين علمت بأمر فوزها من الصحفيين فور عودتها من السوق، فلم تهتم بالأمر، وقالت بهدوء شديد: "ربما شعرت بالإثارة لو أنني فزت بالجائزة منذ ثلاثين عامًا".