اشتهرت مساجد مصر منذ قرون بمآذنها المتميزة التي تحولت علي مدار الزمن إلي فن جميل يبهر الجميع، ويمنح كل مسجد شخصية مستقلة عن غيره، وفي التاريخ المعماري كان للمآذن أو منارات السماء كما يطلق عليها عدد من المؤرخين دور واضح في تطور فن العمارة الإسلامية.. وفي عصرنا الراهن لم يقل الاهتمام بجماليات المآذن، التي تحولت إلي صناعة فنية تتطلب مهارات خاصة ممن يقوم ببنائها. حمدي جابر ابن محافظة بني سويف واحد من البنائين القلائل الذين اشتهروا باجادته فن بناء المآذن، ونجح في تشييد أكثر من 90 مئذنة بمختلف المحافظات وعدد كبير منها في محافظة الفيوم، ورغم انه لم ينل نصيبا من التعليم الهندسي، إلا أن الخبرة الكبيرة التي تلقاها علي يد معلمه »محمود حسن طه»، الذي يعتبره واحدا من أهم من عملوا في بناء المآذن جعلته قادرا علي تصميم وبناء العشرات من النماذج المعمارية الجميلة التي تحظي باعجاب كل من يشاهدها وهي ترتفع في عنان السماء لتشهد له بالبراعة والقدرة الابداعية، حتي ولو كان مجرد عامل بسيط لم يتعلم أصول الهندسة في الجامعات.. لكنه تعلم الحرفة والمهارة في مدرسة الحياة. يقول حمدي جابر 41 سنة ان مهنة صناعة المآذن ليست بالمهنة السهلة بل تحتاج إلي تركيز وتفكير وقلب من حديد حتي تخرج المئذنة بالشكل اللائق وتبهر كل من يشاهدها، فأقل مئذنة يكون ارتفاعها 15 مترًا وتصل في بعض الاحيان إلي 60 مترًا في المساجد الكبري وإن لم يتم اتقان صناعتها لن تخرج بالمظهر اللائق فعملية البناء تتطلب صب الخراسات الأسمنتية والتي يكون طولها حوالي نصف متر وعرضها يتفاوت بين 15 و 30 سم ويتم استخدامها كسلالم داخل المئذنة وتبدأ رحلة البناء علي شكل دائرة وهي في غاية الصعوبة حيث يتم استخدام الطوب الأحمر الوردي وتبدأ عملية الإبداع في التصميم. ويشير »حمدي» الي أنه قام بصناعة المآذن في معظم محافظات مصر إذ أنه يتم طلبه بالاسم لخبرته في هذا المجال وقد قام ببناء نحو 90 مئذنة في مختلف المحافظات هو وزميل له في محافظة الشرقية، وكانت أخر مئذنة قام بتشييدها في قرية شكشوك الواقعة علي ضفاف بحيرة قارون واستغرقت عملية بنائها 13 يومًا، وفي الغالب فإن بناء المئذنة يستغرق من 10 إلي 15 يومًا لأن عملية البناء تتطلب قواعد خرسانية قوية تكون مساحتها نحو 4 أمتار مربعة في مثلهم ويتم تقسيم المئذنة إلي 4 مستويات تبدأ بالبداية في إقامة القواعد الخرسانية والتي يتم استخدامها كسلالم في داخل المئذنة ، إضافة إلي جسم المئذنة نفسه والذي يتكون من بناء داخلي من الطوب الأحمر العادي ويغلفه طبقة من الطوب الأحمر الوردي، ويتم تشييد جسم المئذنة ليخرج بالشكل الذي يشاهده وكأن من قام بتشييدها مهندس خبير. ويضيف أن لديه القدرة علي التصميم والتنفيذ لتخرج المئذنة في شكلها النهائي وبها الرسومات التي تزينها وتبهر كل من يشاهدها.