«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جائزة نوبل للآداب: أمثولة الغموض والنقلة النوعية الخطيرة هذا العام
نشر في صوت الأمة يوم 15 - 10 - 2016

رغم أن جائزة نوبل للأدب منذ بدايتها كانت غامضة في المعايير وقابلة لتأويلات مثيرة للحيرة ، فإن ما حدث هذا العام عندما منحت لموسيقي أمريكي يحولها إلى "أمثولة للغموض وشفرات المعاني وأشارات اللغة السرية التي لن تكشف إلا بعد نصف قرن".
فمع الإعلان أمس الأول "الخميس" عن منح جائزة نوبل في الآداب للفنان الأمريكي بوب ديلان كانت أم الجوائز الأدبية العالمية تشهد "نقلة نوعية خطيرة" حدت بالبعض للقول بأن للأدباء أن يبحثوا عن جائزة لهم غير جائزة نوبل للآداب.
وبعيدا عن أي إجحاف لقيمته كمبدع كبير في دنيا النغم وعالم الأغنية فان القضية لاتتعلق بموهبته في مجاله الغنائي والموسيقي وانما تنصب على مدى احقيته بنيل الجائزة الكبرى المخصصة للآداب فهو "موسيقي غنائي عظيم لكن هل يمكن القول انه اديب عظيم" ؟! .
فحتى في الصحافة الأمريكية وفي صحيفة بحجم "نيويورك تايمز"، هناك من طرح علامات استفهام وتعجب بعد الإعلان امس الأول "الخميس" عن فوز بوب ديلان بجائزة نوبل للآداب فيما رأت آنا نورث انه يستحق بلا جدال العديد من جوائز جرامي الموسيقية المرموقة في الولايات المتحدة والتي نالها على مدى مسيرته الغنائية ، انما الجدل كله يدور حول مدى استحقاقه لأم الجوائز الأدبية العالمية.
ولاريب ان لجنة جائزة نوبل للآداب قد احبطت الكثير من الأدباء بمنحها الجائزة هذا العام لهذا الفنان الأمريكي الذي يرى كثير من المعلقين في الصحافة الغربية انه لايمكن وصفه "بالكاتب الكبير كما انه ليس بالشاعر العظيم".
ومن هنا تتكاثر غيوم الشكوك وتتوالد اسراب الأسئلة حول مستقبل جائزة نوبل للآداب بعد ان صنعت الأكاديمية السويدية مفاجآة مدوية هذا العام بمنح جائزة نوبل للآداب للمغني وكاتب الكلمات الأمريكي بوب ديلان ، يما كان اسم هذا الأمريكي البالغ من العمر 75 عاما غير مطروح على اغلب قوائم اغلب التوقعات "لأم الجوائز الأدبية العالمية" والتي غاب عنها العرب منذ 28 عاما.
وتلك هي المرة الأولى في تاريخ الجائزة العتيدة التي يحصل فيها مغني وكاتب أغاني على جائزة نوبل للآداب بينما ذهبت لجنة نوبل الى انها منحت الجائزة لهذا المغني العالمي "لنجاحه في ابداع تعبيرات شعرية جديدة في سياق تقاليد وتراث الغناء الأمريكي" وان كانت قد اقرت بوضوح بأن قرارها بمنح الجائزة لبوب ديلان "يبدو مفاجأة".
وقد يجد اختيار لجنة نوبل هذا العام مدافعين على اي حال لن يعدموا حججا ودفوعا في مواجهة المنتقدين مثل الحديث عن قوة التأثير الطاغي لبوب ديلان في الثقافة الشعبية الأمريكية ونجم ساطع في سماء موسيقى الروك او التنويه بأنه "كاتب كلمات غنائية لايشق له غبار".
ورغم انه من اشهر الوجوه الغنائية في الولايات المتحدة والغرب ككل وذاع صيته في "دنيا موسيقى الروك الشعبية" كما ان اغانيه تنميز بنبرة احتجاجية تلقى هوى في نفوس الشباب والعمال والنشطاء الحقوقيين فهاهي العواصف الغاضبة قد بدأت تهب بقوة غربا وشرقا بعد منح جائزة نوبل في الآداب لبوب ديلان.
وها هي "آنا نورث" تكتب في صحيفة "نيويورك تايمز" :"نعم السيد ديلان كاتب غنائي متألق..نعم له كتاب في الشعر المنثور وسيرة ذاتية..ونعم يمكن تأويل كلمات اغانيه كنوع من الشعر..ولكن كل مايكتبه السيد ديلان جزء لايتجزأ من الموسيقى التي يبدع فيها..انه عظيم لأنه موسيقي عظيم..وعندما تمنح لجنة نوبل جائزتها في الآداب لموسيقي فانها بذلك تضل السبيل المكرس لتكريم الأدباء" .
ولو انصفت لجنة نوبل لأستحدثت جائزة للموسيقى تمنحها لبوب ديلان وغيره من كبار الموسيقيين ورواد ومبدعي الأغنية بدلا من ان تمنح له "ام الجوائز الأدبية العالمية" لتثير المزيد من احباط الأدباء وسادة الكلمة واساطين السرد ونجوم الشعر في وقت تتراجع فيه القراءة على مستوى العالم كما لاحظت بحق "آنا نورث" لتقول انه في ظل وضع كهذا تتعاظم الحاجة للجوائز الأدبية اكثر من اي وقت مضى.
فعندما يفوز اديب بجائزة كبرى في قيمة وقامة جائزة نوبل للآداب لابد وان تشهد مبيعات كتبه قفزة ان لم تكن طفرة على مستوى العالم حتى لو كان معروفا في بلاده وتترجم اعماله اكثر واكثر لمزيد من اللغات كما حدث مع النوبلي المصري نجيب محفوظ بمجرد الاعلان عن فوزه بهذه الجائزة.
وقد يكون الأهم في هذا السياق ان منح جائزة نوبل في الآداب لروائي او قاص او شاعر يعني تأكيد ان الرواية والقصة والشعر مازالت تشكل ابداعات تهم الانسانية وجديرة بالتقدير العالمي في خضم مسارات الابداع البشري في كل المجالات ومن بينها بطابع الحال الموسيقى والغناء التب نال بوب ديلان مايكفي من جوائزها سواء كانت جوائز جرامي او جولدن جلوب فضلا عن جائزة اوسكار لأفضل اغنية في فيلم سينمائي .
ومع المفاجآة التي انطلقت امس الأول من العاصمة السويدية ستكهولم ، بدت لجنة نوبل في حالة استعداد لكثير من العواصف الغاضبة التي ستتعرض لها جراء هذا الاختيار وانها ستعاني من "خريف غضب أدبي يسود العديد من الدوائر والمنابر الثقافية"وهو ماتجلى في قول الأمينة الدائمة للأكاديمية السويدية سارة دانيوس للصحفيين :"يراودنا الأمل في الا يثير هذا الاختيار انتقادات للأكاديمية" فيما اقرت بأن القرار يبدو مفاجآة .
ومع كل التقدير والتفهم لما قالته سارة دانيوس في سياق تبريرها منح جائزة نوبل في الآداب هذا العام لموسيقي بأن "الزمن يتغير" فان الأمر هنا قد لايكون له علاقة كبيرة بمفاهيم تغير الزمن وانما اقرب لمنح جائزة نوبل في الكيمياء لباحث في الفيزياء والعكس صحيح او منح اهم جائزة في الموسيقى مثلا لروائي بكل ماينطوي عليه ذلك من التباسات وارتباكات لامبرر لها!.
وفي مواجهة هذه الالتباسات والارتباكات غير المبررة قد يحق لأي أديب ان يرد ببساطة على اصحاب قرار منح اهم جائزة ادبية عالمية لموسيقي امريكي بأن للموسيقى جوائزها المعروفة والشهيرة عالميا وان الموسيقيين واهل الغناء يستحقون كل التقدير والتكريم ولكن بعيدا عن الجوائز المكرسة لأهل القلم والمبدعين نثرا وشعرا.
ولئن كانت لجنة جائزة نوبل تبحث عن التجديد وتؤمن بتغير الزمن وتسعى لمخاطبة الأجيال الجديدة ومنح رأس مال ثقافي جديد للجائزة العريقة "فما هكذا تورد الابل" كما يقول التراث العربي الحكيم لأن هناك من السبل مايمكن ان يحقق ماتريده اللجنة بعيدا عما فعلته هذا العام عندما منحت أم الجوائز الأدبية العالمية لأيقونة امريكية في الموسيقى والغناء !.
فقد كان بوسع لجنة جائزة نوبل ان تمنح جائزة الآداب لكتاب انجزوا الكثير من التجديد والابتكار في الصيغ والقوالب والأشكال الأدبية الحداثية مثل الروائية الأمريكية جينيفر ايجا نا والكاتب الأمريكي والنيجيري الأصل تيجو كولي او الشاعرة الكندية آن كارسون كما افترضت آنا نورث برؤيتها الثاقبة التي تجلت في طرحها بصحيفة نيويورك تايمز اعتراضا لمنح الجائزة للموسيقي الأمريكي بوب ديلان.
وقد تثير المقارنة التي عقدتها الأمينة الدائمة للأكاديمية السويدية بين كلمات بوب ديلان واشعار هوميروس وصافو ضحك الكثيرين من محبي الآداب العريقة والابداعات الخالدة لاثنين من اعظم الشعراء الذين قدمتهم الحضارة اليونانية العريقة للانسانية وقد "يكون بالفعل هذا الضحك هو "ضحك كالبكاء" !.
وحتى في مجاله الفني الغنائي فان بعض النقاد يأخذون على بوب ديلان انه "موسيقي اكثر منه مؤلف" وان كانت لجنة جائزة نوبل سعت للتقليل ايضا من حدة هذا الانتقاد بقولها ان نغماته وألحانه تنشر دوما في طبعات جديدة كما انه لم يكن بعيدات عن مغامرات تجريبية في عالم الفن.
واذا كان الأمر يتعلق برغبة لجنة جائزة نوبل في ترضية "العم سام" الغاضب لأنه منذ أن فازت الكاتبة الروائية توني موريسون بجائزة نوبل في الآداب عام 1993 لم يفز اي امريكي بهذه الجائزة فان هناك الكثير من الأدباء الأمريكيين كان يمكن منح جائزة هذا العام لهم دون اثارة كل هذه الاشكاليات بمنحها لموسيقي امريكي ربما لم يكن بحاجة ابدا لتلك الجائزة!.
وفيما سعت سارة دانيوس الأمينة الدائمة للأكاديمية السويدية لتقليل حدة العواصف بعد "مفاجآة الخميس" بقولها :"بالطبع بوب ديلان يستحق الجائزة وهاهو قد حصل عليها" فان السؤال المقابل من الذي يستحق الجائزة اكثر بين المبدعين الأمريكيين :"الموسيقي بوب ديلان ام الروائية جويس كارول ومواطنها الروائي دون ديليلو" ، ناهيك عن الأسماء الأمريكية المجددة في عالم الأدب والتي طرحتها آنا نورث في صحيفة نيويورك تايمز"؟!.
وآنا نورث تحدثت ايضا بضمير المثقف النقدي الحر والمستقل عن "تغييب جائزة نوبل للآداب عن المبدعين في العالم النامي" لتقول انهم يتعرضون لحالة اقصاء مؤلم من جانب لجنة جائزة نوبل وان نسبة تمثيل العالم النامي او عالم الجنوب فيما يتعلق بالمتوجين بجائزة نوبل للآداب مثيرة للأسى فيما رأت ان شاعرة شابة قادمة من عالم الجنوب مثل الصومالية وارسان شاير التي تبدع بالانجليزية في لندن احق بالجائزة من بوب ديلان.
وكان ناقد له شأنه في الصحافة الثقافية الغربية هو جون دوجدال قد توقف عند الحقيقة المتمثلة فى انه منذ حصول الأديب والكاتب المصرى الراحل نجيب محفوظ على جائزة نوبل للأدب عام 1988 لم يتوقف قطار نوبل أبدا عند اى مبدع عربى كما ان نجيب محفوظ هو الوحيد فى العالم العربى الذى حصل على هذه الجائزة وأحد اربعة ادباء فحسب على مستوى القارة الافريقية كلها توجوا بنوبل للآداب.
واذ تبلغ القيمة المادية لجائزة نوبل للآداب ثمانية ملايين كرونة سويدية او مايعادل 972 الف دولار امريكي فان منحها لهذا الفنان الأمريكي من جانب 18 عضوا في الأكاديمية السويدية يعني خيبة مراهنات سابقة شملت الأمريكي فيليب روث والياباني هاروكي موراكامي ناهيك عن الايطالي امبرتو ايكو والتشيكي ميلان كونديرا والألباني اسماعيل قدري.
وكذلك فان هذه الجائزة التي يشوبها الغموض منذ بداياتها وهو غموض يمتد حتى على مستوى وصية مانحها ألفريد نوبل وطال المفهوم الذي كان يقصده عندما تحدث عن منحها لأعمال بارزة في الاتجاه المثالي خيبت اليوم ظنون هؤلاء الذين توقعوا منحها للشاعر والكاتب السوري الأصل احمد علي سعيد الشهير ب"ادونيس" والكيني نجوجي واتينجو والصومالي نور الدين فرح والكرواتية دوبرافكا اوجاريسك، فضلا عن المصرية نوال السعداوي التي يتردد اسمها ضمن التوقعات.
وتتحدث الصحافة الثقافية الغربية عن خلافات وراء الكواليس بين أعضاء الأكاديمية السويدية حول جائزة نوبل للآداب هذا العام ادت لتأخير الاعلان عن اسم الفائز بالجائزة خلافا لما جرت عليه العادة في الأعوام الماضية.
ولئن ذهبت الجائزة الكبرى هذا العام لصاحب ألبوم "بلوند اون بلوند" الذي ذاع صيته في عالم أغاني الروك منذ نحو نصف قرن فان الأمريكيين أنفسهم بدوا في حيرة تعكر صفو احتفالهم يحتفلوا بفوزهم بجائزة نوبل في الآداب التي اشتاقوا لها طويلا منذ عام 1993 فيما كانت لجنة الجائزة تتحدث من قبل عن "عزلة الأدب الأمريكي" وتأخذ عليه "انفصامه وانفصاله عن بقية العالم".
وبين عامي 1901 و2016 بلغ عدد الفائزين بجائزة نوبل في الآداب 113 أديبا من بينهم المصري نجيب محفوظ والذي يعد حتى الآن أول وأخر أديب عربي يفوز بأهم جائزة ادبية عالمية فازت بها اسماء مضيئة في عالم الابداع مثل الكولومبي جابرييل جارسي ماركيز وارنست هيمنجواي وتوني موريسون.
ومن المعروف ان كل الوثائق الخاصة بالمداولات حول اختيار الفائزين بجوائز نوبل تبقى طي الكتمان ولايسمح بنشرها الا بعد مرور 50 عاما عليها وحسب ستورة الين من الأكاديمية السويدية فان جائزة نوبل في الآداب تمنح للجدارة الأدبية دون انحياز لأي دولة او قارة او مجموعة لغوية او ثقافة ومن ضمن شروط منح هذه الجائزة ان يكون الكاتب قد انتج أدبا "الأكثر تميزا" وذا "اتجاه مثالي" وهو شرط ظل موضع تفسيرات وتأويلات مختلفة منذ ان منحت الجائزة لأول مرة عام 1901 للشاعر الفرنسي رينيه بردوم.
واذا كان الأديب الياباني هاروكي موراكامي قد ابدى امتعاضا من مسألة طرح اسمه كل عام في العقد الأخير ضمن مايعرف بقوائم المرشحين لجائزة نوبل للآداب معتبرا باستنكار ان الأمر يشبه المراهنات على الخيل في السباقات فان المفكر والأديب الفرنسي الراحل جان بول سارتر قد رفض قبول جائزة نوبل في الأدب بعد اعلان فوزه بها معتبرا ان اي جائزة حتى لو كانت جائزة نوبل تعكس حكم الآخرين وتعني تحويل الفائز بها الى مجرد "شيء بدلا من كونه ذاتا انسانية" وهو ما يتناقض مع فلسفته الوجودية التي اشتهر بها في العالم كله.
وبفوز الموسيقي الأمريكي بوب ديلان بجائزة نوبل في الآداب هذا العام تكون جائزة نوبل للآداب قد شهدت بالفعل نقلة نوعية خطيرة تتجاوز بكثير ماكان يقال في السابق حول منتدى جمع مابين الطالح والصالح وبين عمالقة مثل طاغور وويليام بتلر ييتسوجابرييل ماركيز ونجيب محفوظ واخرين يمكن وصفهم بالمغمورين مثل الشاعر السويدي الراحل توماس ترانسترومر الذي فاز بهذه الجائزة عام 2011 ليثير فوزه الكثير من عواصف الغضب في الغرب الثقافي.
ولكن ماالذي يمكن ان يقوله الغاضبون منح جائزة نوبل للآداب لشاعر سويدي في عام 2011 بعد ان منحت عام 2016 لموسيقي امريكي ؟!.. ولئن كانت المسألة ككل تثير تساؤلات حول السجل الفظيع لجائزة نوبل فى الأدب منذ منحها لأول مرة عام 1901 وتجاهل روائى عملاق فى قامة وحجم الكاتب الروسى العظيم ليو تولستوى فانها هذا العام تحولت الى لغز ومفارقة حقيقية.
الموسيقي بوب ديلان ليس بحاجة لجائزة نوبل في الأدب ولكن الأدب بحاجة لجائزة نوبل وها هو يجد نفسه هذا العام يتيما بعد ان ضلت الجائزة الكبرى طريقها وذهبت لعالم الموسيقى والنغم!..يا لها من امثولة للغموض والاشارات الخفية واللغة السرية تلك الجائزة التي تداعب اذهان نجوم الابداع العالمي في الرواية والقصة والشعر !..يا لها من جائزة تحولت الى تميمة حافلة بالأعاجيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.